حتى الأحزاب التي تشظت وانشطرت من الأحزاب الكبيرة مثل حزب الأمة القومي أو الحزب الاتحادي (الأصل) لم تسلم من الصراعات والخلافات بداخلها، فحملت معظم الصحف الصادرة بالخرطوم أمس خبراً عن تجميد عضوية رئيس حزب الأمة الوطني المهندس "عبد الله علي مسار"، ومن قبل ذلك أصدر بعض القيادات في أحد أحزاب الأمة أيضاً تجميد أو فصل رئيس الحزب "الزهاوي إبراهيم مالك"، وصراع خفي داخل حزب الأمة القيادة الجماعية الذي يرأسه الدكتور "الصادق الهادي المهدي". إن أحزاب الأمة التي انقسمت من الحزب الأصل أو الرئيس، لم نسمع لها صوتاً، خاصة في القضايا الوطنية الكبيرة، فمثلاً الآن تدور محادثات في أثيوبيا بين وفد الحكومة والحركة الشعبية، وقمة تعقد بين رئيس الجمهورية "عمر البشير" ورئيس حكومة الجنوب "سلفاكير ميارديت" لم نسمع صوتاً لتلك الأحزاب أو نرى لها رؤية حول كيفية الخروج من الأزمة بين الشمال والجنوب، بعد الانفصال لم يتقدم رؤساء تلك الأحزاب بدراسة عميقة أو رؤية مستقبلية للعلاقات بين البلدين، تلك الأحزاب تنظر إلى مصالحها كيف يدخل رئيس الحزب السلطة، وكيف يكون له معاونون أو وزراء داخل أي حكومة تشكل، أما في القضايا الوطنية فلم نسمع صوتاً لهم، فالباشمهندس "مسار" إذا كان فقد الوزارة فهذا لا يمنعه أن يقدم رؤية واضحة لحل كثير من المشاكل الداخلية، وبإمكانه أن يشارك في محادثات أديس وإن لم يُدعَ لها، وبإمكانه أن يقطع تذكرة ويذهب إلى أديس ويراقب ما يجري في تلك المحادثات، وبإمكانه كتابة مذكرة تقرب الشقة بين الطرفين.. ولذلك كل الأحزاب التي تشظت من أحزابها الكبيرة هدفها المصالح الشخصية ومطالبة مجلس رئاسة الحزب بتجميد نشاط الرئيس هذا يؤكد أن الحزب لا يعمل بالمؤسسية، وإذا كان الرئيس حاضراً ويباشر مهامه لما انقلبت عليه الرئاسة وطالبت بتجميد نشاطه، صحيح نحن لم نلم بكل التفاصيل التي دعت رئاسة الحزب لاتخاذ تلك الخطوة، ولكن بالتأكيد لها مبررات استندت عليها ومن ثم قامت بمخاطبة مجلس شئون الأحزاب، وهذا الوضع ينعكس على كثير من الأحزاب الشبيهة بحزب "مسار" ومنذ فترة لم نسمع عن تلك الأحزاب ولا عن رؤسائها، ولا نعرف أين هم وماذا يعملون؟ فمثلاً السيد "الزهاوي إبراهيم مالك" لم نرَ له صورة في الصحف ولا تصريحات ولا مقابلات ولا تقريراً، ماذا يعمل ومن هم منسوبوه وماذا يعملون؟ لذا من الأفضل لتلك الأحزاب إما أن تعلن انضمامها بالكامل للمؤتمر الوطني، وإما أن تعود إلى أصولها ليكون لقياداتها دور وسط الجماعة، ولكن الانزواء والصمت لن يخدم الوطن ولن يقدم خططاً وبرامج تستفيد منها الجهات العليا.. فكثرة الأحزاب الصغيرة أيضاً لن ينفع الدولة وعليها التركيز على الكبار ففيهم الخبرة والتجربة والمنفعة.