مزيداً من العواصم نجل الدين ادم أستهوتني فكرة مهرجانات عواصمالولايات التي ابتدرتها الحكومة في الآونة الأخيرة في تطواف جغرافي يجسد الثقافة والتاريخ والسياحة والإرث الإسلامي وغيره، فجاءت مسميات "سنار عاصمة للتراث الإسلامي"، "بورتسودان عاصمة للثقافة العربية"، وأخيراً كانت "الجنينة عاصمة للثقافة السودانية"، وقد حققت هذه التظاهرة الأخيرة نجاحاً كبيراً من واقع ما أخرجته المدينة من معانٍ، وما حظيت به الفعالية من اهتمام من رئاسة الجمهورية، والرئيس "البشير" يشهد ختام هذه الفعالية والتي كان لها مردود إيجابي في إحداث حراك ثقافي وتنموي مصاحب، وإحياء للطاقات الشبابية، وقد عمت المدينة طوال أيام الفعالية، حالة استثنائية من النشاط والحيوية، وتحولت "الجنينة" الوادعة الخضراء، إلى خليط من الحراك الفني والغنائي والرياضي والاقتصادي والعمراني، فحضر رئيس نادي الهلال الأمدرماني "أشرف الكاردينال" والفنان "محمد الأمين" ورجل الأعمال "حسن برقو" وغيرهم من الرموز، فتناسى أهالي المنطقة إفرازات الحرب وحالة السكون التي تعمها المعسكرات والقرى القريبة. فرغم أن الحدث السياسي الأهم وهو جمع السلاح، قد خطف الأضواء من هذه الفعالية في عاصمة غرب دارفور، إلا أنها استطاعت أن تظهر في هذا الزخم بقوة، بفضل الترتيب المحكم من وزارة الثقافة الاتحادية بقيادة وزيرها الذي اعتكف أياماً هناك "الطيّب حسن بدوي"، بجانب حكومة الولاية، بغية تحقيق الغايات المطلوبة، وقد شاهدنا وتابعنا حجم التفاعل الذي أيقظ المواهب وأحيا التاريخ الزاخر للمنطقة. الجنينة عاصمة للثقافة السودانية، كانت التجربة الأولى، ولذلك كان الكثيرون يترقبون النتائج ليعبروا بعدها إلى تنفيذ فكرة بقية العواصم، فالولاية لم تخب ظن المركز في ذلك، وباتت المدن الأخرى في حالة ترقب لتغشاها واحدة من مسميات العواصم التي أشرت إليها، لأن الجنينة عاصمة للثقافة لم تكن مجرد فعالية والسلام، بل كانت معانٍ عميقة ورسائل للسلام والتنمية. كنت حريصاً على متابعة الفكرة وفي خاطري أن الدولة ينبغي أن لا تركز فقط على عواصمالولايات، لأن هناك مدناً بقامة ولاية بما تملكه من إرث أو تاريخ أو وضع استثنائي، مثل عطبرة في نهر النيل، سواكن بالبحر الأحمر، أم درمان بولاية الخرطوم، العباسية تقلي ورشاد بجنوب كردفان، وغيرها من المدن الأخرى التي لا تقل أهمية. خلال المتابعة وجدت أن أهالي الجنينة كانوا الأسعد، وقد تحلقوا جميعاً حول هذا الحدث، فجاء كل يحمل معوله لتقديم ما يمكن تقديمه، فهكذا يكون التفاعل، والتحية هنا لقائد الركب في الولاية الوالي "فضل المولى الهجا" على جهده، فقد كان لحكومته دور كبير في إنجاح الفعالية باقتدار، وبصحبته وزير الثقافة والإعلام بالولاية "مختار عبد الكريم آدم" الذي قدم من المركز، حيث كان من قبل وزيراً للدولة بوزارة الصناعة الاتحادية، ووزيراً للدولة بالبيئة والغابات، صاحب الخبرات التراكمية، فضلاً عن المدير العام بالوزارة الشيخ "أبو القاسم خميس آدم" صاحب التجربة الطويلة، أما معتمد الجنينة "محمد عبد الرحمن محمد أحمد" الذي كان أباً لعاصمة الثقافة، فقد كان الرابح الأكبر ومدينة تصحو على إيقاع التلاحم وتسهر مع غناء الفنان الكبير "محمد الأمين" الذي شرف الولاية بهذا المقدم الأصيل، والمدينة تزدان بالإنارة الساحرة حتى أنها لفتت أنظار المسؤولين القادمين من المركز. قائمة من الجنود المجهولين في هذا العرس حاولت أن أعبر سريعاً على جهدهم الذي أحال الفعالية إلى نجاح أتمنى أن يمضي، وهنا لا أنسى وزير المجلس الأعلى للشباب والرياضة د."بدر الدين إسحق" الذي أرسى اللبنات الأساسية للشباب، ورفيق دربه الأمين العام "عبد الخالق مطر"، من خلال إكمال إستاد الجنينة الذي أصبح مفخرة. أخيراً.. أتمنى أن يكون هذا الكسب محفزاً لعاصمة أخرى، والله المستعان.