ونركض وراء الإلهام ويأتينا في رائحة المطر، الغيوم، العواصف، النهر، البحر، العنف، سماع او قراءة ابيات من الشعر تهز الأحساس فينا، قد يكون الوقوف على مقطع من رواية تستفز الكتابة.. أو حتى مجرد الإصغاء إلى صوت الصمت ذات صباح هادئ يتلبسه الغموض.. كلها مسببات لما نسميه الإلهام، الإلهام لإنجاز أدبي، ذهني جديد أو حتى الإلهام لإنجاز ما تكاسلنا زمنا عن اتمامه.. ويقولون إن الإلهام هبة تمنح للمرء بعد توافر شروط معينة في شخصيته .. إذن فليحمد الله كل من يتفاعل مع ما يحيط به أو يتعاطى معه في بيئته.. ونعوذ بالله من كل تبلد يحيط بنا.. يقولون إن الشيخوخة تذبل القدرة على تلقي الإلهام، وإن القدرة على تلقيه تصل القمة في مرحلة الشباب.. ولكن أليست الشيخوخة حالة نسبية.. فهناك من يشيخ شاباً وهناك من يظل شباباً رغم مرور الكثير من السنوات!! هناك من يزعم أن كثرة النوم تؤدي إلى الخمول الإلهامي، وعلى العكس من ذلك هناك من يؤكد أن السهر يجلب الإلهام.. يقال إن فولتير كان يدمن شرب القهوة ويعيد خادمه ملء فنجانه كلما فرغ ! وكل ذلك ليظل مستيقظاً ملهماً!! ونجد أن بعض الأدباء يبحثون وينقبون عما يشعل إلهامهم أو يخدم عملهم الأدبي.. يسافرون.. يتعايشون مع بيئات تتناولها أعمالهم.. ونقرأ أن ماركيز يسافر إلى مناطق بعينها، فيتعايش ويتشبع بتفاصيل تأتي إبداعاً خالداً فيما بعد.. وتحدثنا غادة السمان عن خروجها مع الصيادين إلى البحر عدة مرات.. وهي الخلفية الأساسية لروايتها «بيروت 75». وغيرهم من يخدمون كتاباتهم وحتى دواخلهم من أجل أعمال أكثر صدقاً، وبالتالي أكثر متعة وإبداعاً.. وكم نُسْتَفَزُ عندما تقع بين أيدينا أعمال فطيرة باهتة تبعث فينا الغيظ بدلا من الإلهام أو الحماسة.. مجرد لحظة يقظة منعشة وكفى.. تثبت لنا كم حولنا من ملهمين ومبدعين.. وأننا مازلنا أحياءً نرزق ونتذوق!!