مكثت أقلب مقالات قديمة كتبتها عن جنوب السودان والنزاعات في منطقة شرق أفريقيا وعن دور الأممالمتحدة والمراكز الدولية التي ينطلق نشاطها ويحظى بالتمويل السخي من الدول الغربية. غني عن القول أن نردد المثل الإنجليزي: there is no easy money والمثل يعني أنه لا يخرج المال أو لا يأتي بسهولة ... أو بدون سبب وجيه ومقنع للجهة التي أخرجته! وفي هذه الحالة لا يمكن أن نصدق أن الدول الغربية تمول هذه المراكز من أجل القارة السمراء وأهلها الطيبين المكلومين، بل إنما تفعل ذلك لحماية مصالحها ونفوذها. تقرير لمركز في ستوكهولم عن انتشار الأسلحة قبل سنتين يتحدث عن سباق التسلح في شرق أفريقيا وبالتحديد بين يوغندا والسودان؟! طبعا دا يعني أن هنالك مخططا لحرب سودانية يوغندية يكون مسرحها جنوب السودان وبذلك يتم القضاء على ثلاثة أطراف بضربة واحدة وهم: يوغندا وموسيفني لأنه دوره انتهى ولا بد من إحالته لمزبلة التاريخ لا سيما وأن بعض الصحف بدأت تشبهه بالقذافي السودان الذي نجا من كل محاولات إسقاط النظام والربيع العربي و.... جنوب السودان الذي بدأت السلطة فيه في جوبا تتحدث عن إرادة الدولة وإستقلالها وبدأت تقول "لا" ... دخلت هجليج بدون إذن ... وخرجت بعد ضغوط ... وما علمت أن دورها أن تتلقى الإشارة بالحرب ضد الخرطوم لا أن تجتهد في تحديد مواقيتها كما يحلو لها. في مقال سابق ... بعنوان "تقارير خجولة" تحدثت عن عزوف هيلدا جونسون والامم المتحدة عن أي تقرير عن فيه أخطاء لحكومة جنوب السودان ... وفي ذلك التوقيت كانت جوبا تؤدي دورها على الوجه الأكمل مع قطاع الشمال وكان الدينكا والنوير جنبا إلى جنب في حرب جونقلي. عندما دبت الخلافات ... أو بالأحرى صنعت الخلافات وخلقت من العدم .... خرجت التقارير في إدانة جوبا ... كل الحركة ... دينكا ونوير وغيرهم ... وكتبت مقالا بعنوان "ليس دفاعا عن جوبا ولكن اليوناميس ليست مؤتمنة" وسبب المقال أن الإدانات كانت مسيسة تماما وكانت مجرد كروت ضغط على كل الأطراف للقيام بأمر ما. عندما اندلعت الصراعات في جنوب السودان اختارت اليوناميس موقفها وانحازت للدكتور رياك مشار ... بالتأكيد ليس حبا في النوير ولا إيمانا بنبوئة "وون دينق" ولكن لأن دورها حاليا هو تعزيز موقف الطرف الآخر لتستطيع أميركا السيطرة على الطرفين وإدارة الصراع بينهما. مخطط الحرب اليوغندية السودانية لم يبدأ بعد ولكنه في الطريق ما لم ينتبه الطرفان والجنوب إلى خطورة المخطط. أين روجر ونتر .... المستشار الأمريكي لحكومة جنوب السودان؟! أي استشاراته في بناء الدولة؟ أين علاقاته الدولية التي كانت ستجلب لجنوب السودان أطقم التدريب على الخدمة المدنية والحكم الرشيد؟! أي الوعد الأمريكي بإقامة دولة ديموقراطية إنسانية في جنوب السودان؟! أين مشروع السودان الجديد؟! أين و أين؟! لا شيء سوى الحرب الضروس و 20 ألف قتيل من النوير ونصف العدد من الدينكا أو القبائل الأخرى ... والطاحونة مستمرة؟! روجر وغيره دورهم هو صناعة وإدارة الأزمات وتفكيك الدول بالصراعات ... وليس قيادة الحلول وبناء الدول. نهاركم سعيد - مكي المغربي صحيفة السوداني