العام «1997م» شهد مولد الهيئة القومية للطرق والجسور التي حلت مكان مؤسسة الطرق والكباري، وكان مولد هذه الهيئة عبر مرسوم جمهوري ليبدأ السودان نهضة جديدة وعمرانًا آخر عبر هذه الهيئة التي أسست لقيام شبكة متكاملة من الطرق القومية والقارية لربط أطراف البلاد بعضها ببعض وبدول الجوار إسهاماً في التنمية والنهضة، فقد واصلت جهودها في إنجاز العديد من الطرق والجسور في مجالات التشييد والتأهيل والدراسات والتصحيح لطرق وجسور في البلاد، لتعكس الإنجازات العظيمة التي قامت بها الدولة في البنية التحتية وصناعة الطرق، لأن التقدم في كل بلد يقاس بمستوى البنيات التحتية التي تعتبر الطرق إحدى مكوناتها الأساسية.. ورغم أن السودان بلد مترامي الأطراف، إلا أن الهيئة القومية للطرق والجسور رفعت شعار: «لا مستحيل تحت الشمس» واستطاعت كسر كل القيود والصعاب بإنجازها سبعة آلاف ومائتي كيلو متر ربما تزيد قليلاً.. من الطرق المعبدة في السودان تم تشييدها على يد مهندسي هيئة الطرق والجسور «المحلولة» وذات مهندسي هذه الهيئة نجدهم الآن منتشرين في صحراء الشمال وجبال الشرق وسهول كردفان يرسمون ويخططون لإنشاء المزيد من الطرق المعبدة حتى يصبح السودان في مقدمة الدول تنمويا على الأقل في إفريقيا والوطن العربي ولكن حال العاملين في هذه الهيئة تبدل وأضرب بعد قرار رئيس الجمهورية في الثامن عشر من يناير المنصرم والخاص بإلغاء أمر تأسيس هذه الهيئة ومعها بعض الهيئات الأخرى، ويرى بعض خبراء الاقتصاد أن تطبيق هذا القرار على هيئة الطرق والجسور سيترتب عليه الكثير من الخسائر المادية والبشرية وقالوا إن الهيئة وباعتبارها جسمًا يمثل الدولة لها العديد من العقود القانونية مع عدد من الجهات التي ربما تُدخل الدولة في حرج بالغ، وقال الخبراء إن هذا القرار سيُلحق الضرر بصورة مباشرة بالعاملين بالهيئة إن كانوا موقتين أم منتدبين مما يترتب على الوزارة التزامات كثيرة إلى جانب هجرة الكوادر الهندسية المهرة التي أنجزت الكثير من الطرق التي أصبح كل أهل السودان وفي مقدمتهم قياداته التنفيذية يفاخرون بها. وكشف مصدر فضل حجب اسمه أن الهيئة كانت تعتزم البدء في تنفيذ عدد من المشروعات بداية هذا العام، ولكن العاملين بالهيئة تفاجأوا بإدراجهم ضمن الهيئات التي حُلت والتي ربما يعود سبب حلها لعدم تحقيقه للإنجاز المطلوب في الفترة السابقة، وقال المصدر إن الهيئة كانت تضع في خططها لهذا العام إنجاز طريق محمد قول جبيت بولاية البحر الأحمر إلى جانب طريق ركورو بولاية شمال وغرب دارفور إلى جانب طريق همشكوريب اشت وتوسعة طريق الخرطوم مدني وطريق الفاشر كبكابية بشمال دارفور وقيسان بالنيل الأزرق وغيرها من الطرق التي من شأنها أن تربط جميع مدن وقرى السودان مع بعضها البعض وأضاف المصدر أن الهيئة القومية للطرق والجسور تعتبر جسمًا استشاريًا ينوب عن الدولة في الإشراف والتعاقد مع المقاولين والاستشاريين، فيما يرى بعض الاقتصاديين أن الفائدة من تكوين الهيئة بجانب كل ما ذُكر في الاستفادة القصوى من القروض والمنح المقدمة للدولة كالقرض الصيني إذ تم مؤخراً التوقيع مع المالية على مشروعات بطول »1235« كلم بجانب قروض صندوق المانحين مشروعات «الجام» حيث اجتازت الهيئة كل مراحل تقييم البنك الدولي وهنالك المشروعات تحت التشييد حيث اكتمل العمل بطريق قدماي همشكوريب «82» كلم وكادوقلي كاودا «30» كلم ولا يزال العمل مستمرًا بطريق الدمازين الكرمك «93» كيلو والذي تأخر بسبب تمرد الوالي السابق مالك عقار. وأيضاً هنالك مشروعات لدراسات هندسية تفصيلية اكتملت لأربعة طرق قومية بطول «920» كلم أما بالنسبة لمشروعات إعمار الشرق فقد نجحت الهيئة في الحصول على موافقة استثنائية لتمويل يغطي «400» كلم في الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي ومن المفترض أن يكون قد تم فرز العطاءات بحضور وفد الصندوق الذي يزور البلاد حالياً.. وأضاف الاقتصاديون أن الهيئة عملت على استقطاب الدعم غير المباشر لمشروعات التنمية الزراعية والصناعية وغيرها بالتوظيف المباشر لدخل رسوم المرور السريع الذي ينص على عدم استثناء أي جهة حكومية من دفع الرسوم حيث يتوقع أن يؤدي لزيادة الموارد المالية التي تمكِّن الهيئة من التغلب على زيادة تكلفة أعمال الصيانة. وأشار الاقتصاديون إلى ضرورة استثناء هيئة الطرق من قرار رئيس الجمهورية أو تأجيل هذا القرار بالنسبة للهيئة حتى تستطيع إكمال مابدأته من عمل خلال السنوات الماضية ليشهد ختام هذا العام ربط الكثير من المدن والقرى بعضها مع بعض. فهل يتحقق مطلب الخبراء والاقتصاديون وكذلك عمال الهيئة؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام المقبلة.