عيساوي: قتل الثعبان    (ثلاثة لا تقترب منهم: الحصان من الخلف والثور من الأمام والفاشر من جميع الاتجاهات)    مدير شرطة ولاية القضارف يتلقي المعايدة من منسوبيه بالولاية    شعار براؤن يصل يورو 2024 روديغر لاعب منتخب المانيا يقلد المصباح ابو زيد والاتحاد الأوروبي يتدخل    شاهد بالفيديو.. استخبارات الجيش بالقضارف تضبط شاحنة "لوري" محملة بعدد كبير من "براميل" البنزين والمواد الغذائية حاول مواطنون تهريبها لقوات الدعم السريع والجمهور يطالب بإعدامهم رمياً بالرصاص    شاهد بالصورة.. خلال مباراة فريقها بالدوري التونسي.. جماهير فريق مستقبل قابس تدعم السودان بلافتة كتبت عليها: (من غزة إلى السودان الخذلان هو العنوان)    شاهد بالصورة.. الفنان مأمون سوار الدهب وزوجته يعودان لإشعال مواقع التواصل بلقطة رومانسية    شاهد بالفيديو.. سيدة سودانية تطالب طبيبة مصرية بإعادة وزنها بعد أن كان 94 كيلو وأصبح 64 كيلو (زوجي كان يناديني "جون سينا" وعاوزة وزني يرجع لأنو نحنا السودانيين ما بنحب كدة)    أكاديمية الفريع (A) تقلب الطاولة على أكاديمية الفريع (B) في ديربي الفريع الأهلي بالدامر    إجتماع ثلاثي مصغر لترتيب الاوضاع داخل الأكاديمية القضارف    دولة تسجل 16 ألف إصابة بسبب ذبح الأضاحي    حفل رائع في قرعة دورة الصداقة بالضعين    تواصل العمل في صيانة وتأهيل مباني هيئة البراعم والناشيئن بمحلية بورتسودان    تونس تفتح أبوابها لإيران.. ماذا يريد قيس سعيّد؟    يورو 2024: تعادل أول وتراجع بمعدل التسجيل 17 يونيو، 2024    حكومة دارفور: نحذر جميع قادة مليشيات قوات الدعم السريع في النزاع من مغبة جرائمهم واحترام القانون الدولي    شاهد بالصور.. الحسناء السودانية "لوشي" تبهر المتابعين بإطلالة مثيرة في ليلة العيد والجمهور يتغزل: (بنت سمحة زي تجديد الإقامة)    الخراف السودانية تغزو أسواق القاهرة    كيف ستنقلب موازين العالم بسبب غزة وأوكرانيا؟    مدرب تشيلسي الأسبق يقترب من العودة للبريميرليج    ترامب: لست عنصرياً.. ولدي الكثير من "الأصدقاء السود"    مسجد الصخرات .. على صعيد عرفات عنده نزلت " اليوم أكملت لكم دينكم"    بالأرقام والتفاصيل.. بعد ارتفاع سعر الجنيه المصري مقابل السوداني تعرف على سعر "خروف" الأضحية السوداني في مصر وإقبال كبير من المواطنين السودانيين بالقاهرة على شرائه    بالفيديو.. تعرف على أسعار الأضحية في مدينة بورتسودان ومتابعون: (أسعار في حدود المعقول مقارنة بالأرقام الفلكية التي نسمع عنها على السوشيال ميديا)    رئيس وأعضاء مجلس السيادة يهنئون المنتخب القومي لكرة القدم    صالون لتدليك البقر في إندونيسيا قبل تقديمها أضحية في العيد    بعرض خيالي .. الاتحاد يسعى للظفر بخدمات " محمد صلاح "    غوغل تختبر ميزات جديدة لمكافحة سرقة الهواتف    امرأة تطلب 100 ألف درهم تعويضاً عن رسالة «واتس أب»    "فخور به".. أول تعليق لبايدن بعد إدانة نجله رسميا ..!    