حكومة بدينة، رشيقة، عريضة، مفلسة، معفوصة.. مترادفات أنتجتها العبقرية السياسية في السودان.. أما (معفوصة)، فهي الحكومة الجديدة بعد تعرض سابقتها للعفص أو كما يقولون (الهيكلة). والهيكلة الحقيقية براء منها براءة الذئب من دم يعقوب.. للتذكير فإن شخصي الضعيف يملك حقوق الملكية الفكرية لمصطلح (معفوصة)، وبينما يملك حقوق الملكية الفكرية لمصطلح (مفلسة) وزير المالية "علي محمود"، أم يكن هو القائل أن رفع الدعم (شغل دولة مفلسة).. لقد صام المواطنون و(بلّعوهم) القرارات أو (المعالجات) الاقتصادية ليفطروا على بصلة الحكومة المعفوصة.. بالمناسبة أفهم مصطلح (المعالجات) في اطار معالجة أخطاء و(طبزات) الاقتصاديين والسياسيين، بيد أن "محمد أحمد" هو المطالب دائما بدفع الثمن الباهظ.. بعد حوالي أسبوعين من تطبيق رفع الدعم عن المحروقات، أعلنت الهيكلة أو العفصة، حيث وضعت العربة أمام الحصان أي البدء برفع الدعم قبل الهيكلة.. فكان من المؤمل والمنطقي كذلك أن تتذوق الحكومة أولاً مرارة الهيكلة ثم من بعد ذلك يرفع الدعم، وتكون الحكومة قدمت القدوة الحسنة.. لكن لا، بدأت الحكومة بنفسها، ولا حتى أنجزت هيكلة حقيقية.. فقط تقليص (5) وزارات وعدد من وزراء الدولة يعني (الحال في حالو) فهي حكومة معفوصة (عفصة) شديدة.. قلنا من قبل إن هذه الحكومة التي (عفصت) أثقلها البذخ السياسي، كما أشار النائب الأول الذي أقر أن جزءاً من عائدات الدولة ذهب في البذخ السياسي أي التوسع في تفريخ المناصب الدستورية وتوابعها الزلزالية.. حكومة (أخنق فطس) هي بكل صراحة التفاف على الهيكلة الحقيقية في سبيل عدم إغضاب (بني المجد المؤثل) بمصادرة مكاسبهم الدستورية.. نعم تبرع المنظرون والمتفلسفون والمتحذلقون بتقديم (النصح والإرشاد) لقيادة الدولة، قائلين إن تكلفة (الحَرَدان والزعل) الجهوية والحزبية ستكون عالية بل غير محسوبة، مقارنة (بشوية) الامتيازات والمخصصات التي تصرفها الدولة في إطار البذخ السياسي.. ومن هنا جاء العفص الذي فقع مرارتنا بسبب هذه الحكومة الجديدة.. ياجماعة الخير الترهل لا يعني كبر حجم بطن الحكومة، فحسب، ولكن الترهل الحقيقي هو أن تكون مثقلة بالأهواء وبالأطماع. فالمصلحة الحزبية مقدمة على أي مصلحة.. في خضم أنواء مشاورات التشكيل الجديد لوّح الحزب الاتحادي (الأصل) بالانسحاب من الحكومة، وتأخر الرئيس عن مخاطبة البرلمان عدة ساعات حتى طيب خاطر مولانا "الميرغني" رئيس الحزب، خاصة وأن القيادي المشاكس بالحزب "حاتم السّر" رفع عقيرته عالياً يدق طبول الانسحاب من الحكومة.. "حاتم السر" وجوقته في الحزب رأوا أن الاستثمار في هذه (مصيبة) رفع الدعم عن المحروقات أفضل من البقاء في حكومة (معفوصة) لا تُرضي طموحات مستوزري الحزب. آخر الكلام: كثيرٌ من المعاني الرائعة، وبسبب الخوض في السياسة تظل قابعة، وفي حالة بيات شتوي، دون أن نعيرها اهتمام أو التفاتة.. يحكى أنه في يومٍ من الأيام، قرر جميع أهل إحدى القرى أن يصلوا صلاة الاستسقاء.. تجمعوا كلهم للصلاة.. لكن أحدهم كان يحمل معه مظلة، فتلك هي الثقة.. التصديق هو أن يكون إحساسك مثل إحساس الطفل الذي عمره سنة عندما تقذفه أمّه في السماء، فيضحك؛ لأنه يعرف أنه ستلتقطه، ولن تدعه يسقط... هذا هو التصديق.. في كل ليلة نستعد للخلود إلى النوم، ولسنا متأكدين من أننا سننهض من الفراش في الصباح، لكننا مازلنا نخطط للأيام القادمة.. هذا هو الأمل.. إذا جلست في الظلام بين يدي الله استعمل أخلاق الأطفال.. فالطفل إذا طلب شيئاً، ولم يعطه بكى حتى يأخذه.. فكن أنت هذا الطفل وأطلب حاجتك.. أمران لا يدومان في إنسان: شبابه، وقوّته، وأمران يتغيران في كل إنسان: طبعه، وشكله، وأمران ينفعان كل إنسان: حسن الخلق، وسماحة النفس، وأمران يضران الإنسان: حسد ذوي النعم، والحقد على أهل المواهب، وأمران تضر الزيادة منهما والنقصان: الطعام، والشراب، وأمران تحسن الزيادة منهما ويضر النقصان: العبادة، و الإحسان.. وأمران يكرههما كل إنسان: الظلم، والفساد.