طبعاً ولا في الأحلام سيكون هذا الأمر، أي لن تكون هناك مفاوضات بدون "ياسر عرمان"، ولكن بالضرورة –أيضاً- لن تكون هناك مفاوضات معه، وهذا هو ما بدأ لنا، وما وضح وظهر من خلال كل الجولات السابقة حتى الجولة الأخيرة التي ارتفع فيها سقف آمال المواطنين السودانيين بعد أن وقع ممثلوا نداء السودان على خارطة الطريق.. بعد تمنع استمر لخمسة أشهر. حقيقية نتساءل وغيرنا –أيضاً- عن الأسباب التي تدفع بالأمين العام للحركة الشعبية ل(تحرير السودان) قطاع الشمال إلى تعويض مسارات السلام، وهذا الأمر بات مملاً وسخيفاً، لا نعرف القصد الحقيقي من ورائه إلا إذا كان هو المزيد من تمزيق البلاد، دون اتعاظ بما حدث للجزء المنفصل من قبل وكون دولة فاشلة اسمها جمهورية جنوب السودان، جاء انفصالها نتيجة أفعال "عرمان" ومن معه لكنهم ما زالوا نتيجة أفعال ما زالوا في غيهم سادرون، ولم يكتفوا بما حدث في دولة جنوب السودان، بل أرادوا أن يمتد ما حدث فيها ليشمل بقية أنحاء السودان النيلي، وهو ما يطلقون عليه الهامش، بعد أن نجحوا – بطريقة أو بأخرى – في استمالة بعض قيادات الحركات الدارفورية المسلحة، لكن هذه القيادات تصحوا مرة، وتغفوا مرات، رغم ما تراه وتعيشه وتعايشه في دولة جنوب السودان التي أصبحت منطلقاً لعملياتها (الثورية) والمسلحة. نعم.. ظل "ياسر عرمان" يبذل قصارى جهده من أجل عدم الاتفاق أو التوصل إلى سلام، وهذا –قطعاً- جنون ما بعده جنون، إذا كيف يعقل أن يقوم بذلك من يطرح نفسه زعيماً وقائداً أساسياً، فالزعامة والقيادة لا تكون، إلا بالسلام، لكن "عرمان" – فيما يبدو – يعلم أنه لا يملك من مقومات الرعاية والقيادة إلا (المال) الذي يحرك به الآخرين من بعد، وفق ما يريد وفي أي اتجاه يريد. خلال الجولة السابقة من التفاوض، بدأ "عرمان" في تنفيذ خطته التي أصبحت مكشوفة لإفشال تلك الجولة، رغم التصريحات الإيجابية للقيادات الأخرى مجموعة نداء السودان، إذ بدأ "عرمان" في إطلاق التصريحات السالبة أمام أجهزة الإعلام منذ اليوم الأول للتفاوض رغم روح التفاؤل التي سيطرت على الأجواء الأمة بعد التوقيع على خارطة الطريق.. أخذ يكيل الاتهامات للحكومة وحلفائها بممارسة القتل الجماعي وتجويع المواطنين في المنطقتين (النيل الأزرق وجنوب كردفان)، كأنما كان هو وحركته يضمدون جراح المواطن هناك، ويوفرون له الدواء والغذاء والكساء، والمواطن المسكين يعرف أسباب معاناته، ويعلم أن نيران الحرب التي تدور هناك ما كان لها أن تشغل لولا عرمان ومن معه. الآن طفح الكيل وكاد قاموس الرجاءات أن ينفد، وما عادت كل أدوات التجميل تكفي لتزيين صورة الحركة الشعبية (شمال) التي تلطخت أيديها بدماء الأبرياء وتسببت في تشريد المئات، بل الآلاف من قراهم ومساكنهم ومناطقهم إنتاجهم وحقولهم ليصبحوا نازحين يعانون مرارة مراراً النزوح والإحساس بالخوف من المجهول. نعم.. كان "عرمان" هو الشيخ الذي يقف وراء كل كارثة، بل ظل يجتمع باستمرار مع "مناوي" و"جبريل" ليتحدثا بلسان واحد يعبِّر عما في نفس "عرمان"، أي ربط المسارين في التفاوض، وقد نجح في ذلك إلى الحد الذي يريد، إذ صرَّح "مني أركو مناوي" بأنه لا بد من التوصل لاتفاق في المسارين في آن واحد.. لا نستطيع القول بأن المفاوضات فشلت تماماً –حتى الآن- لكننا نؤكد على أن هناك من نسعى لإفشالها، ونقصد به الأمين العام للحركة الشعبية (لتحرير السودانية) قطاع الشمال "ياسر عرمان" الذي عقد مؤتمراً صحفياً في الخامس عشر من أغسطس الجاري، حاول من خلال تحميل الحكومة السودانية إفشال هذه الجولة، بأن قال: إن جهاز الأمن والمخابرات الوطني في السودان، منع الصحف من نشر تصريحات المعارضة، أو أي تصريحات أو حوارات للقادة المعارضين من نداء السودان، خاصة الذين يعتمدون (الكفاح المسلح) وسيلة للمعارضة. حدد بيان الأمين العام للحركة الشعبية (شمال) "ياسر عرمان" حدد المناطق التي يزعم أنه يمثلها ومن معه في مجموعة نداء السودان، وقال إنهم جاءوا يمثلون ملايين النازحين في دارفور وجنوب كردفان وجبال النوبة والنيل الأزرق, "عرمان" أنكر وجود الحكومة بأن ذكر في بيانه أنهم أثبتوا للعالم ومن قبله للشعب السوداني، عدم رفضهم للسلام وجاهزيتهم للحوار، ولكن – انظر_ (لا يوجد طرف نتحاور معه)، و(لا توجد حكومة) يمكن أن تدير حواراً أو سلاماً أو مصالحة، وقد أثبتت الحكومة أنها غير جادة. بالله عليكم هل بعد هذه المواقف أمل في أن يتم حوار أو تفاوض بين الأطراف المكونة لنداء السودان وبين الحكومة التي لا يعترف بها "عرمان" ومن معه.. وحتى إن سلمنا جدلاً بأنه لا توجد حكومة مثل تلك التي يريدها "عرمان" لا بد لنا أن نعترف بأنها حكومة قائمة، وهي حكومة أمر واقع يعترف بها الداخل والخارج ويتعامل معها.. و.. لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. إنهم يريدون تفتيت ما تبقى من هذا الوطن.. وسيظل ذلك هو الهدف الأسمى لهم أن تتهاوى الأصنام وتطير الأحلام بلا أجنحة!.