هل يسع فقه الرجل الجمع بين الأختين بعد جواز زواج المسلمة من الكتابي؟ يصعب الكتابة عن رجل بقامة الترابي أو شيخ حسن كما يحلو لبعض تلاميذه.. الرجل يعرفه أعداؤه قبل أصدقائه.. عدة عوامل صنعت التناقض في فكره مابين موروث ومكتسب.. التنشئة الدينية والسياسية لها دور هام في حياته وهي معادلة صفرية فك طلاسمها من خلال تتبع مسيرته يحتاج الى جهد حيث انه يجمع صفتي مفكر وسياسي وهذا القلق لازمه منذ طفولته حتى كهولته حيث لا ينكر ذكاءه ومكره ودهاءه الا مكابر ولذلك غلبت السياسة الفكر، ولكن بقدر ما انجز وأدهش الجميع في صنع رجال حول الحركة الإسلامية بناهم بالدم والعرق والدموع ارتمى أسفًا عليهم بالهدم.. ويقول علماء النفس هذا جزء من تركيبة شخصيته المزاجية التي يغلب عليها طابع العناد والاختلاف والصراع.. اذا تتبعنا مسار الرجل نجد انه كثيرًا ما يناقض نفسه بنفسه اذ يحمل صفة مفكر إسلامي ساخر وهذا ضد الإسلام نفسه، حيث نهانا الله سبحانه وتعالى عن السخرية والهمز واللمز وبدأ ذلك عندما عاد من الخارج ووجد على قيادة الحركة الاسلامية الرشيد الطاهر بكر والصادق عبد الماجد والحبر يوسف نور الدائم وجعفر شيخ ادريس فعمل كل المستحيل في سبيل ابعاد هذه الجماعة حتى يجلس على قمة الحركة الاسلامية، ويشهد له انه ذهب بها بعيداً الى مشاركة الأحزاب التقليدية الوجود في الشارع السوداني حتى الانقلاب على الديمقراطية 1986م ورحلة الخدعة التي عاشها العالم مازالت بين المدح والذم.. يعتبره أنصاره هو عراب نظام الإنقاذ وهو شريك في إيجابيات وسلبيات النظام، ويعتقد نظراؤه في القوى السياسية هو الذي وأد الديمقراطية، وهنا تظهر جيدًا المعادلة الصفرية، كيف من خلال عقدين من الزمن تقدم مشروعًا اسلاميًا شاملاً لمناهج الحياة وبعد عقد من الزمان تنقلب عليه؟! وهنا ايضاً يظهر التشاكس من جديد مابين اخوته بالامس وتلاميذ اليوم. اذا كان الرجل يفعل هذا داخل جماعته الواحدة فكيف بالآخرين؟ وحتى العوام من الناس كانوا يسألون كيف لرجل يبشر بالجهاد والاستشهاد والجنة ويتراجع؟! كيف برجل يناهض الفكر الغربي ويرتد؟! كيف برجل يعمل كل شيء من اجل سلطة لتمكين الدين ويتراجع عنها؟! حقيقة جملة من الاستفهامات كانت حائرة عند غالب الناس.. والمفكرون عجزوا عن فك العلاقة بين الشيخ المفكر والدكتور السياسي، وهذه العلاقة من آرائه الفقهية محل الخلاف أصلاً عند الفقهاء من إمامة المرأة وزواج المسيحي من المسلمة والحجاب وعذاب القبر وليلة القدر وغيرها من آراء لم تجد القبول عند المسلم البسيط، وقد تسببت هذه الآراء في فقدانه لكثير من المسلمين لاجتهاداته الفكرية وحتى حزب المؤتمر الشعبي تضرر كثيرًا في بعض المواقف السياسية وهو الذي استنفر الشباب الى ساحات القتال في الجنوب ونصرة المسلمين من اجل اعلاء كلمة الله وهو نفسه الذي نعت الشهداء بعد المفاصلة مباشرة وكيف يستقيم هذا... كل الافكار من تجييش الشعب والتمكين وغيرها انقلب عليها الدكتور وترفّع عنها وبات يعرض بضاعة بائرة، وهذا ما افقده بريقه ومصداقيته وسط المسلمين والشعب السوداني وأصبح محل تندر واستخفاف عند اهل المذاهب الفقهية الأخرى، من اقصى اليمين الى اليسار.. غالب الشامتين يرددون هي لله هي لله لا للسلطة ولا للجاه. حاول بعض المحللين والمفسرين والمراقبين إيجاد عذر للرجل في خلافه مع تلاميذه وتركه للسلطة مابين المسرحية والحقيقة، وحتى خطابه ابان المفاصلة لم يكن مقنعًا تارة يتحدث عن فساد النظام وأخرى عن ضغوط خارجية، وما بين هذا وذاك اختار شق صف الحركة الإسلامية بحزب جديد ليكرر نفس التجربة.