الهروب من الموت إلى الموت    ترامب معلقاً على إدانة هانتر: سينتهي عهد بايدن المحتال    شرطة مرور كسلا تنفذ برنامجا توعوية بدار اليتيم    4 عيوب بالأضحية لا تجيز ذبحها    قصة عصابة سودانية بالقاهرة تقودها فتاة ونجل طبيب شرعي شهير تنصب كمين لشاب سوداني بحي المهندسين.. اعتدوا عليه تحت تهديد السلاح ونهبوا أمواله والشرطة المصرية تلقي القبض عليهم    نداء مهم لجميع مرضى الكلى في السودان .. سارع بالتسجيل    شاهد بالفيديو.. الراقصة آية أفرو تهاجم شباب سودانيون تحرشوا بها أثناء تقديمها برنامج على الهواء بالسعودية وتطالب مصور البرنامج بتوجيه الكاميرا نحوهم: (صورهم كلهم ديل خرفان الترند)    الإمارات.. الإجراءات والضوابط المتعلقة بالحالات التي يسمح فيها بالإجهاض    الإعدام شنقاً حتى الموت لشرطى بإدارة الأمن والمعلومات    نصائح مهمة لنوم أفضل    إغلاق مطعم مخالف لقانون الأغذية بالوكرة    شرطة بلدية القضارف تنظم حملات مشتركة لإزالة الظواهر السالبة    التضخم في مصر.. ارتفاع متوقع تحت تأثير زيادات الخبز والوقود والكهرباء    إجتماع بين وزير الصحة الإتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    أمسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد في "شومان"    عودة قطاع شبيه الموصلات في الولايات المتحدة    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    من هو الأعمى؟!    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(المجهر) في حوار كسر حاجز التحفظ مع الشيخ "علي جاويش" (1- 2)
نشر في المجهر السياسي يوم 30 - 07 - 2016

معنا الأغلبية و(الجماعة الأم) هي من تقرر الطرف الذي تعترف به من بيننا
انحياز شيخ "صادق" للطرف الآخر لن ينقص من قدره عندنا
هناك أربع مبادرات للصلح وأبدينا المرونة الكافية
يبدو أن الانتقال والتغيير لم يطرأ فقط على حالة التماسك والوحدة التي كانت بين (الإخوان)، فحتى مركزهم العام أصابه ما أصاب ساكنيه، فبعد تحديد موعد حوارنا مع الشيخ "علي جاويش" المراقب العام- الذي ينازعه إخوانه على هذا المنصب- بدأ مدير مكتبه في وصف موقع دار الجماعة الذي انتقل من العمارات إلى ضاحية أركويت، في مبنى فخم، رغم فخامته لكنه في حاجة إلى ترميم، حاله حال الجماعة نفسها التي ضربها الانقسام. وأبدى شيخ "جاويش" تحفظاً كبيراً على تطرق الحوار لخلافات الجماعة، مؤكداً أنه لا يرغب في الحديث عن ما بينه وبين إخوانه. قدّرنا تحفظه فأمسكنا عن الخوض في أدق تفاصيل الخلاف، لكن لم يكن ممكناً أن نغض الطرف تماماً عن الإمساك ببعض أطرافه، وهذا ما كان، رغم إصرار الشيخ على موقفه. وبعدها انتقلنا معه للحديث عن مواقف الجماعة تجاه الراهن السياسي الداخلي، وما تموج به الساحة الإقليمية والدولية من حولنا.
حوار- عقيل أحمد ناعم
{ بعد انقضاء هذه الفترة منذ حدوث الخلاف داخل الجماعة.. ما هي طبيعة هذا الخلاف وأسبابه؟
- نحن أصدرنا بياناً في الأسبوع الأول من رمضان، وحفاظاً على أن لا نصعد الموضوع اكتفينا بالبيان الأول، والدخول في الأسباب قد يطول، وشرحه في الصحف لا يمكن أن يكون مكتملاً.
{ الآن هناك مبادرات لرأب الصدع.. حدثنا عنها ومن وراءها؟
- هناك أربع مبادرات، وجلسوا معنا ساعات طويلة، يسألوننا ويكتبوا وجهة نظرنا، ويذهبون للإخوان في الطرف الآخر ويكتبوا وجهة نظرهم، بعض هذه المبادرات توقفت، وأخرى ما زالت تنتظر ردنا عليها. لذلك ولأن المبادرات فيها كلام مباشر مع الطرف الآخر بعيداً عن الإثارة في الصحف فقد اكتفينا بهذا، ولا نريد أن نخوض في أسباب الخلاف عبر الصحف، حتى لا نضر بمبادرات الصلح.
