من اطرف ما قرأناه مع نهايات العام الذي مضى، وبدايات هذا العام الذي نرجو ان يكون عام خير فيه يغاث الناس ويرحمون، فقد جاء على ذمة حكايات خبر احدى النسوة الزهجانات، والتي يبدو انها قد ضاقت ذرعا ب طول (تتلح) زوجها ومصاقرتهم لبعضهم البعض، بعد استمرار العشرة بينهم سنين عددا رزقهم الله فيها بالبنين ثم الاحفاد، فقد جمعت تلك الزوجة - التي طالت معاناتها من الاعمال الشاقة المؤبدة في عش الزوجية – جمعت افراد اسرتها واعطتهم وزوجها ال (منطط عينيه) انزار اخير، بأنه ما لم يمت الزوج خلال ستة اشهر من تاريخه، فعليهم اطلاق سراحها وتطليقها منه !! حسنا يا جماعة، حالة تلك الزوجة الزهجانة يمكن ان تختصر في المثل الذي يقول (البقدم السبت بلقى الأحد)، ففي بداية الحياة الزوجية تهب الرياح في صالح اشرعة الرجل، فتسير الأمور في بيت الزوجية وفقا لقوانينه ولما يحب وبرضى، فهو الذي يقوم بالصرف والانفاق وهو الآمر الناهي والحاكم بأمره، وتظل الزوجة خاضعة لذلك السلطان لا تبدي تبرما ولا زهجا وليس لها .. فعليها – بعد العودة من العمل - ان تطبخ وتغسل وتكوي وتربي العيال وتذاكر دروسهم ثم تقوم بعد ذلك بخدمة الضيوف بوجه طلق، وفوق كل ذلك – لابد – ان تقطع من وقتها زمنا ل (الجيهة) وحسن التبعل، حتى لا تؤتى من ثغرة البشتنة بفادحة التطبيق .. كل ذلك الجهد تبزله الزوجة طائعة مختارة راضية بعد ان فارقت بيت ابويها ومملكة أمها وجاءت لتنشئ مملكتها الخاصة، تحت وصاية ورعاية الزوج ، ولكن بمرور السنوات يكبر العيال ويتحولوا الى رجال ونساء – يملوا العين – فتتناقص سلطات الزوج وينكمش دوره، ويتحول من قاضي القضاة الى راعي ثم وصي ثم مستشار لا يستشار، ويتحول مجلسه من صدر البيت الى احد الاركان حرصا على اتاحة الفرصة ل صبيان البيت وشبابه لتصدر المشهد .. الاحلال والاستبدال هي سنة الحياة، فلا اعتراض على تبدل الادوار في الحياة، ولكن المؤكد هنا ان كل من يزرع زرعا للمحنة في بداية حياته الزوجية، يجني ثمار ما زرع قمحا ووعدا وتمني في شيخوخته .. ان اكرمتها واحسنت معاملتها في الصغر، اكرمت شيخوختك بالصبر على كلامك الكثير وطلباتك غير المنتهية بالاضافة لحسن العناية والرعاية، أما اذا ما كانت حياتك معها محكومة بقانون حكم القوي على الضعيف وسياسة اخنق فطس، فلابد ان تجني ذلك الحصرم عندما تختل موازين القوى في المشيب .. الغريبة انني قبل ان اشرع في الكتابة عن الموضوع، صادفت رد على مثل تلك التصرفات بلسان ذكري مبين، وهي خواطر للشيخ عايض القرني يصف فيها حالة النساء في بيوت ازواجهن عبر نظرته لزوجته فيقول: (قبل كم ليلة، وقبل أن أنام بلحظات وأنا على الفراش، إلتفت إلى زوجتي وتأملت شكلها وهي نائمة، فقلت في نفسي: المسكينة بعد أن عاشت بين أبويها وأهلها سنين، جاءت لتنام بجانب رجل غريب عنها، وتركت بيت الوالدين، وتركت الدلع على الوالدين، وتركت التمتع في بيت أهلها، جاءت إلى رجل يأمرها بالمعروف وينهيها عن المنكر وتخدمه في ما يرضي الله، وكل ذلك بأمر الدين، سبحان الله .. ومن ثم تساءلت بيني وبين نفسي .. كيف هان على بعض الرجال أن يضربوا زوجاتهم بكل قسوة بعد أن تركت بيت أهلها وأتت إليه؟! كيف هان على بعض الرجال، أن يجعل مدة جلوسه خارج البيت أكثر من جلوسه مع زوجته وأبناءه؟!! كيف هان على بعض الرجال، أن يجعل البيت سجن لزوجته لا يخرجها ولا يأتنس معها؟!! كيف هان على بعض الرجال، أن يجعل زوجته تنام وفي قلبها قهر على شئ ما وفي عينها دمعة تخنقها؟!!) انتهى الاقتباس من مقال الشيخ عايض القرني. مخرج: حسنا يا جماعة تاني، لعلي قد اوردت من قبل طرفة الزوجة التي ملت من طول خدمتها لزوجها التي امتدت لقرابة الخمسين عاما، فعندما ناداها بغاية الرقة والمحنة وطلب منها فنجان من القهوة، صاحت عليه بضجر: يا راجل أنا ماشة ابقى مرتك لي يوم القيامة ؟؟ هديلك بناتك ناغمهم خليهن يسون ليك الجبنة !! نقر ونعترف بأن تصرفات الزوج السوداني مع اهل بيته، ليس فيها كقسوة بعض اهل الجزيرة العربية والخليج مع زوجاتهم، ولا تشكو من التباعد والجفوة التي تميز علاقة الاعراب بزوجاتهم، ولكن هذا لا يمنع – بين الحين والاخر -أن نتأكد من حكمة (التسوي كريت في القرض تلقا في كبرا) والدليل ألولو التي اوردتها حكايات. منى سلمان [email protected]