إختصر الساخر (زكريا حامد) كل المقارنات بين المحبوبة زمان وحبيبات هذا الزمن في المقارنة بين بيتي الشعر، فبينما قال الشاعر قديما: نظرة يا السمحة أم عجن قال شاعرنا: أمسكي عليك عيونك ديل .. أمسكيهن!!! فالنظرة من طرف المحبوبة زمان حلم وغاية لا تدرك، بينما الخوف كل الخوف من عيون حبيبات زماننا اللتي تصفهن الحبوبات ب (الجسارة والقهارة) وتلك مترادفات لمعنى قلة الحياء، ورغم إتفاقي النسبي معهن في حكاية الجرأة الغير محمودة في الطرح وتسديد سهام اللحظ وإشهار سيوف الغرام في وجوه الأحبة (المساكين) إلا أنني أميل لعكس قول الشاعر: نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا ففي (الحتة دي) وأعني حتة (الريد والحنان) فأنا أعتقد أن العيب في زماننا وليس في (شناة) طبع الحبيبات، فلو توفرت نفس الاجواء المتاحة حاليا وتطابقت المعطيات للاحبة زمان يمكن كان ما حا يقصروا وحا يعملوا نفس العمايل .. ده لو ما كان أكتر. رغما عن ذلك فالاختلاف الجوهري في طباع ونمط سلوك المحبوبة عبر الأزمنة، مربوط بقيم ومعايير الأخلاق في ذلك الزمن المعني، ففي زمن ابو فراس الحمداني كانت الحبيبة تفتخر وتباهي بعدد صرعى غرامها (فقلت كما شاءت وشاء لها الهوى .. قتيلك قالت أيهم فهم كثر؟!!) وتبجح الحبيبة بقتلاها هنا يعتبر قلة حياء حتى في معايير الزمن العلينا ده (لا قبلها ولا بعدها)، كذلك السعي للوصال والتلاقي مع المحبوب لم يتغير عبر الأزمنة فما أن تصيب سهام كيوبيد القلوب وتضرم النار في الأكباد، حتى ينشط مراسيل الغرام بدأ من صديقات الحبيبة وحتى الطير المجبور (يقيف لديها ويبوس يديها)، والنسيم المأمور(يروح ليها ويحيّها) وقد يقنع المحبوب من الوصال بزيارة طيف من اطياف الحبيبة المطنشة (لو طيفك يزورني في الليلة السعيدة)، أو يبقى قائما على التحانيس والرجاء (البنية ام زين بدور شوفتك تملي وما كفاك يا أم زين خلاص صدّك تخلي) ويكتفي بارسال طيور الريد لتسقط اخبارها (طيور الريد ليك اترسلن لي الحنينات روحن وجن حكن لي .. لقنّك ولي مسايرك تربطي ومرات تحلي). ولنعترف بأننا مهما جهدنا في ايجاد الاعذار والمبررات لاجتياح المادية للعواطف والمشاعر في زماننا، إلا أن الفرق شاسع فيما إبداع الشعراء من درر في العشق والهيام قديما، وما بين شعر ناس (البنية تخشك تمرقك وتفتح في مخك نفاج) .. ماعايزين نجيب سيرتهم خوفا من الزعل!! وفي الختام فالنتكئ ونسوح في جنات المعاني المنسابة من الرائع (أبو صلاح) في شكواه من هيام قلبو بالخد الجميل مع استحالة الوصال وبعد المنال: قلبي هام مالو خديدك وجمالو .. معذب في هواك مالو بدر حسنك لاح والقلوب مالوا .. بي هواك وشوف قلبي عمالوا يا فريع ياسمين متكي في رمالو .. قولو عاشقك وين ضاعت آمالو ...... الجوهر الفردي الماتلقي مثالوا .. قلبي ليهو يلين وقلبوا يقسالوا حبوا صبحني حسنو مسالو .. غير بسيم خدو دموعي ما سالوا ....... الشادن المكحول قلبي يصبالوا .. اخشي من لحظوا ومن رمي نبالو كم جريحا سهام عينو ضاربالوا .. بيها لا يدري ولا علي بالوا ...... خصروا ناحل زاد جسمي إنحالوا .. طرفوا ناعس نام وطرفي يصحالوا الفريع ياحسير دمعي سحالوا .. يا نسيم ارجوك شوفوا كيف حالو ...... شوف لحاظوا سيوف عاشقوا قتالوا .. حرسوا حلو يدور استعدالوا شوف خديد ياسمين حسنوا يندالوا .. البدر لو غاب يضوي في بدالوا لطائف - صحيفة حكايات [email protected]