{ حسناً.. من يقف وراء هذه المبادرات؟
- أول مبادرة أتت من بعض إخواننا في الجماعة الذين يعرفون كثيراً من التفاصيل، استمعوا لوجهة نظرنا، وذهبوا للطرف الآخر ويبدو أنهم لم يجدوا استجابة منهم، وتوقفت مبادرتهم عند هذا الحد. أتت مبادرة أخرى من جماعات إسلامية وأيضاً توقفت. بعدها ظهرت ما تسمى (مبادرة الولايات) من الإخوان المسلمين في الولايات، استمعوا للطرفين وكتبوا رأيهم ورفعوه للجانبين، نحن ناقشنا ما رفعوه إلينا وتبقت الآن الصياغة لنسلمهم ردنا. أيضاً جاءتنا مبادرة من كبار أعضاء الحركة الإسلامية، جلسوا معنا ومع إخواننا، وكتبوا رأيهم حول الوساطة، وناقشناه، وهم الآن منتظرون ردنا. هذا هو الموقف حتى الآن، توقفت المبادرتان الأوليان، ولا تزال الأخيرتان تنتظران منا الرد.
{ ما فحوى هذه المبادرات؟
- هذا رأي إخواننا في هذه الجهات التي تقود الوساطة، ولا نستطيع أن نتحدث عنها ونقول رأينا حولها في الصحف.
{ هل هناك ما يبشر بنتائج إيجابية؟
- كل الذين اتصلوا بنا قلنا لهم نحن أهل إصلاح، ونحن لا نصد باباً للإصلاح، ونحن منفتحون تجاهه، وأبدينا من المرونة ما نعتقد أنه كافٍ. ولكن لعلك تدرك أن طبيعة هذه الأشياء التي قد تكون امتدت عدداً من السنين ليس من السهل استيعابها في يوم أو يومين، لذلك نحن نحسن الظن بإخواننا أصحاب المبادرات، ونقول ما نراه صواباً، ولا ندعي أن رأينا هو الأصوب، لكن الوساطات في السودان لها تاريخ وعرف، وتعطى الوقت الكافي ويصعب الوصول خلال أيام لكل التفاصيل والتصور للمشكلة والحلول المقبولة. والحل المقبول هو أن يبدي الطرفان شيئاً من التنازل طمعاً في تحقيق منفعة في المستقبل، وهذا أمر ليس سهلاً لكن لابد أن يُسعى إليه، وإذا تحقق يحدث الوفاق، وهذا ليس سهلاً، أن تصل وساطة لهذا المستوى.
{ من جانبكم.. هل لديكم الاستعداد لتقديم هذه التنازلات؟
- نحن من جانبنا أهل صلح، وربنا سبحانه وتعالى قال: (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ)، وأبدينا ما نظن أنها مرونة كافية، لكن قد لا يكون هذا كافياً لإخواننا في الطرف الآخر، ونحن لا نصد باباً ولا نقول إن كل شيء انتهى، والطمع في حدوث إصلاح بيننا لا ينتهي.
{ ما موقف جماعة الإخوان (الأم) في مصر من ما يجري بينكم هنا.. وهل لهم سعي للإصلاح؟
- الجماعة الأم، لديها الآن مشاكل كبيرة في بعض الأقطار، وهي في العادة لا تتدخل في الأمور الداخلية للجماعة في كل دولة إلا بشيء من النصح أو الإشارة، ولا نعتقد أن الجماعة الأم الآن لديها من الوقت والفراغ لتتدخل في مشكلتنا في السودان. قد تنصح وتشير في الحدود المعقولة، لكن لن يحدث أن تتدخل مباشرة في الأمر.
