بغض النظر عن الأسباب التي أقال بها وزير الصحة بالخرطوم مامون حميدة، مدير مستشفى الأنف والأذن والحنجرة كمال عامر وبطريقة وصفها الأخير بالاستفزازية أو وصل كمال إلى سن التقاعد وكل ما بينه وببين الوزارة عقد مشاهرة تم إلغاؤه، وبغض النظر عن كل ذلك فصراخ المدير المقال لا يجدي نفعاً خاصة وانه ذهب لأبعد من مسألة إزاحته بالكشف عن تجاوزات تدور في وزارة الصحة، واتهم الوزير وجماعته بقيادة «لوبي» واتهمهم أيضاً بإضاعتهم للصحة ولصحة المواطن، وذلك في مؤتمر صحفي عقده الأسبوع الماضي عقب إقالته أو إنهاء تعاقده مباشرة. وإذا كان كمال عامر يعلم عن سعي مأمون لإضاعة الصحة فإن استمراره في العمل بجانبه وحتى قبل إقالته بدقائق يعتبر مسألة تستحق الوقوف حيالها وتفسر بأنه كان صامتاً عن قول الحق لأنه يعمل تحت إمرة مامون أو أنه كان ممنيًا نفسه أن يضمن بقاءه في المنصب الذي أُبعد عنه. على كلٍّ ومع أن عامر عمل بنظرية بالية وهي «يا فيها يا نطفيها» والتي درج عدد من السياسيين على العمل بها ولكن بشكل مستتر بعكس عامر الذي جاهر بذلك من خلال اتهامه للمدير العام لصحة الخرطوم بأنه سبب «علة» الوزارة والأمر جد مستغرب إذ لماذا صمت عامر على الرغم من معرفته بمكمن الداء في الصحة؟ ولماذا لم يجاهر بذلك الرأي قبل إبعاده؟ إلا أن ما يهمنا في ذلك أن الرجل مضى مغاضبًا وعقد مؤتمراً صحافياً وأخرج بعض ما في صدره وهو أمر يتطلب التحقق منه إن لم يكن فتح تحقيق عاجل بشأنه أولى تلك المسائل التي أثارها المدير المقال كشفه أن الأزمة التي حدثت بمستشفى الخرطوم بحري والخاصة بنقص أوكسجين والذي يرجح أنه السبب في وفاة ثلاثة مواطنين وراءها مدير عام الوزارة صلاح عبد الرازق فضلاً عن إقالة أربعة مديرين طبيين. كما أن عامر وفي حوار أجرته معه الزميلة «السوداني» نشرته أمس قال إن الخلل في الوزارة يكمن في «الشلليات» التي تسيطر على مكامن الأمور، وهي تهم مباشرة وصريحة أطلقها كمال، ما يستوجب التحقق من صحتها خاصة وأن عامر ظل مديرًا لمستشفى الأنف والأذن والحنجرة لمدة سبع سنوات وهي فترة طويلة تجعل كل ما يقوله في الشأن الصحي جدير بأخذه مأخذ الجد إن لم يكن الأخذ به، وكذلك يستوجب حديثه التحقق مع الأطراف التي صُوِّبت نحوها الاتهامات. وبالنظر للأمر في عمومياته يبدو أن هناك غموضاً يكتنف الأوضاع داخل وزارة الصحة بالخرطوم على سبيل ما ورد في الأخبار التي تناقلتها بعض الصحف ومنها «الإنتباهة» والخاصة بمزاولة مدير مستشفى بحري أحمد يعقوب مهامه بصورة طبيعية رغم أنف قرار وزير الصحة بالخرطوم والقاضي بإيقافه عن العمل حتى اكتمال التحقيق حول ملابسات نقص الأوكسجين وقد استنكر عدد من الأطباء العاملين بمستشفى بحري مزاولة مديرهم لمهامه.. الأمر الأخطر في ما يجري هو حضور مدير مستشفى بحري لاجتماعات ضمت وزير الصحة مامون حميدة بحسب ما ورد في الصحف.