*فاتنة الحي (مريم) أغلقت أبواب عواطفها على حبيبها الأول (مدثر) وظلت في انتظار شبيهٍ له كيما تفتح له أبواب مخدع الزوجية .. *ونعني ب(شبيه له) أن يجود عليها (كيوبيد) بحالة الحب العنيف المتبادل تلك ذاتها.. *ولكن إذا تحقق أحد شرطي التمني - وكثيراً ما يحدث - انتفى الآخر .. *أي إن ظهر في حياتها من يحبها كحب مدثر لها - أو أكثر - افتقدت حباً مماثلاً له من جانبها .. *وإن استشعرت هي نحو أحدهم حباً يقارب حبها لمدثر - أو أدنى - كان اجترارها الدائم لذكرى حبيبها الأول أمام الوافد الجديد إلى قلبها هذا سبباً في نفوره منها جراء الغيرة .. *وكلما أبدى أهلها انزعاجاً إزاء الأمر هذا كانت تقول لهم وإبتسامة الثقة تتأرجح على شفتين لطالما (ألهبتا) مشاعر مدثر : (ما مشكلة ؛ ح يجوا غيرهم !!) .. *ثم تمضي السنون وال(غيرهم) هؤلاء يتناقص معدل طرقهم على القلب والباب ونوافذ القسمة .. *و(جاء) يوم انتهت فيه قصة ( ح يجوا غيرهم) هذه حين جاء (ذو مال !!) لا تهمه شروط التمني تلك في شئ .. *وضرب أهل الحي- من الجنسين - أكفاً بأكف ما بين دَهِشٍ وشامتٍ وواعظٍ لكل معجبة بفرضية (ح يجوا غيرهم) هذه (المريومية) .. *والآن اتضح أن مأمون حميدة - وزير صحة ولاية الخرطوم - معجبٌ هو أيضاً بعبارة مريم الأثيرة تلك .. *فقد قال رداً على إثارة ظاهرة هجرة الكفاءات الطبية : (مافي مشكلة ، ح يجوا غيرهم!!).. *ثلاثة الآف طبيب يهاجرون من البلاد سنوياً - حسب وزارة الصحة ذاتها- ومأمون حميدة يقول بكل برود طبيب يمسك بمشرط الجراحة : (خليهم يهاجروا ، ح يجوا غيرهم) .. *بل إن وزير الصحة الإتحادي - (ذات نفسه) - يكشف بإنزعاج عن هجرة حوالي (55%) من الكوادر الصحية ونظيره الولائي يقول بعنجهيته المعروفة : (ح يجوا غيرهم !!).. *(طيب) لماذا هاجروا أصلاً يأيها الوزير المسؤول عن توفير ما يحتاجه الطبيب من عناصر الإستقرار - في حدها الأدنى المعقول - التي تُغني عن الهجرة ؟! .. *ولماذا لا تنزعج يا وزير الصحة وأنت ترى أطباءك ينسربون من بين يديك نحو الخارج تاركين وراءهم مرضى أنت مسؤول عنهم أمام الله والوطن والشعب والتأريخ ؟! .. *وربما يكون طبيباً (شاكراً) - حميدة هذا - ولكن مشكلته هي عدم تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من فجر التمييز بين الإعتداد بالنفس والغرور (المدمر!!).. *وليُجرِ حميدة هذا مقارنة بينه وبين أشهر جراح قلب سوداني بالسعودية الآن - على سبيل المثال - ليرى كيف يكون التواضع عند عبد الله عشميق.. *أو ليرى كيف يكون التواضع هذا - عندنا هنا في السودان - لدى كل من فضيل وعمر محمود خالد والراحل صالح ياسين .. *وعندما وصفنا غروره المذكور بأنه (مدمر) فذلك لأنه (دمر!!) فعلاً كل الذي كان محل رضا في مجال الصحة بالخرطوم .. *وربما حان الوقت الذي يصح أن يُقال فيه عنه - أي حميدة - ما قاله هو نفسه عن زملائه المهاجرين هؤلاء .. *أن يُقال : (خليهو يمشي ؛ ح يجي غيره !!!!) . بالمنطق - صلاح الدين عووضة صحيفة الصيحة