العلاقات الخارجية مثقلة بالتبعات موسى يعقوب ليس الاقتصاد وحده الذي نعاني من وطأته في الوقت الراهن، وإنما العلاقات الخارجية أيضاً. فبالأمس وبعد أن رفعت الولاياتالمتحدةالأمريكية عصا الإرهاب الدبلوماسي على البلاد ورموزها بعد الإرهاب الاقتصادي الذي امتد لسنوات ولم يزل.. وذلك بعد أن حرمت بعض الوزراء والمسؤولين من المشاركة في بعض أنشطة الأممالمتحدة ومنظماتها في العواصمالأمريكية بحسبانها موطن الإقامة وممارسة النشاط منذ تأسيس المنظمة الدولية ومؤسساتها في أربعينيات القرن الماضي بمواثيق وقوانين معروفة. الولاياتالمتحدةالأمريكية لا تحترم تعهداتها ومواثيقها ولا المنظمة الدولية المعروفة بالأممالمتحدة التي تندرج تحتها كل الدول في العالم كبيرها وصغيرها، فلم يكن منها ولأسباب سياسية تخصها إلا أن حرمت مسؤولين ووزراء سودانيين من تأشيرات الدخول. وحسناً فعلت وزارة الخارجية السودانية أن ردت على فعل الولاياتالمتحدة بمثله في إطار الاستقلالية والحرية والحقوق الوطنية، أي أنذرت وأعلنت بمنع المسؤولين الأمريكان من تأشيرات الدخول لجمهورية السودان، ولم يكن في الأمر ما يشين شأن الولاياتالمتحدة القطب المضيف للأمم المتحدة ومنظماتها وأنشطتها، وإنما فيه كما يرى الكثيرون احترام للذات ورفع الصغار الأصابع بنقاط النظام في مواجهة الكبار..! غير أن في الأمر ما يهم ويعني الكبار أيضاً في المنظمة الدولية ولا سيما مجلس الأمن وتوابعه، إذ في خروج القطب الأمريكي ولعبه بالعصا والجزرة في الشؤون والأنشطة الأممية ما يدعو للاستنكار والرفض، فالدولة المضيفة كثيراً ما تخرج عن المألوف والمعروف لأغراض سياسية وليس إنسانية أو موضوعية. تلك واحدة من التبعات التي تثقل كاهل علاقاتنا الخارجية والآلية التي تمارسها وتقوم بها وزارة الخارجية السودانية وتوابعها.. وبقيت تبعات أخرى منها: { العلاقات المصرية السودانية. { وسد النهضة الإثيوبي. العلاقات السودانية المصرية أو العكس انتابتها عثرات ومعوقات كثيرة في مقدمتها (حلايب وشلاتين) التي أودع ملف حلها (سودانياً) لدى الأممالمتحدة منذ عام 1958م، بغرض التحكيم.. ولكن الطرف الآخر لم يمل إلى ذلك الحل وفضل حلولاً أخرى.. تلعب بها وتحركها المتغيرات في أنظمة الحكم في البلدين وفي مصر بشكل محدد. ذلك رغم أن ما بين مصر والسودان، وينبغي أن يجمع ولا يفرق، كثير. ومن أبرز وأهم ما يذكر فيه: { ملف مياه النيل. { والمصالح الأخرى الاقتصادية والأمنية وغيرها. حلايب وشلاتين هذه الأيام ولأسباب سياسية وإعلامية داخلية نشط ملفهما هذه الأيام وبشكل إعلامي وسياسي، وليس أي شكل آخر من أشكال الحلول التي منها وأكثرها خصوصية (التحكيم الدولي).. غير أنه يبدو ألا أحد على الجانب المصري يرغب في ذلك لأسباب ربما بدت معروفة. ليس ملف حلايب وشلاتين وحده هو الذي يثقل تبعات العلاقة الخارجية السودانية مع مصر، وإنما ملفات أخرى منها (سد النهضة الإثيوبي) الذي ورغم ما تم بشأنه من مباحثات ودراسات مصرية سودانية إثيوبية وغيرها، ظل باعث قلق مصري يتصل بالمياه. فأكثر من ثمانين بالمائة من مياه النيل تأتي من نهر النيل الأزرق الذي مصدره إثيوبيا.. ويخشى المصريون من أن يتأثر تدفق المياه بقيام ذلك السد. خلاف هذا، فإن السودان الذي يتوقع له أن يصبح مصدر غذاء العالم بعد استثمار واستغلال أرضه الواسعة ومياهه التي كان (كم) كبير منها يذهب إلى مصر بعد اتفاق مياه النيل المشهور، سيحرم جمهورية مصر من ذلك التدفق المائي ولا سيما بعد قيام عدد من السدود ومشاريع الري التي هي حق ينعم به المواطن السوداني. وكيفما كان الحال فغن العثرات والتبعات التي تثقل العلاقات الخارجية والاقتصادية والأمنية بين البلدين، يجب التغلب عليها بسياسات واتفاقيات تبادل المصالح والمنافع بين البلدين والتي بدأت كما هو معلوم باتفاق (الحريات الأربع) الذي التزمت به جمهورية السودان وتعثر تطبيقه في جمهورية مصر العربية، رغم ما صدر من المسؤولين على الجانبين من تصريحات تفيد بتحسن العلاقات وتميزها عما قبلها.