(أنا ابن البيئة دي)!! رقية أبو شوك أن نلتفت لأمر البيئة ونعقد مؤتمراً خاصاً بذلك، فهذا يدعونا أن نقف بجانبه ونؤيده بالسبل كافة لأن البيئة أصبحت متردية للغاية بولاية الخرطوم بدءاً من النفايات المتناثرة على كل الطرق ومداخل الأحياء سواء أكانت داخل المدينة العاصمة أو الأطراف حتى صارت عادية.. بمعنى عندما تشاهد أرتالاً من النفايات فإن الأمر لا يدهشك كثيراً بقدر ما يدهشك عندما لا تجد النفايات المتناثرة على الطرق، فالصورة أصبحت مقلوبة لكون الدهشة تحولت من الأمر غير العادي للعادي. في مساحات سابقة تناولنا أمر النفايات وبعد ذلك توقفنا عن الكتابة، لأن النفايات أصبحت غير مدهشة، كما أشرت، وتعودنا عليها لأنها في كل الطرقات ولم (تدوّر) بعد. أيضا مياه الصرف الصحي التي باتت مزعجة جداً حتى أنك لا تستطيع السير على قدميك في أماكن (الطفح) خوفاً من أن تأتي سيارة مسرعة و(ترشك) بالمياه الآسنة وأنت على طهارة لتبحث عن مكان لتنظف فيه ملابسك وحذاءك وكل ما تحمله وأنت تتأهب للصلاة، التي من ضمن شروطها الطهارة (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ)، لكننا لا نستطيع في هذه الحالة أن نتضجر مثلاً من صاحب السيارة الذي (رشانا) بالمياه الآسنة.. نكظم الغيظ وفي الخاطر مليون سؤال بدون إجابة.. فالبيئة أصبحت غير آمنة، بمعنى أنها مليئة بأشياء تجعلنا نبحث عن أسماء لبيئتنا ومن ثم نغير سلوكنا وترقيتنا الحضرية والريفية.. فالحضارة نغيض البيئة المتردية المخلوطة بالمياه الآسنة ومياه الصرف الصحي. وعندما نقول مثلاً مياه الصرف الصحي، فمعروف تماماً ما هي عند المواطن.. فكيف إذن نرتقي بصحة الإنسان السوداني في ظل هذه الأشياء التي أصبحت واقعاً؟؟ أكثر من (10) أيام متتالية وما زالت صحيفة (المجهر) محاصرة بمياه الصرف الصحي التي أصابتنا بأمراض الحساسية والجيوب الأنفية.. والمؤتمر البيئي الأول الذي يعقد اليوم بفندق (كورال) بالخرطوم نتمنى أن تكون هذه الأوضاع من أولوياته.. فالأوراق التي ستقدم من خلاله أوراق (جميلة) لكننا حتما لا نبحث عن الجمال بقدر ما نبحث عن التنفيذ خاصة في مسألة ارتبطت بحالة المواطن الصحية.. فكم من مؤتمرات وورش عمل عقدت وخرجت بكم هائل من القرارات والتوصيات الجميلة.. لكن...!! نريد توصيات وقرارات تنفذ في الحين حتى لا يضيع الوقت الذي قضيناه خلال فترة المؤتمر هدراً وكذا الأوراق التي قدمت.. فالعبرة في التنفيذ لا بما قدمناه. (التصحر ومسألة الأحزمة الشجرية في السودان، والطرق الحيوية لمكافحة التصحر، ومحور البيئة، والمشاكل البيئية بولاية الخرطوم وأثر التشجير الحضري على البيئة، وحساب الكربون والطاقة المتجددة النظيفة والصديقة للبيئة، وقضايا الصرف الصحي، وتدوير النفايات، ومشروع الحزام الأخضر بمساحة (13) ألف و(571) فداناً).. هذه هي الأوراق والقضايا التي ستتم مناقشتها في المؤتمر البيئي الأول لولاية الخرطوم، وكلها من صميم قضية البيئة السودانية.. وإذا بدأنا بالتصحر والأحزمة الشجرية نستطيع القول إن الخرطوم تعاني التصحر بكل ما تحمله هذه الكلمة من معانٍ.. فعلى الرغم من مياه النيل المتدفقة وإمكانياتنا الهائلة في إنتاج أشجار الظل إلا أن الخرطوم ما زالت جافة وخالية بنسبة كبيرة جداً من الخضرة التي تضيف لوحة جمالية للمدن، فكم من مدن وعواصم عالمية تحفك الأشجار بها من جميع الاتجاهات بالرغم من قلة إمكانياتها الزراعية والمائية مقارنة بالسودان، لكنها مخضرة فحتى وإن ارتفعت بها درجات الحرارة وقاربت ال(50) درجة فإنك بها لأن حفيف الأشجار والنسيم العليل ينبعث إليك ليزيل عنك حتى الملل الذي أصابك. علماء الطقس يؤكدون أن الأشجار من شأنها أن تقلل من ارتفاع درجات الحرارة.. فلماذا لا نستفيد من هذه الآراء ونظلل بلادنا، ونحن دولة معروفة بارتفاع درجة حرارتها والصيف فيها يمتاز بطوله مقارنة بشتائه الأقل؟! أما مشروع الحزام الأخضر الذي حدد له (13) ألفاً و(571) فداناً، فلا أظن مواطني الولاية سيحتجون عليه بالعكس سيكون هنالك ترحيب حار به. أتمنى بعد الانتهاء من أيام المؤتمر أن يبدأ المؤتمرون في غرس الأشجار كضربة بداية جادة، وأن تعالج كل قضايا الصرف الصحي.