الذي كنت قد التقيت به آخر مرة في المدينةالمنورة، في شهر رمضان السابق بأيام لاستشهاده. صدقت فنلت الأمنيات الغواليا ومت شهيداً هانئ النفس راضيا لترزق عند الله حياً وإن ترى بقفر من الغبراء قد بت ثاويا بربك قد أيقنت ظناً وإنه جزاك تعالى خير ما كان جازيا وأي جزاء بعدها من شهادة سعيت لها بالأمس حران صاديا بلوت جهاداً في عدوي مخادع وكنت كيماً لا تخاف الأعاديا ومن كرم ما غرك النصر في الوغى فعدت بروح النصر للسلم داعيا تؤلف في ود قلوباً تنافرت لتدرأ عنها المهلكات الغواشيا وكنت صبوراً صادق السعي والرجا إذا ادّخر القوم الرجا والمساعيا وسرت شجاعاً فاقتحمت مجاهلاً من الغاب تودي وادّرعت اللياليا غزوت بسلم ما درى الناس قبله من الحرب إلا بالسلاح المغازيا فبات عدو الأمس لما صدقتهم من القول سباقاً كريماً مؤاخيا فصار كما تدعون يدعو، ولم تخف من العلج نقاض العهود الدواهيا بكاك رفيق في الجهاد بلوعة ولم يك جزاعاً ولم يك واهيا ركيزة عزم لم يهب ساحة الردى يرى الموت فيها رائحاً ثم غاديا ويحمل في صبر عنيد أمانة تزلزل آطام النفاق الرواسيا كما سكب الدمع الهتون أرامل عرفنك من عطف عليهن حانيا وكنت لأيتام رؤوماً وكافلاً وحين بكوا حزناً أهاجوا البواكيا كأن بلادي لم تذق قبل موتكم كؤوس الردى والدهر ما كان ساقيا وكم فقدت بالأمس براً مجاهداً وطاف بها الأحزان تترى تواليا وكنت عظيم البر بالأهل واصلاً فتطعم جوعاناً وتلبس عاريا وتكرم أرحاماً وتخدم فيهم شيوخاً كراماً، حاسر الرأس حافيا كأنك بين الناس ما كنت آمراً وصاحب سلطان، وما كنت ناهيا لقيتك بالأمس القريب تطيبة فوا أسفي من بعد ألا تلاقيا وكنت أمني النفس لقياك في الحمى على زمل اللقيا، وقد بت نائيا فوا عجبي أصبحت أرثيك هاهنا وأنظم فيك الباكيات القوافيا ولست بناس للردى غير أنني من الهول ما صدقت من جاء ناعيا فرمت بنات الشعر أرثيك أنني غدوت أخا حزن يجيد المراثيا وفيك أعزي موطناً هده الأسى وبات حزيناً كل من فيه باكيا وقبرك يسقى رحمة من سحائب تساق ثقالاً باكيات غواديا