{ من قبل تدخلت الجماعة الأم للإصلاح في خلافات وقعت قديماً بين أطراف في جماعة الإخوان في السودان؟
- في سنة 1960 في الخلاف مع "الترابي" حدث محاولات مستمرة من الجماعة الأم للإصلاح، فاتصلوا بنا وبجماعة "الترابي" لوقت طويل جداً استمر لعشر سنوات، لكن في الآخر لم يصلوا لما سعوا إليه، وبعد عشر سنوات انشقت مجموعة عن "الترابي" وانضمت لمجموعتنا البسيطة التي انفصلت عنه في (69). ثم في 1991م الخلاف مع "أبو نارو" كان أبسط كثيراً من الخلاف الأول ولم يكن فيه ذات التعقيدات، فلم يحتاج إلى تدخل ووساطات، فقد اتخذنا قرارات معينة وفصلنا فيها داخل الجماعة. لكن أيضاً جاءت جماعة من الخارج وبقيت أسبوعاً واستمعت للطرفين وقرروا حلاً محدداً وطالبوا بأن يبايع الناس عليه فنحن بايعنا ورفض الطرف الآخر، وأمهلونا شهراً نلتقي بعده في تركيا، وأيضاً أصر الطرف الآخر على الرفض، وانتهى الأمر، وكل طرف مضى في طريقه.
الخلاصة أنه في المرتين السابقتين من الخلافات لم يتحقق ما كان يسعى له التنظيم العالمي في أن يعود الطرفان للاندماج، لكن ما حدث أن كل جماعة تفهمت ما عليه الجماعة الأخرى.
{ وكأن هذا ما سيحدث الآن؟
_ في النهاية نحن نقول إن الله نهى عن التنازع ، وهو المشكلة، لكن أن تكون هناك جماعات لها توجهات ورؤى مختلفة ولا تتشاتم ولا تتنابز فهذا أمر طبيعي. في السودان ليس هناك جماعة، صوفية أو غيرها أو حزب شيوعي لم يحدث فيها انشقاق، صحيح الانشقاق ليس أمراً مطلوباً لكن ما يُعاب هو ما يحدث بعده، ونحن إن شاء الله نسعى ونحرص أن لا يحدث ما يعكر صفو الأخوة والعلاقات التي كانت بيننا، كما لم يعكرها ما حدث في 1969م و1991م، فنحن من جانبنا كنا حريصين على العلاقة، رغم أنه بدت بعض الأشياء من الطرف الآخر لكننا لم نستجب لها.
{ وكأنه ينتابك يأس من عودة الجماعة للاتحاد بعد هذا الخلاف وتكتفي فقط بأن لا يحدث تنازع بين الطرفين؟
- لا أقول يأس، لكن مثل هذه الخلافات فيها صعوبة، نحن نسعى للمأمول، فإن لم يحدث فيجب على الناس أن يدركوا أن الخلاف أمر طبيعي وأن تستمر العلاقة والتعاون على البر والتقوى. وهناك جماعات إسلامية كثيرة في السودان، ويجب احترامها كلها، والتعاون فيما بينها، ونحن نتعاون مع أية جماعة مهما كان شعار الإسلام عندها ضعيفاً أو قوياً، لأنهم في الآخر مسلمون.
{ يبدو أن الخلاف الحالي أشبه بما حدث في 1969م بينكم والشيخ "الترابي"؟
- ما حدث في 1969م أمر كبير جداً لأن "الترابي" في ذلك الوقت استقل بأكثر من (90%) من الجماعة. الفرق بين هذا وما حدث في 69 أن "الترابي" كان معه كبار الإخوان وأناس عقلاء، فلم تحدث أي مناوشات، ولكن كما تتابعون الآن حدثت مناوشات، ونحن من جانبنا حاول بعض الشباب أن يردوا فأوقفناهم عن الرد، ونرجو من الطرف الآخر أن يوقفوا المناوشات. هذا اختلاف عن ما حدث في 69. وإن حدث الوفاق فهو المطلوب وإن لم يحدث فليعلموا أن الخلاف وارد أن يحدث، ولكن يجب أن يتعاون الناس في حدود العمل الإسلامي الواسع. ونحن في الإخوان لا ندعي أننا جماعة المسلمين، بل نحن جماعة من جماعات المسلمين.
{ هل الخلاف بينكم الآن فكري أم تنظيمي؟
- الخلاف ليس تنظيمياً، فلو كان تنظيمياً كان يسهل معالجته، لكن نحن نرى أن الخلاف أعمق من هذا وله طبيعة مختلفة، لذلك كل طرف اتخذ ما يراه، لكن لا نسميه خلافاً إدارياً أو تنظيمياً.
{ هل يعني هذا أن الخلاف فكري؟
- نعم خلاف فكري، له أبعاد فكرية وأبعاد تربوية، ولا أريد أن أخوض في تفاصيل الخلاف. وهم قد يرون شيئاً آخر.
