*فنحن ترانا (فالحين) جداً في المط والإسهاب والإطالة حد الملل.. *فإن فكرنا - مثلاً - في إقامة ندوةٍ ما فطول عنوانها وحده في طول (قطر كريمة).. *يعني هو من قبيل (الموضوع الفلاني ؛ عِبر الماضي وتحديات الحاضر وآفاق المستقبل).. *هو شيء يكاد تجعلك تستحضر سخرية السادات إزاء طول اسم ليبيا القذافي حين يصمت بعد كلمة الاشتراكية قائلاً ( آخد نفسي!).. *ثم ما يحدث داخل الندوات هذه من سخيف ال(دش!) حدث ولا حرج .. *ورئيس فنزويلا الراحل - هوغو تشافيز- يبدو أنه كان ذا جينات سودانية من حيث لا يدري.. *فجورج بوش قيل أنه (نام) - خلال خطاب لهوغو هذا - بعد أن طلب من مرافقه عدم إيقاظه قبل انقضاء ساعة من الزمن (على الأقل).. *وعن تطاول ساعات ندواتنا هذه كتب الزميل عثمان ميرغني - مرةً - كلمةً بليغة سماها (الكلام بالكيلو).. *أي إن من ساستنا من يظن أن الكلام (يُوزن!) بالكيلو لا بالمضمون .. *ولعل أبلغ درس لأهل الإنقاذ جاءهم من (حبيبهم!) مهاتير محمد حين لم يتجاوز زمن محاضرته - بالخرطوم - ربع الساعة فقط .. *ومما هو سخيف عندنا أيضاً - بسبب طول لا يخلو من (عبط) - إعلاناتنا التلفزيونية .. *ويكفي أن نشير - على سبيل المثال - إلى ذاك الذي تتكرر فيه عبارة (عزيزة علي!) أكثر من خمس مرات بأداء مسرحي سمج.. *ومذيعونا يثرثرون أكثر من ضيوفهم الثرثارين - هم أنفسهم - ساعاتٍ طوال لتكون المحصلة في النهاية (ولا شيء!).. *وصديق مصري كان يشاهد معي برنامجاً تلفزيونياً - بمحض الصدفة - قال دَهِشاً ( ده إيه ده ؟ إنتو معندكمش غير الرغي ؟!).. *ثم أضاف ضاحكاً : (كلنا في الرغي شرق بس مش للدرجاه دي !).. *و نفرٌ من زملائنا الصحفيين لهم من الذي نعيب الآخرين عليه هذا نصيب كذلك.. *فليس من العرف الصحفي العالمي (اللت والعجن) - حول فكرة ما - إلى أن يُصاب القارئ ب(تخمة الأحرف!).. *وليست المقالات فقط هي التي في طول (ليل الشتاء) وإنما حتى أسماء كاتبيها أحياناً.. *ومن المعروف - في عوالم الإبداع - أن الاسم الطويل (العادي) يُخضع لجراحة تجميلية كيما يكون (ذا وقع!).. *كما إنه من غير المستحب - في مجال الصحافة - أن يكون الاسم مسبوقاً بلقب أو رتبة أو منصب مثل دكتور ، مهندس ، عميد ، عمدة.. *أما الطول (الأعجب) - والذي نختم به كلمتنا هذه - فهو الخاص بأعمار بعض أنظمة عالمنا الثالث.. *فمن غير المنطقي - ولا الأخلاقي - أن يظل نظامٌ ما حاكماً لأكثر من ربع قرن من الزمان ثم يطمع أن (يزيد!).. *بل حتى في الدين غير مرغوبٍ التطويل هذا استشهاداً بقول نبينا الكريم لمعاذ بن جبل - وقد شكا الناس من طول صلاته - (أفتان أنت يا معاذ ؟).. *والآن - في بلادنا - شكا الناس من (طول) عنت ورهق ونصب والحركة الإسلامية تطالب منسوبيها ب(الأوبة إلى الله !).. *بعد خمسة وعشرين عاماً من الحكم باسم شرع الله تطالبهم بالعودة إلى الله.. *طيب أين كانوا هم - كما تساءلنا من قبل - (طوال) السنوات الماضية هذه؟!.. *إن كانوا بعيدين عن الله فأحسن أن (يؤوبوا إلى منازلهم !!!). بالمنطق - صلاح الدين عووضة صحيفة الأهرام اليوم