** لم تعد تولد الابداع فحسب .. فالمعاناة أضحت تولد نكاتا في المجتمع السوداني أيضا .. وهو بالمناسبة مجتمع ذكي ولماح و« يفهما طايرة » .. يحكى أن مولانا الميرغني اتصل بقيادة الحزب هنا لترتيب أمر عودته ، فردت إليه سوداتل : عفواً مولانا ، قيادة حزبك لايمكن الوصول إليها نهائياً ، لقد تسربت إلى المؤتمر الوطني ، فلا تحاول الاتصال بها لاحقاً .. هكذا يمزح الناس في بلدي ، وهو من نوع المزاح المباح .. ثم يحكى أن مولانا رفع سقف المطالب للتصالح مع المؤتمر الوطني ، كانت في السابق إعادة الديمقراطية والجنائن فقط ، ولكن إعادة فتحي شيلا - ورفاقه - ربما تصبح مطلباً استراتيجياً .. هكذا يتندرون في مجالسهم ، وهى نوادر توجز الوضع التنظيمي والسياسي للحزب الاتحادي الديمقراطي في « سطرين ونص » ...!! ** صديق علماني ذو بصيرة سياسية نافذة كان قد تكهن لي قبل سنوات بأن المؤتمر الوطني سيرث الحزب الاتحادي الديمقراطي عاجلاً أوآجلاً .. فاختلفت معه ، حيث لم يكن الود عامراً عامئذ بين المؤتمر الوطني والاتحادي الديمقراطي ، لا على المستوى القيادي ولا على المستوى القاعدي ، ولكن الصديق دعاني إلى غض الطرف عن الأطر التنظيمية التي يتحرك فيها الحزبان ، والتحديق في جوهر أجندتهما ، أي في الأرضية التي هما ينطلقان منها ، ثم التأمل في خطابهما الموجه لقواعدهما .. فالصديق لايرى فرقاً بين المؤتمر والاتحادي في حال أن يكون المعيار أجندة وبرامج أحزاب السودان القديم ، أو هكذا يسمي مايسميها البعض بالأحزاب التقليدية التي تصطاد قواعدها بشباك الدين والعروبة .. ومضى الصديق مؤكداً بأن التحالف أوالذوبان هو مصير الاتحادي الديمقراطي .. فاختلفنا وافترقنا .. ولكن بعد شهر تقريباً من الجدال ذهبت إلى نهر النيل لمهمة عمل ، فوجدت احتفالاً باحدى قرى تلك الولاية بمناسبة انسلاخ العمدة مبارك علي جاد الله من الاتحادي وانضمامه الي المؤتمر الوطني ، وكنت شاهدا على مبايعة العمدة مبارك للدكتور نافع علي نافع واللواء طبيب الطيب إبراهيم محمد خير ..والمدهش فى الأمر أن الدكتور الطيب كان يومئذ احتفل بمناسبتين ، إحداهما كسب حزبه للعمدة مبارك ، والآخرى كسب سيادته لثقة مولانا أحمد الميرغني ، حيث اختاره السيد في نفس اليوم ليكون خليفته هناك .. تخيل عزيزي القارئ .. « هم يشلعون حزبه وهو يكافؤهم بالخلافة » ..وأمام وضع كهذا ، طبيعي جدا أن ينسلخ اي منسلخ لينضم إلى المؤتمر الوطني ، وذلك عملا بنظرية « سيد الشي راضي .. اذن أنا مالي » ..!! ** وعليه ، في تقديري مولانا الميرغني ليس منزعجاً بذهاب شيلا وآخرين إلى المؤتمر الوطني ، وكذلك لم ينزعج بذهاب النفيدي وآخرين سابقاً ..هو بيعتقد بأن « الحالة واحدة » .. وللتأكيد أعيدوا إلى أذهانكم كل الزيارات الرسمية التي تمت من قبل قيادات الحزب الحاكم إلى حيث الدوائر التي كانت مقفولة للاتحادي الديمقراطي ، في شرق البلاد أوغربها ، قبل الزيارة بيوم يهاتف مولانا خليفته بتلك الدائرة موجهاً باستقبال الزائر الكريم أحسن استقبال مع كرم الضيافة .. وكثيراً ما تتم عمليتا الانسلاخ والانضمام في إطار كرم الضيافة ، وآخر كرم ضيافة قبل تسعين يوماً كان بنهر النيل أيضاً ، حيث غادر أحمد محمود أبو شرا - خليفة الخلفاء بجنوب شندي - حزب مولانا إلى المؤتمر الوطني .. والمضحك أن فتحي شيلا كان يجتهد قبل تسعين يوماً في إقناع أبو شرا بعدم جدوى الانسلاخ والانضمام .. سبحان مغير الأحوال ...« الاتنين جوة الجك » ..!! ** هكذا .. لاداعي للانزعاج ، مولانا مطمئن ولا يبالي .. أو بالأصح « قنعان » .. وعلى قواعد الحزب الاحتفاظ بتصريحات حاتم السر النارية والغاضبة جداً تجاه رفاقه القدامى ، يجب الاحتفاظ بتلك التصريحات .. فالسيد حاتم ذاته لايعرف ما سيحدث له غداً ، ربما المؤتمر الوطني « بيكشن في بصلو » ... فقط لي رجاء ، اتركوا لمولانا بعضاً يستقبله حين يعود ، أي بعض ...« إن شاء الله علي نايل » ...!! إليكم - الصحافة -الاحد 14/9/ 2008م،العدد5475 [email protected]