{ هل يرتقي الخلاف الفكري هذا لدرجة القول إن الطرف الآخر فارق منهج جماعة الإخوان المسلمين؟
- من جانبنا نحن أعلنا منذ أول يوم أننا نحن الإخوان المسلمين على المنهج والكتاب والسنّة الذي بينه الرسول "صلى الله عليه وسلم"، وسار عليه المجددون قديماً وحديثاً. نحن ملتزمون بمنهج الإخوان المسلمين، وإخواننا في الطرف الآخر إذا التزموا بهذا المنهج بهذا الوضوح والصرامة فليس هناك ما يمنع أن يكونوا إخواناً بنفس المستوى، ولكن إن كان لهم آراء أخرى أو تعديلات على المنهج فهذا شأنهم.
{ من سيكون هو الممثل الشرعي لجماعة الإخوان في حال لم تصلوا لوفاق وحدثت مفاصلة بينكم؟
- نحن من جانبنا أعلنا منذ أول يوم أننا نحن الإخوان المسلمين على هذا المنهج منذ ثمانين عاماً، ومنذ ستين عاماً في السودان، وقلنا من على هذا المنهج فهو معنا، ومن له رأي غير هذا فله ما أراد. لا نستطيع أن نحكم نحن من هو الممثل، لكن من جانبنا نفعل ما نراه مناسباً ولا نستطيع أن نحكم على الغير.
{ لكن بمن ستعترف الجماعة الأم أو التنظيم العالمي.. بكم أم بالطرف الآخر- جماعة الشيخ "الحبر"؟
- الجماعة الأم بعد (ما تفضى) ستقدِّر بمن تعترف. والاعتراف قديماً وحديثاً لا يعني أنهم سيمدون الجماعة هنا بقرارات ملزمة أو بمال أو غيره، الاعتراف هو تعاون. فالجماعة الأم لها خيار في التعاون مع من تراه. وفي 1969م ظلت الجماعة الأم تتعاون مع "الترابي" لمدة عشر سنوات مع أنه كان لا يعترف بالإخوان المسلمين ولا بقيادتهم، وبعد أن وجدوا أن هذا هو موقف "الترابي" وجهوا التعاون للمجموعات المنتمية للجماعة. وفي حالة "أبو نارو" الأمر كان أسهل وتم حسمه في شهر واحد. في النهاية الأمر تقدير، فالجماعة الأم هي التي تقدر بمن تعترف ومع من تتعاون.
{ هل حددتم موعداً لانعقاد المؤتمر العام للجماعة؟
_ هناك مؤتمر استثنائي قريب لإجراءات قانونية، وليس فيه أشياء أساسية مثل وضع الخطط واختيار رئاسة جديدة، والمؤتمر الأساسي قد ينعقد في ظرف عام.
{ هل معكم أعداد كبيرة من العضوية؟
- معنا أعداد مقدرة جداً وأغلبية، ولكن الأهم أنها عضوية مؤمنة، نحن لا ننظر إلى كم معنا، لكن ننظر هل توجهنا خالص لله أم لا. ويهمنا أن تكون نياتنا صافية لله، فبعد هذا العمر الذي بلغناه ليس هناك ما نرجوه غير هذا.
{ هناك حديث عن أن الأغلبية مع الطرف الآخر؟
- لا أريد أن أعلق على هذا أو أدعي شيئاً، ولكن اذهب وابحث وحدك لترى مع من الأغلبية.
{ على الأقل كثير من رموز الجماعة ذهبت مع الطرف الآخر منهم شيخ "صادق" وشيخ "الحبر"؟
- نعم شيخ "الحبر" معهم، لكن شيخ "صادق" في عمره هذا وحالته الصحية هذه، لا ينقص من قدره ومكانته ومحبته أنه اتخذ موقفاً مع هذا أو ذاك، كما لم ينقص هذا من قدره في 1969م حين بقي مع "الترابي" لعشر سنوات. فشيخ "صادق" مكانته محفوظة ولا نطالبه أن ينحاز إلينا فنحن نحترمه ونقدره ونقدر سابقته وإخلاصه وتجرده لهذا الدين، فهو ليس لديه في الدنيا غير هذا الأمر. ولكن في النهاية كما قال الصحابة (كلٌ يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر) وشيخ "صادق" وغيره ينطبق عليهم هذا القول.
