لا بد أن نتنبه جميعاً إلى ما يحاك في الخارج وخاصة في الولاياتالمتحدة وحليفاتها الغربيات لتصعيد قضيتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وإلحاقها بقضية دارفور المستعرة أصلاً، ويتم استخدام كل ذلك لاستهداف السودان والنيل منه، فما يجري من ترتيب دقيق للمسرح الدولي لعرض تمثيلية مكررة حول الإبادة الجماعية والاضطهاد العرقي والتعذيب وتجارة الرقيق وغيرها من التهم البائدة والباطلة، هو ما يتوجب الاستعداد له ومواجهته بقوة، والتحرك الفوري قبل أن تثور النار من مستصغر الشرر. هناك تحالف دولي جديد من منظمات يهودية ومسيحية متطرفة في أوروبا وأمريكا، تستقطب وتنشط منذ فترة في حشد مناهضي النظام في الخرطوم وتأليب المجتمع الغربي ضد السودان، بحجة أن هناك جرائم وفظائع ترتكب في جنوب كردفان وقبلها كانت في دارفور. والمخطط كشفت عنه الحركة الشعبية قبل انفصال الجنوب عندما أيقنت بفشل مشروعها السياسي «السودان الجديد»، ووجدت أن المجتمع السوداني الأصيل لا يمكن خداعه، وأن السلطة الحاكمة قوية وقادرة على إجهاض أي مخطط لزعزعة الأوضاع وكشط حقائق بائنة كالشمس تقول بأن مكمن القوة في السودان في هويته، وانتمائه لتوجه أصيل، وقدرته على البقاء مهما كان الاستهداف والتدبير. ولذا لجأت الحركة الشعبية إلى الإعلان عما يسمى الخطة «ب» التي صرح بها باقان أموم وعرمان وغيرهما من قيادات الحركة الشعبية آنذاك التي كانت تتوهم أنه إذا فشل مخطها الأول، تستدعي خطتها الثانية التي قوامها تفجير الأوضاع في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور، وتمهيد الطريق لتدخل المجتمع الدولي. وبانت الآن الخطة «ب» من تحركات حكومة دولة جنوب السودان ودعمها لعملائها في جنوب كردفان والنيل الأزرق وحركات دارفور المسلحة، وتسعى كما هو كائن الآن لخلق تحالف عسكري وسياسي من توابعها هذه، وتدريبها وترتيبها للهجوم على مركز السلطة في الخرطوم بعد ضمان مساعدة ما يسمى المجتمع الدولي. وحدثت تحركات وزيارات سرية لدول غربية «الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا» ودولة إسرائيل، لجعل هذا المخطط ممكناً وقيد التنفيذ، وعقدت لقاءات في نيويورك وواشنطون شارك فيها أعضاء من الكونغرس ومجلس الشيوخ وبعض رجالات أجهزة المخابرات الأمريكية ومنظمات غير حكومية ناصبت السودان العداء طيلة الفترة الماضية، وانتقلت اللقاءات والاجتماعات إلى العاصمة البريطانية لندن لذات الغرض، لتكثيف العمل الدعائي ضد السودان وتجميع المنظمات المعادية له، وتهيئة الإعلام الدولي لتشويه صورة بلادنا، وإيهام الذئاب بسهولة الهجوم عليه والتهامه. وبذات الطريقة التي تم بها تصعيد قضية دارفور وصناعة صورة منمطة عنها، يجري الآن تنفيذ هذا المخطط الخبيث، خاصة باستقدام شهود زور من أبناء جنوب كردفان للحديث عن فظائع الحرب، وتلفيق الشهادات المزيفة عن الأشلاء والدماء والقصف الجوي، وغيرها من تلك الأباطيل التي أُثيرت في قضية دارفور. ومن هنا لا بد من التوقف قليلاً عند الأداء السياسي والإعلامي والدبلوماسي لحكومتنا في مواجهة ومجابهة ما يحدث. ولا بد في البداية من الإقرار بأن الحكومة مازالت بعيدة عن وضع تصور جاد ومتكامل وعملي لمواجهة المخطط الغربي والخطة «ب»، فمن الناحية الدبلوماسية لا تبدو بعثتنا في الأممالمتحدة على خلفية ما حدث في القرار «2003» الصادر عن مجلس الأمن الدولي الذي تم بموجبه التمديد لقوات اليوناميد لمدة عام، لا تبدو مؤهلة لقيادة العمل من داخل المنظمة الدولية لإفشال مشروعات القرارات وتحشيد المجتمع الدولية ضدنا، وهذا يرجع في الأساس إذا أردنا الكفاءة في الأداء، إلى حركة نشطة وتحركات واسعة من وزارة الخارجية وقيادة الدولة لمحاصرة هذا المخطط وكشفه وتعريته، تترافق معها ترتيبات وعمل في المجال الإعلامي وخاصة الإعلام الخارجي، وتغييرات في الجانب السياسي والإعلامي، والحزم في التعامل مع المنظمات والجهات المشبوهة التي تجد المنفذ إلى بلادنا ثم توجِّه طعنتها القاتلة لنا!!