{ من الأشياء المحيرة والصورة المقلوبة المنتشرة بكثافة في ولاية الخرطوم، تجد أعرق وأعظم مسجدين بالعاصمة الخرطوم (مسجد فاروق العتيق – أرباب العقائد) و(مسجد الخرطوم الكبير)، ظلا لسنوات طويلة يعانيان من التهميش والإهمال، والزائر لهذين المسجدين من الوهلة الأولى يكتشف بالفعل أنه ينقصهما الكثير من الاحتياجات التي يفترض أن تتوفر لمسجد عادي من شاكلة مساجد الأحياء الشعبية، حيث توفر كل أسباب الطمأنينة والراحة للمصلين.. ناهيك عن خصوصية ومكانة وعراقة (فاروق العتيق) و(الخرطوم الكبير) وموقعيهما الإستراتيجيين واحتشادهما الكثيف بالمصلين يومياً في كل أوقات الصلاة. { أيها السادة الكرام هل تصدقوا أن مسجد (فاروق العتيق) ومسجد (الخرطوم الكبير) بكل عراقتهما وتاريخهما الطويل الذي سبق بداية تأسيس الخرطوم القديمة، هل تصدقوا أن هذين المسجدين لا زالا بدون (مولدات للكهرباء)، في حين أن مسجد (فاروق العتيق) أول مسجد تأسس في الخرطوم، يتوسط المحال التجارية التي تخصصت في بيع المولدات الكهربائية بمختلف أنواعها وأحجامها!! { بالمناسبة مسجد (فاروق العتيق) يعتبر من أكثر المساجد في العالم الإسلامي امتلاكاً لعقارات ومنشآت وقفية، بل أكثرها ثراء بعائداته الوقفية!!.. ورغم ذلك لا تشعر بأثر هذا الثراء عليه. { وهل لكم أن تتخيلوا أن هذا المسجد (فاروق) (العريق والثري)، بجانب حاجته لمولد كهربائي توجد فيه علة مزمنة فيما يخص توصيلات أجهزة الصوت (دائماً ضاربة ومضروبة)، كما أن المسجد يفتقر لمعينات النظافة وللإضاءة من الخارج (ميضنته مضلمة دايماً)، في حين أن أي مسجد صغير في قرى الأرياف المتاخمة للعاصمة الخرطوم، تراه من على البعد يتلألأ بمختلف أشكال وألوان المصابيح المضيئة، خاصة (اللمبات الصينية) التي تتوزع كالنجوم على طول (الميضنة)، وحولها، بل وعلى كل المسجد هناك من (الساس إلى الرأس). { تخيلوا أن أقرب الكنائس لهذا المسجد والتي تقع غرب مصرف السلام، تتلألأ بالكشافات بكل الإبهار والأحجام، و(مسجد فاروق) يختفي عن الظهور من أول الظلام!! { تخيلوا (مسجد فاروق) المهمل الآن في قديم الزمان كان يمثل واحدة من المنارات الإسلامية، عندما كان مضاء وبالمصابيح والفوانيس التقليدية والتي ما زال جزء من أثرها باقياً يحكي عن عظمة هذا الصرح الإسلامي وعظمة من أسسوه وعظمة من جددوه وعظمة من هندسوه. { وتخيلوا أن جامع الخرطوم الكبير الذي يجاور المحلات التجارية لأكبر أثرياء الخرطوم (تجار الذهب وتجار العملة)، هو الآخر بجانب حاجته الماسة ل(مولد كهربائي)، يفتقد أيضاً التكييف الذي يتناسب مع حجم المسجد ومع كثافة المصلين، بجانب حاجته لأدوات النظافة الحديثة. { هل تصدقوا أن (جلاسات) المصاحف بالمسجد الكبير مصنوعة من الحديد ال (سيخ) والذي غير شكله القبيح الذي لا يتناسب مع عظمة المصحف الشريف، تجده يشكل خطراً على المصلين خاصة مرضى السكري!! { ما نبهت له يعتبر قليلاً من كثير، وأخيراً أقول إن الإهمال والتهميش الذي ظلت تعانيه هذه المساجد ك(دور للعبادة) لا يختلف عليه اثنان، ويشعر به حتى فاقدي البصر والبصيرة.. هذا بخلاف ما ظلت تعانيه من تجاهل من هيئة الآثار باعتبارهما من الصروح الإسلامية التاريخية الأثرية التي تحتاج لرعاية خاصة!! { الشيء المحير أن مساجدنا الأولى في البلاد ليس بها مولدات كهرباء، في حين أن (أندية مشاهدة الفارغة والمقدودة) تحسبت لانقطاع التيار الكهربائي بامتلاك مولدات من الحجم الكبير!! { أيها السادة الكرام، حضرات وزراء ومدراء الأوقاف (قصر الكلام): نذكركم فقط بالآية الكريمة .. { (ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) سورة الحج- الآية (32)