* والسودانيون حين يشاهدون تسجيلاً تلفزيونياً لأغنية في فترة السبعينيات والثمانينيات يطربون ويضحكون.. * يطربون للطرب (الأصيل)، ويضحكون من الشعور (المخنفسة) و القمصان (المُحزَّقة) وبناطلين (الشارلستون).. * وحين يشاهدون مباراة في كرة القدم- من مباريات ذلكم الزمان- يتحسرون ويضحكون.. * يتحسرون على جيل سانتو والدحيش وكمال عبد الوهاب، ويضحكون من (ضَلْمةَ) الإستادات وقِصَر (الشورتيات).. * وحين يشاهدون لقطات لجعفر نميري (يقارنون) ويضحكون.. * يقارنون (نزاهته) بفساد (ذمم) آخرين، ويضحكون من تهديده بأنه ما من (قوة) تقدر على أن (تشيلو).. * والآن تخيلوا ما يمكن أن يضحك منه وعليه وفيه- السودانيون- لو أن لقطات (من الأمس) شاهدوها في تلفزيون السودان عن الإنقاذ.. * ولاحظوا أن (الضحك) هنا لم نقرنه بطرب أو تحسُّر أو مقارنات.. * فهو محض ضحك و........ (بس).. * فلو أنهم شاهدوا- مثلاً- صلاح كرار وهو يقول (لو ما كنا جينا كان الدولار حصل عشرين جنيهاً) لضحكوا إلى حد (الفطفطة).. * ولو أنهم شاهدوا شاعرهم - أي أهل الإنقاذ- وهو ينشد (ونسود العالم أجمع) لضحكوا حتى يبلغ ضحكهم فضاءات (حلايب وشلاتين والفشقة).. * ولو أنهم شاهدوا قائلهم وهو يبشر الناس ب(الصلاة في البيت الأبيض) لضحكوا ضحكاً تلتقط صداه أقمار أمريكا الصناعية العابرة ل(سماء بلادنا).. * ولو أنهم شاهدوا خطباً- في عهد الإنقاذ الأول- تتحدث عن الزهد والتقشف والبقاء ب(المنازل القديمة) لضحكوا حتى تطفر من أعينهم دموع مثل الشهيرة تلك التي سكبتها تابيتا بطرس .. * ولو أنهم شاهدوا (شبكات) تلفزيوننا القومي- ستراً لأجساد الممثلات زمان - لغالبوا ضحكاً خبثاً و (تصويبات) نظراتهم الآن تكاد تمر (جنب الشبكة) .. * ولو أنهم شاهدوا إحدى مؤتمرات نهضة (التعليم) العديدة لضحكوا حد القهقهة وهم يرون شهادات الدكتوراة (ذات نفسها) قد صارت مصدراً ل(التأليم) هذه الأيام .. * ولو أنهم شاهدوا لقطة رفع كأس مانديلا والهتافات تدوي (فوق فوق) لضحكوا أكثر من ضحك إفريقيا على (ثلاثياتنا) الحالية ونحن نهوي (تحت تحت) بسرعة ال(مازدا).. * ولو أنهم شاهدوا لقطات من وعود البيانات الأولى عن (رفع المعاناة) لضحكوا إلى درجة التصفيق بالأيدي مثلما يفعل نواب مجلسنا الوطني عند إجازتهم قرارات (رفع الأسعار).. *ولو أنهم شاهدوا مهندس إقصاد الإنقاذ - حمدي - حين كان يستميت دفاعاً عن سياسة التحرير ل(قرقروا) وهم يشاهدونه الآن يتبرأ من السياسة هذه تبرؤ سمير غانم من صديقه في المخفر صائحاً ( ولا عمري شفتو).. * ولو أنهم شاهدوا تهديدات المعارضة للإنقاذ زمان المتمثلة في (سلم تسلم) لماتوا ضحكاً وهم يشاهدون الآن (استسلاماً) بلغ حد (تسليم) اثنين من فلذات الأكباد للقصر الرئاسي.. * و(لو) أنني لم أستمع في هذه اللحظات لأغنية (لو، لو) ل(لولوتها) أكثر كيما يزداد ضحكاً - أو بكاءً - قارئنا المسكين.. *فزمان الإنقاذ هذا يستحق بجدارة مقولة الطفولة تلك (يا طويل يا ملولو!!!). بالمنطق - صلاح الدين عووضة صحيفة الأهرام اليوم