وما أدراك ما الجامعة .. ( 2 ) !! * أثار تعيين بروفيسور مصطفى إدريس الاستاذ بكلية الطب مديرا لجامعة الخرطوم الكثير من الهمس والجدل فى الاوساط الاكاديمية والجامعية بل والسياسية فى البلاد، فالبعض يعتقد ان التعيين جاء من منطلق سياسى بحت فى محاولة لكسب وإغراء تيار من الاسلاميين المعارضين للانضمام للتيار الحاكم . ويقول المحتجون ان كثرين جدا سبقوا الدكتور إدريس فى سلك التدريس بجامعة الخرطوم كانوا أحق بالمنصب لولا السياسة، وقد راجت فى جامعة الخرطوم تكهنات بتسمية أحدهم، وهو أستاذ مرموق فى إحدى كليات الوسط مديرا للجامعة، قبل ان تنتشر أنباء ترشيح إدريس ثم صدور القرار الرسمى بتعيينه خلفا للبروفيسور محمد أحمد الشيخ الذى انتهت فترة عمله فى الشهر الماضى . وينتمى كلا الاستاذين لمهنة الطب، وكذلك المدير الذى سبقهما بروفيسور غندور، أستاذ طب الاسنان، مما أثار الكثير من الاحتجاج داخل الجامعة حتى فى أوساط منسوبى النظام الحاكم وعضوية المؤتمر الوطنى من أساتذة التخصصات الاخرى، بأن منصب مدير الجامعة والجامعات الاخرى، صار حكرا على مهنة الطب اعتمادا على وجود مجموعة متنفذة من الاطباء فى أماكن إتخاذ القرار هى التى تقف وراء تعيين الاطباء فى هذا المنصب المهم، خاصة ان معظم الذين تولوه منذ قيام ( الانقاذ ) فى 30 يونيو 1989 هم من الاطباء أو من المنتمين للمهن الطبية ما عدا قلة من بينهم أستاذ الفلسفة بروفيسور الزبير بشير طه وأستاذ الفيزياء بروفيسور عبدالملك محمد عبد الرحمن الذى أظهر حنكة كبيرة فى إدارة الجامعة وتوقع الكثيرون التمديد له فترة ثانية الا أن ذلك لم يحدث، ربما لعدم انتمائه السياسى !! * وعلى خلفية هذا التعيين، يدور الكثير من الحديث حول استقلالية مؤسسات التعليم العالى، وعودة النظام الذى كان سائدا من قبل فى الاختيار للمناصب عن طريق الانتخابات على كافة المستويات، بالاضافة الى حرية الجامعات فى وضع سياساتها واتخاذ قراراتها بدءا من شروط القبول مرورا بالمناهج وانتهاءا بشروط الخدمة والتعيينات للمناصب المختلفة ، ويذهب البعض الى أبعد من ذلك بالدعوة الى الاستقلال الكامل ليشمل حتى المسائل المالية واعتماد الجامعات على نفسها تماما فى تحديد مصادر تمويلها والتصرف فى مواردها حسبما تجيزه لوائحها وأجهزتها بعيدا عن هيمنة الدولة، كما يحدث فى العديد من دول العالم المتقدمة بما يحقق للجامعة حرية إتخاذ القرار، غير أن البعض يعارض ذلك باعتبار ان الجامعات بامكانياتها الحالية لا تقدر على تحمل هذه المسؤولية الضخمة ، ومن الافضل أن تترك للدولة مع قيام المجلس القومى للتعليم العالى بوضع السياسات العامة على ان تقوم كل جامعة باختيار شاغلى المناصب المختلفة بدءا من المدير كما كان معمولا به خلال أنظمة الحكم الديمقراطى، وهنالك قلة قليلة تدعو لاستمرار النظام الحالى وتبعية الجامعات لوزارة التعليم العالى أو للدولة بشكل عام وذلك لضمان تنفيذ السياسات الحكومية ، وهو ما يعارضه الكثيرون باعتبار ان استقلال التعليم وحرية البحث العلمى هما الطريق الوحيد نحو التطور كما أثبتت التجربة فى العديد من بلدان العالم !! * على كل حال، هنالك الكثير من العمل الشاق ينتظر المدير الجديد للجامعة التى تعانى الكثير من الامراض والعلل باعتراف أهلها أنفسهم مما أفقدها الكثير جدا من تميزها القديم وسمعتها الحسنة فى الاوساط الاكاديمية فى الخارج، بينما كانت فى السابق تشغل مركزا مرموقا فى قائمة الجامعات الاكثر تميزا، وكانت موضع اعجاب الكثيرين ومحل إشادتهم المستمرة !! * أرجو أن تكون هذه مقدمة لحديث طويل عن جامعة الخرطوم فى وقت قريب استعرض فيه العديد من أوجه القصور ومقترحات الحلول فى الجامعة باعتبارى أحد العاملين فى المجال الاكاديمى، وأحد ابناء جامعة الخرطوم التى حصلت منها على درجاتى الاكاديمية الجامعية وفوق الجامعية، وما زلت مرتبطا بها اكاديميا وعضويا ونفسيا وعاطفيا، وكما يقول الشاعر : نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب الا للحبيب الاول * قريبا جدا أحكى لكم عن حبيبتى الاولى بإذن الله ، انتظرونى !! [email protected] مناظير - صحيفة السوداني - العدد رقم: - 2009-05-13