عندما يفضفض "موسفيني"! ابراهيم دقش استمعت إلى الرئيس اليوغندي يوري موسفيني وهو يتناول إحدى عشرة (عثرة) أو معوقاً تواجه أفريقيا.. وكنت أجلس على بعد خطوتين منه، وهو يضع (برنيطته) أمامه، ورأسه "يلمع". تساءل أيهما أحق بالأخذ به، الهوية أم المصالح؟ ويعدّ المسألة "أيديولوجية" لأن الطائفية والجهوية والدين تشكل خطورة أمام المصلحة العامة إذا عدّت أولوية.. والازدهار بالنسبة له يتم عن طريق الإنتاج وليس عن طريق الاستجداء و"الشحدة".. هنا يقفز إلى النزاعات والحروب وكيف أنها تعالج بالحوار والمنطق والقبول بالآخر وبعدمه يتاح للأمم المتحدة التدخل.. ويصف قوات الأممالمتحدة بأنها تحولت إلى سيّاح مسلحين، وما دخلت بلداً وخرجت منها (بأخوي وأخوك). ضعف البنيات الأساسية بالنسبة له هو مربط الفرس وأفريقيا مشكلتها الأساسية في توفير الطاقة (الكهرباء) فبدونها لا تكون الطرق ولا السكك الحديدية ولا الاتصالات. وضعف الدولة بالنسبة له أيضاً يكمن في زوال "الهيبة" أو تدهور الجيش والشرطة. فالأول يحافظ على أمن وسلامة البلاد وأراضيها وتمنع الشرطة الجريمة المنظمة والإرهاب وما إليه.. وعند تحدثه عن التصنيع الضئيل في القارة، يتوقف عند "المانحين" ويتساءل لماذا هم مانحون ونحن متلقون؟ نحن أيضاً نمنحهم أشياء بناً وقطناً ونحاساً.. والزراعة في نظره يلزمها تأهيل وتعاني من عدم التوازن، ويضرب مثلاً ببلاده يوغندا التي تنتج (2,2) مليون لتراً من الألبان لا تستهلك منها سوى القليل، ولولا تصديره لمجموعة شرق أفريقيا ودول "الكوميسا" لضاع هدراً.. وكذلك الذرة الشامي الذي تنتج بلاده أربعة ملايين طن سنوياً منه، فالمطلوب في رأيه توفير "مليون" كبذور، والسماد والري بشكل منظم ومنتظم. ضعف قطاع الخدمات يشكل هاجساً– كما عبر- فلماذا يقصد السياح أسبانيا دون أفريقيا. وفي اعتقاده أن أفريقيا عاجزة عن تسويق نفسها وقاصرة في مجال الإعلان والدعاية.. أما الخدمة المدنية فقد قال إن عدم تجاوبها يعود لأمرين هما الأيديولوجية والفساد، فيما يعتقد أن تدخل الحكومة في القطاع الخاص ضار إما بسوء السياسات أو الفساد. انتقد "موسفيني" بشدّة انسياق أفريقيا وراء شعارات معينة مثل التنمية الريفية في السبعينيات (وضحك ليضيف بأنه حينها كان مشغولاً بشأن آخر ولم يتابع)، ثم جاء بعد ذلك شعار التعليم ثم الصحة، ثم المرأة والجندرة، بل حتى الأطفال جاء دورهم بقانون حق الطفولة وتتوجت الشعارات بالأمن الغذائي. وكأنما أراد الرجل أن يقول إننا نردد وراء العالم شعاراته كالببغاوات، وإن احتفظ بها لنفسه، لكنه أفصح في حالة الأمن الغذائي عن رأيه بأنه عارض مدير عام منظمة الزراعة والأغذية العالمية وكان سنغالياً يدعى "جاك ضيوف" بأن أمن "الدخل" Income security يسبق قطعاً أمن الغذاء!!