أيام سوداء مع ود الشواطين سعد الدين ابراهيم كان يوماً أسود يوم عرفت "ود الشواطين" .. أعجبتني جرأة حديثه وتهوينه للامور العظام.. فقلت إنه شخصية روائية ثرة الجوانب. فلأصادقه وتصادقنا.. وظل يحيرنى أمره فى تدبيره المقالب للآخرين.. والسخرية منهم وذلك لأسباب واهية.. مرة في قلب السوق نظر إلى شاب أسمر يرتدي قميصاً أحمر، وتبدو عضلاته التي يتفاخر بها فاغتاظ منه. وقرر أن يسلط عليه عينه الشريرة ويصنع له "مقلباً" (عَينة).. تحسس جيبه ثم اتجه إليَّ وطلب مني عشرة جنيهات.. وكان شاب قد ترجل عن الموتوسيكل من نوع (الفسبا).. دخل إلى مكتبة.. فقال لي ود الشواطين أشغل لي الرجل دقيقتين فقط. ثم انصرف سريعاً لنلتقي في آخر الشارع.. فعلت ذلك دون تمحيص ووعي.. خاصة وهو قادر على إقناعك بتنفيذ أي أمر. وهو قد أوغر صدري تجاه الشاب العضلاتي، وأنه مفتري وجاهل ويستحق قطع الرقبة.. فعلاً عندما انصرفت إذا بالشاب الذي شغلته يجري ويصيح موتري موتري.. وفي منتصف شارع الأسفلت نشبت معركة بين سيد الموتر والشاب العضلاتي. وتدخل الناس وحضر رجل شرطة واقتاد الشاب العضلاتي إلى المخفر والصبية الشماسة يزفونه .. "ياهو .. ياهو.." كناية عن كونه لصاً.. ماذا فعلت يا ود الشواطين ؟.. مارأيك. ألم أؤدبه لك.؟. قال لي: نفحته جنيهاتك العشر مقابل أن يقتاد الموتر حتى الطرمبة لأن البنزين كمل.. فصدق العبيط ووضع النقود في جيبه. واقتاد الموتر الذي ادعيت أنه ملكي وأنت تعرف صاحبه الذي شغلته بالحديث... وبعدئذ ها أنت ترى الحاصل.. قلت له تستفيد شنو؟.. فضحك وقال لي استمتاع ،ياخي استمتاع! نظرت في إشفاق إلى الجمع وسيد الموتر والشرطي يقتادون الشاب المسكين إلى المخفر. قلت له لابد أن تتدخل فلا يمكن أن تمزح بحياة الناس وما ذنب هذا الشاب البرئ .. الآن شكله لم يعجبك وأن تفاخره بعضلاته، استفزازك يقابل بمثل هذا العقاب.. وأصر على أن نواصل طريقنا ونسيب الوهم ياكل نيم. فحلفت ألا أسيب الوهم ياكل نيم. وقلت له: لابد أن تحل المشكلة مثلما صنعتها !!.. قال لي بسيطة. فقط تحتاج إلى تمثيل فوافقت على فكرته رغم جنونها.. كنت أدعي للمتحري أن هذا قريبي "ود الشواطين" .. وإنه يعاني من حالة نفسية، إذ يتوهم ملكية الأشياء التي لا تخصه حسب الحالة التي تنتابه . وهي تجيئه مره في الشهر.. والآن أنا اقتاده إلى المستشفى العصبي لتهدئة الحالة عنده، يوم يومين فيعود إلى حالته الطبيعية تدريجياً.. تعاطف معي الجميع خاصة، وود الشواطين بدا يخطف نظارة هذا على اعتبار أنها له.. ويخطف جريدة آخر.. وحقيبة سيدة من المنتظرين، في المخفر لأمر ما.. وأخيراً أطلق سراح الشاب.. وتعهدت شفاهة للمتحري بأنني سأحرص على عدم تكرار مثل هذا الأمر. وبعد انجلاء الموقف قلت لود الشواطين أنت من طريق وأنا من آخر.. وفجأة نظر إلى فتاة مقبلة أنظر هذه قريبتي وذهب إليها وتحادثا برهة ثم نادى عليَّ وعرفني بها نوال.. الأخ فلان. وبينما نحن "في فرصة سعيدة واتشرفنا" ، كان قد اختفى ود الشواطين . سألتها عن صلة القرابة بينهما فقالت لا توجد أي صلة وهي لا تعرف هذا الشخص أبداً. وإنه قال لها: هل أنت منال. فقالت: لا.. أنا نوال. فناداك وعرفني بك هذه كل الحكاية.. اعتذرت لها.. مضيت في طريقي وأنا العن اليوم الذي عرفت فيه ود الشواطين..