{ لكن وجود شيخ "صادق" يرجح كفة الطرف الآخر؟
- إن رأى هو ذلك وانحاز للطرف الآخر فله ذلك، ولكن هذا لا ينقص من قدره عندنا. وعموماً هو عمره وصحته لا تسمح له بممارسة العمل العام، لكن إن اتخذ أمراً لا نحاسبه عليه ولا ننقص من قدره. يا أخي في 1969م وهو في كامل صحته هو و"الحبر" اختارا البقاء مع "الترابي" ولم ينقص هذا من قدره عندنا. أنا سألت شيخ "صادق" قبل فترة قصيرة وقلت له إن الطرفين كانا مجمعين عليه ولو قبل الترشح في ذلك الوقت لما حدثت المشكلة، فأجابني بقوله: (أنا كنت أرى أنكم غلطانين). تظل مكانته محفوظة فأنا لا أعرف رجلاً عنده من التجرد والإخلاص لهذه الدعوة مثل شيخ "صادق"، لكن كونه عنده رأي مخالف لنا فهذا من حقه.
{ هل ترى أن الحكومة يمكن أن يكون لها يد في هذا الخلاف الذي وقع بينكم؟
- لا نتوقع أن تسلط علينا الحكومة سهاماً مباشرة ولا نتهمها مباشرة، لكن المؤتمر الوطني عنده طريقته وأياديه في الأحزاب كلها، وهذا أمر معلوم. ونحن جزء من الأحزاب، ولا نستبعد أن يكون ضالعاً وله تدخل ويد. لا ننفي هذا الأمر، لكن ليس لدينا دليل عليه، فالوطني له طريقته عبر الأمن أو غيره للتدخل في شؤون الأحزاب، وقد حدثت سوابق كثيرة اشتكت منها بعض الأحزاب، ونحن جزء من الشعب ومن الأحزاب يجري علينا ما يجري عليهم.
{ على ذكر الخلافات الفكرية والأفكار.. بصراحة يا شيخ "علي" هل تؤمنون في جماعة الإخوان بالديمقراطية بشكلها الحالي المعمول به؟
- نحن نؤمن بالإسلام وهو فيه كل شيء، وفيه مبادئ معلومة جداً، ولا نحتاج أن نسميه ديمقراطية، فربنا لم يسمه كذلك، سماه الإسلام، وهو فيه اختيار الحاكم ومحاسبته وفيه الحريات، وعدم الفساد. إذا اتفقت الديمقراطية في شيء من هذا مع الإسلام فهذا لا يعني أن نسمي الإسلام ديمقراطية. أما الديمقراطية في (حكم الشعب للشعب بواسطة الشعب)، وربنا يقول (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ)، إذن فالحكم لله وليس للشعب، هذا فارق كبير جداً بين الإسلام وبين الديمقراطية.
{ هذا يعني أنكم لا تؤمنون بالديمقراطية؟
- نؤمن بالإسلام، فهو غير محتاج للديمقراطية ولا للاشتراكية ولا غيرها.
{ سؤالي قائم.. أنتم لا تؤمنون بالديمقراطية بشكلها المعلوم والمعمول به؟
- لا نؤمن بها، نؤمن فقط بالإسلام الذي يعين المسلم وغير المسلم على حياته.
{ لكن كل الدول التي توجد بها جماعة الإخوان تعتمد مبدأ الديمقراطية لإدارة شأن الدولة.. فكيف تتعاملون مع هذا الواقع؟
- نحن نفرق بين ما يؤمن به الناس وبين ما نؤمن به وندعو له بالتي هي أحسن. وإن كان هناك من يدعو للديمقراطية في السودان أو غيره فلا نقول إنهم يحاكمون أو شيء من هذا القبيل، وندعوهم لما نؤمن به بالتي هي أحسن.
{ لكن حتى الجماعة الأم في مصر وغيرها من الدول أعلنت صراحة إيمانها بالديمقراطية وانخرطت في الحياة السياسية وفقاً للديمقراطية؟
- ما أعلنته الجماعة الأم في مصر من إيمانها بالديمقراطية خطأ، وخطأ واضح جداً، فالإسلام ليس هو الديمقراطية. هم أعلنوا إيمانهم بالديمقراطية وأنا لم أجلس معهم لأناقشهم، وبعدها حدث ما حدث في مصر، لكن من حيث المبدأ هذا الإعلان خطأ، ربما يكونون قدروا أمراً لا أعلمه، لكن مجرد هذا الإعلان خطأ، فهذا أمر لا يقوله الإسلام فربنا يقول (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ).
