ورد ذكرها في القرآن ومجدتها الأديان اعدتها أمل أبو القاسم ورد في بيت شعر أن (كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمول) وقد اختزلت هذه العبارة مفهوم الموت يوم أن نحمل على الأكتاف ثم نوضع على حفرة ذات مواصفات خاصة نقبر داخلها، بيد أن تلك الآلة الحدباء التى نحمل عليها تختلف وفقاً للأديان والعادات والمعتقدات. وحدباء السودانيين هي (العنقريب) الذي تحرص كل أسرة على اقتنائه حتى وإن عفا عليه الزمن لأن الموت يداهمنا حين غرة.. غير أن هناك آلة ورد ذكرها في القرآن والتاريخ تختص بها بعض الأديان المختلفة هي (التابوت) وهو عبارة عن صندوق يصنع بمواصفات معينة توضع داخله الجثث سيما التي تقطع مسافات بعيدة. إذن فكيف يصنع التابوت؟ وما هي الطقوس المتبعة عند استخدامه وكيفية دفنه وغيره مما يتعلق به. توابيت ملوكية الدراسات التاريخية ترجح أن التابوت الفرعوني هو أول تابوت في التاريخ وكان يستخدم من قبل كهنة آمون وملك مصر، ويشبه من حيث أبعاده تابوت العهد لبني إسرائيل إلا أنه يحمل على سطحه ثعبان، إلى جانب التابوت الحجري وأول من بناه هم قدماء المصريين لدفن الملك أو أحد علية القوم ، وهناك الإهرامات التي بنيت لحفظ هذه التوابيت الحجرية لملوك مصر، وبنيت هذه التوابيت على شكل بيوت صغيره بينما اتخذ بعضها شكلاً بيضاوياً أو مربع أو مستطيل ثم أصبح معظمها ينقش على شكل إنسان تنحت عليه ملامح الوجه، وكانت تزين بالنقوش وتماثيثل الآلهة اعتقاداً منهم بأنها تحمى الجسد من التعفن. وفي ما يعنى باستخدام التابوت في السودان، قال الطبيب الشرعي (صابر مكي) إن الحاجة تتأتى إليه عند تسفير جثة الى خارج السودان وما يتوجب فعله طبياً حيال ذلك استخدام عملية (التحنيط ) عن طريق حقن الأحشاء والرأس وبقية الجسم بمادة (الفورمالين) التي تعمل على قتل البكتيريا وتحقن عبر الوريد إنما في كل أجزاء الجسم حتى نضمن أنها تخللته بالكامل، وهناك من يستخدم معها الجلسرين وملح الطعام بنسب مناسبة للجثث المسافرة. وعن ما يشاع من أن بعض الجثث تستخرج أحشاؤها كضرورة طبية لحفظها من التعفن عند السفر، أفاد بأن هذه العملية غير متبعة في السودان البتة صوناً لحرمة الجسد غير أن هناك بعض الدول تستخرجها وتضع مكانها بعض المواد ونشارة وقطن. شكل التابوت وبالنسبة لإحضار وتجهيز التابوت بحسب (مكي) فأهل الميت يتكفلون بذلك، فمنهم من يتفق مع نجار على كيفية صنعه ونوعية الخشب سواء أكان مضغوطا أو عادياً، وبعض التوابيت تغطى بغطاء معدني تفادياً للكسر ومنهم من يقوم باستيراده من خارج السودان ، ويكتب عليه بعضهم الشعائر الدينية والرموز كل حسب دينه، ومن شكل التابوت يمكن التعرف على ديانة من بداخله، فضلاً عن البيانات الشخصية التي تكتب على سطحه، مضيفاً أن هناك توابيت مكلفة جداً. والميت لدى بعض الفئات خاصة في الدول الغربية يتم تلبيسه أفخم لبس من بدل وجزم حسب المعتقد فالبعض يحبذ أن يروا ميتهم في أحسن صورة. أما الإجراءات المتبعة في تسليم الجثث فعن طريق شرطة الجمارك ومندوب السفارة المعنية للتأكد أن التابوت ليس به سوى الجثة وذلك لدواعٍ أمنية، ثم يغلق التابوت في وجودهم ويختم بالشمع الأحمر والسلك ومن ثم يسمح بعبوره إلى خارج البلاد. أفخم التوابيت من جانبه قال الطبيب الشرعي "جمال يوسف" أنه وبموجب القانون الدولي فإن أي جثة تبقى لعدد من الأيام يجب أن تحنط وعند وضع الميت في التابوت يستدعي وجود ناس (الحجر الصحي) ويتعهدوا بتسليم الجثمان . كما أنه لا يجوز فتح التابوت بعد إغلاقه إلا إذا استدعى الأمر إعادة تشريح الجثة، تحوطاً من احتمال أخذ الميت لميكروب معدي يحمله معه إلى بلده. وعن أفخم التوابيت التي مرت على مشرحة أم درمان تابوت لاعب المريخ الراحل (إيداهور) وأحضر عن طريق السفارة النيجيرية كما قال "يوسف"، مضيفاً أن ما يميزه التكييف الملحق معه، أيضاً تابوت قيصر روسيا راعي الكنيسة الأرثوذكسية وقد رصع بالأحجار الكريمة والماس . ويرى دكتور "جمال" أن من المفترض وضع الصندوق على الجنب اليمين وينزل فى مطمورة وليس (ود الأحد). مواصفات صناعة التوابيت وفى إحدى الورش الكبيرة المتخصصة في صناعة التوابيت بالمنطقة الصناعية الخرطوم. وبسؤال "فرح" أحد العمال الذين يعملون بالورشة عن كيفية صناعة هذه التوابيت أخبرنا أنهم يصنعون التوابيت بمواصفات محددة، وفي الغالب يكون طولها مترين، ثم يدمغ بالمسامير ويبطن بحديد( التوتا) الذي يحفظ رطوبة الصندوق وبالتالي الجثة خاصة أنها تسافر لمسافات بعيدة. بعد ذلك يوضع الغطاء ثم يدهن التابوت من الخارج لتلميعه. وعن أنواع الخشب الذي يصنع منه التابوت قال: إن هناك نوعين (الموسكي) وهو الأغلى ثمناً و(الكاوندر) وفي ما يعنى بالطلبيات فبعضها كبيرة تطلبها بعض المنظمات كالأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. والآخر فردي من قبل الأجانب بمختلف جنسياتهم وفقاً لمواصفات خاصة، وبرغم أن التابوت طوله ثابت في الغالب متران لكن في حال كانت الجثث ضخمة يراعي ذلك، ثم أردف معقباً. (غايتو دفنا ناس كثار بكره ندخل بيهم الجنة).