* لم نكن نرجم بالغيب عندما قلنا قبل ستة أشهر إن مدير الفضائية السودانية محمد حاتم سليمان إن لم يسمع خبر إقالته في نشرة العاشرة مساءً على شاشة تلفزيونه - الذي لم يعد يشاهده أحد - فإنه لن يترك التشبث بالكرسي أو يفكر في الرحيل حتى ولو تم تنظيم وقفات الاحتجاج داخل مكتبه، ناهيك عن تجمع العشرات من العاملين داخل المسجد أو في (حوش التلفزيون)..!!. * ها هو خبر إقالة محمد حاتم ينزل على أهل الإعلام - ومن قبلهم على الشاشة العتيقة - برداً وسلاماً، وحتماً إن مهمة القادم الجديد السمؤال خلف الله لن تكون سهلة بالرغم مما يتمتع به الرجل المثقف من تراكم خبروي وعقلية متقدة وحنكة إدارية، فالتلفزيون فقد المشاهدة وتيبست أوردته حتى خاصم النزيف الجروح ليصبح للأسف جسداً بلا روح! . * فشل إدارة محمد حاتم جعل التلفزيون منبراً للمهازل وأرضاً للمساخر، لدرجة أن تنظيم الوقفات الاحتجاجية من العاملين بالتلفزيون أثناء ساعات العمل الرسمية لم يعد خبراً مثيراً يشد الناس ويخطف الانتباهة لكثرة تكرار المشهد، حتى ظننا أن الاحتجاجات (برنامج ثابت) ضمن الدورة البرامجية الجديدة للتلفزيون..!! * كثرة الاحتجاجات والصرخات التي كانت تحاصر محمد حاتم حولت للأسف الشديد منصب مدير التلفزيون ل(كرسي بلا هيبة) وجعلت العاملين يفعلون ما يحلو لهم داخل (حوش الفضائية)، الأمر الذي يصعب من مهمة الآتي مديراً بعد عهد العبث والفوضوية، كيف لا، وقد كانت (صهينة) محمد حاتم وطريقته الإدارية أنموذجاً أضحوكة ومثاراً للتهكم والتندر والسخرية؟..!! * وصلت المهازل في عهد محمد حاتم أن يتمادى العاملون المحتجون بشكل لم يسبق له مثيل، بل إنهم أعلنوا عدم توقفهم عند (الوقفات والشعارات) فبعد رفعهم لشعار: (بلا تحقيق بلا استهتار.. التغيير رافعنوا شعار) الذي أطلقوه قبل أكثر من عام هددوا بأنهم سيقومون بالإضراب عن العمل وإيقاف بث التلفزيون (!!!!). * لم نخش وقتها من تنفيذ تهديد العاملين القاضي بإيقاف بث التلفزيون، لقناعتنا بأنه لا يجدي البتة إيقاف بث وسيط إعلامي لا يشاهده أحد، وكانت نصيحتنا للإخوة (ثوار الفضائية السودانية) ألا يقدموا على هذه الخطوة الانتحارية لسببين، أولهما أنهم سيحتاجون لكتابة بيان وتوزيعه على وسائل الإعلام حتى يعرف الناس قصة إيقافهم للبث، والسبب الثاني هو احتمال سعي الحكومة لقلب (الطاولة على الجميع) بترك البث متوقفاً طالما أن لا أحد يشعر به.. (ويا دار ما دخلك "بث")..!! * لا يختلف عاقلان على أن سياسات محمد حاتم الإدارية دقت المسمار الأخير في نعش التلفزيون، فالبرامج فرّ منها المشاهد فرار السليم من الأجرب، ويحتاج السموأل الآن إلى معجزة حتى يقف الريموت عند شاشة الفضائية التي من الصعب في ظل هذا الواقع أن تخرج من طي النسيان..! * الإقالة لا تعفي محمد حاتم من ضرورة تقديم (أرقام واضحة) عن كل مليم تم صرفه في احتفالات اليوبيل الذهبي للتلفزيون، والرد على اتهامه بالصرف البذخي، ونفي ما يتم ترديده عن وجود فساد مالي بتقديم المستندات والوثائق اللازمة، فالصمت في مثل هذه القضايا لا يفسر لمصلحة من اختار الخرس رداً على فصيح الاتهامات حتى ولو غادر الكرسي مجرجراً أذيال الخيبة والإخفاقات..!!. * قضية انتقال قناة النيلين الرياضية لقمر (عرب سات) الاصطناعي، وما تم دفعه نظير ذاك الانتقال الكارثي زادت من تعقيد موقف محمد حاتم بوصفه كان رئيس مجلس إدارة القناة، مع أن نيران المشاكل التي كانت تحاصر الرجل وقتها لم تكن في حاجة لمزيد من التأجيج والاشتعال، ولكن لابد الآن من الإجابة عن كثير من الأسئلة التي يكتنفها الغموض الغريب في هذا الملف المريب ..!!. * أعتقد أن ذهاب محمد حاتم في صالح ملف شراكة قناة النيل الأزرق، فبرحيله انزاحت أكبر صخور المهددات وانهدت أم العقبات! * رحل محمد حاتم عن التلفزيون ولكن السموأل خلف الله في حاجة لزمن طويل لكنس آثار ما خلفه المدير السابق من ترد وفوضى ودمار! نفس أخير * ولنردد خلف محجوب شريف: غطى الجبال الليل.. لكن هدير السيل لكن صهيل الخيل.. نار الغضب والجوع تحت الجبل مسموع.. يضووا عز الليل. ضد التيار - صحيفة اليوم التالي