{ إذن ما هي آليات الحكم في فكر الإخوان؟
- الشورى، وهي موضحة منذ زمن بعيد. (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ).
{ مثلاً من الذي يختار الحاكم؟
- يختاره الشعب.
{ إذن فالحكم هنا للشعب.. وهو ما تقره الديمقراطية.
- لا.. لا، هناك فرق بين القانون وبين اختيار الحاكم، فالشعب اختارك على أساس الإسلام، والدولة قانونها إسلامي، لكن من يحكمها زيد أو عمرو، فهذا يختاره الشعب.
{ ولكن آلية الاختيار هذه هي الديمقراطية أليس كذلك؟
- لا.. لا، الشورى، لماذا تقول ديمقراطية ولا تقول شورى؟!
{ وكيف يمكن للشعب كله أن يقول رأيه عبر الشورى.. هل تتم مشاورة كل الشعب؟
- الشورى زمن الصحابة لم تكن لكل الشعب، كانت لأهل الحل والعقد، وكانوا هم زعماء القبائل فقد كانت البلاد قبلية. الآن ضعفت القبائل، ويمكن أن تتم انتخابات حرة، أنت تتحدث عن الديمقراطية هل يمكن الآن في بريطانيا أو فرنسا أن يُسمح بأن يحكم رجل مسلم بالإسلام؟ مستحيل.
{ هناك مسلمون فازوا في هذه الدول في عدد من المواقع؟
- أنا أتحدث عن مسلم يدعو للإسلام ويكون رئيس الدولة، لن يكون ذلك، قد يكون مسلماً لكن لا يمكن أن يحكم بالإسلام. كما أنه يمكن أن يكون هناك مسؤول مسيحي في دولة مسلمة لكنه لا يمكن أن يكون رئيس الدولة.
{ بمعنى أنه لا يجوز أن يترشح غير المسلم للرئاسة في بلد مسلم؟
- لا..لا، يمكن أن يترشح، لكن لا يجوز للمسلمين أن يصوتوا له. وأنا من قبل في لجنة الدستور أيام (نيفاشا) اعترضت على السماح بأن يكون هناك حاكم غير مسلم، وقلت إن المسلمين لن يقبلوا بهذا، وأكد "دينق ألور" في الاجتماع أن هذا هو فعلاً رأي المسلمين.
{ هل تؤمنون بفكرة الأحزاب السياسية؟
- في الإسلام، هناك حزبان (حزب الله، وحزب الشيطان)، وحزب الله يمكن أن تكون فيه جماعات مختلفة كلها تتفق على الإسلام حسب رؤيتها. وحزب الشيطان أحزاب مختلفة.
ولكن كل حزب لا يعارض الإسلام له أن يتخذ من الآراء والسياسات ما يشاء، لكن لا يكون معارضاً للإسلام وحكم الإسلام، وهذا حزب إسلامي يؤمن بحكم الإسلام، ولكن قد تختلف رؤاه في كيفية هذا الحكم بالإسلام.
{ هل يعني هذا أن ليس لديكم مانع في أن تتحول جماعة الإخوان إلى حزب سياسي؟
- ليس أن تتحول الجماعة إلى حزب سياسي، فنحن جماعة تدعو للإسلام، لكن يمكن أن نعمل واجهة سياسية إن احتجنا إليها، قبل ست أو سبع سنوات اقترح بعض الإخوان في الجماعة إنشاء واجهة سياسية، فقلنا إن كان هناك حاجة لها فلا مانع، وناقشت بعض الإخوان من خارج السودان فأوضحوا لي أنهم أنشأوا واجهات سياسية لأن لديهم مشاكل وعقبات في بلدانهم، وقالوا لي (أنتم ليس لديكم هذا العقبات في السودان)، وفعلاً نحن الآن مسجلون في مجلس شؤون الأحزاب السياسية كحزب إسلامي. فعلياً نحن الآن حزب إسلامي، كما هناك الآن حزب شيوعي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.