نعيش هذه الأيام مع الذكرى العطرة لمولد سيد البشرية الرسول صلوات الله عليه وسلامه... حيث يحق لنا أن نحتفل بمولده وهو من أرسى لنا دعائم الدين الإسلامي، وتعلمنا الكثير منه الأمر الذي أعاننا على أن ننتهج الطريق المستقيم طريق الله سبحانه وتعالى. وهو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله... نعم الدين الذي ظهر حتى أصبح دين الله الحق، ورسولنا صلوات الله عليه وسلامه عانى ما عانى من أجل الدين، ولاقى ما لاقى من العنت والمشقة من أجل أن يعم الإسلام كل الدنيا... كان ليناً في قوله ولم يكن في يوم من الأيام فظاً غليظ القلب ولو كان كذلك لانفض من حوله الناس، قال تعالى: (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ )... صدق الله العظيم. نحن شعب السودان (أكتر بلد بيحب النبي)؛ لذا فإن مولده يعنى لنا دلالات كثيرة ولها معانٍ كثيرة عندنا... ففي الولايات يستعد الناس لهذه المناسبة الكبيرة منذ وقت باكر، يتم جمع الأموال من الحي بعد أن يتم تكوين لجنة تعنى بهذا الأمر ... الأموال تجمع من أجل شراء معدات الاحتفال من خضار وخراف تذبح من الصباح، وتحضر للكل بالمساء في ليلة نحسب أنها من أميز الليالي ليلة المولد لرسولنا الكريم الذي كرمه الله ومدحه في كتابه الكريم (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ). يوم مولده فرحت السموات والأرض لكونه حبيب الله وخاتم النبيين والمرسلين ... جاء بالرسالة للناس كافة بشيراً ونذيراً، فرح عمه «أبولهب» بمولده وفرحت أمه «آمنة بنت وهب» وفرحنا نحن في رحم الغيب. ولد ونشا وتربى في مكةالمكرمة وعاش فقيرا ويتيماً.. كان يبكى عندما يأتي العيد وهو يتيم، وكان الكثيرون من أهل مكة يعطفون عليه ويعطونه الحلوى... وامتلأ ضرع غنم «حليمة السعدية» وهي تفوز بأن تكون مرضعته، ولم تكن تعلم أنه نبي وسيختاره الله... تحول بيتها من فقر إلى سعة في العيش... فرحت به «أم أيمن». ولد في يوم (الاثنين) ثاني عشر من ربيع الأول، وتوفي كذلك في يوم (الاثنين) الثاني عشر من ربيع الأول ودفن (الأربعاء). من منا لا يتمنى أن يكون قد عاش في زمن النبي، ولكنه خصانا بأشياء جميلة جداً عندما قال لأصحابه: (اشتقت لأحبابي) قالوا له: (ألم نكن أحبابك يا رسول الله؟) قال: (أنتم أصحابي .. أما أحبابي فهم قوم يأتون بعدي يؤمنون بي ولم يروني) ... هكذا نحن أمنا به ولم نره. نعم تحمل العنت والمشقة ونحن (لقينا الدين جاهز) لم نقاتل ولم نحارب جيوش الروم والفرس. يا ليتها كانت أياماً فيها ما فيها من ملذة أصبحت لنا تاريخاً إسلامياً جميل نتناقلها عبر الأجيال، ونقول عندما نسمع قولاً عن رسول الله، كما قال «أبوبكر الصديق» وأهله يبلغونه بأن صاحبه «محمد» قال، وقال عندما أبلغ بالرسالة قال لهم ( إن كان قال فقد صدق) ونحن ما زلنا وسنظل نقول إن كان قال فقد صدق. فالفقر لم يكن عيباً في يوم من الأيام فقد عاش نبينا فقيراً وكان يرعى الأغنام... فمعظم الرسل كانوا يرعوا الأغنام فقد كانوا سريعي البديهة، ولهم فراسة كبيرة وتعلموا من هذه المهنة الكثير. فقبل أيام عديدة كنت أتحدث مع شقيقي «محمد» عن الأعراب وأهل البادية ورعي الأغنام، ذكر لي أن الرسل كانوا أذكياء فجلهم عمل راعياً، ولأن الشيء بالشيء يُذكر، فأهل البادية كانوا يعرفون لمن هذه الناقة، وهم يرون أقدامها على الأرض قبل أن يروها، وهكذا فيجب أن نصلي على نبينا كثيراً، ونحن نحتفل بمولده مولده الذي يعنى لنا أشياء كثيرة .. فالأطفال يحبونه كثيراً ويحبون حلاوة مولده لأنه كان يحب الأطفال ويلاطف «الحسن» و»الحسين» الذين عندما رآهم «بلال بن رباح» رضي الله عنه في أول زيارة له للمدينة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وهم لم تتجاوز أعمارهم الثامنة بعد بكى وتذكر الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يلاعبهم. الصلاة عليك يا محمد يا رسول الله ونقول لك إننا على العهد سائرون. وكل عام وأنتم بخير