معظم مسؤولي وقادة العالم (وليس كلهم) لديهم قصور فاخرة وسيارات فارهة مثل مايباخ ولامبرغيني وفيراري ورولز رويس، والفقير منهم لديه بنتلي أو مرسيدس وشقيقتها بي إم أو بنت خالتها آودي، وليس أمرا عاديا ولا طبيعيا أن يكون لرئيس دولة حالي على رأس عمله سيارة فولكس فاجن (خنفسة) موديل ألف وتسمعمئة وخشبة، ويقودها منذ 30 سنة وثمنها الحالي في السوق 1954 دولارا، أي حوالي سبعة آلاف ريال أو ردهم، ولو كانت السيارة في بلادنا لذهبت إلى السكراب من أكثر من عشرين سنة، ولكنها في أوروغواي مازالت تعمل ولها سوق. الرئيس خوسيه موخيكا مثالٌ لما نتمنى ونحلم أن يكون عليه رؤساء الدول وقادتها.. فالرجل راتبه الشهري 12500 دولار أي حوالي 45000 ريال، ولكنه يتبرع (حقيقة مش حكي وكلام) ب 90 بالمئة من هذا الراتب، ويعيش على 1250 دولارا أي بالضبط 4562 ريالا أو درهما، ليستحق لقب أفقر رئيس دولة في العالم، وأكثر الرؤساء سخاء وكرما، والرجل عمره 76 سنة ويعيش في بيت ريفي (لم ولن يصل لمرتبة مزرعة أو عزبة أو فيلا أو حتى بنتهاوس)، وزوجته عضوة مجلس الشيوخ مثله تماما وتتبرع براتبها لأعمال الخير، والراتبان يكفيان الرئيس وزوجته ليعيشا حياة معقولة وكريمة، لأن الكثير من شعب أورغواي يعيش بأقل من ذلك، حسب تعبير الرئيس الذي يعشق شعبه ويعمل لأجله، ولا يريد من الحياة كلها سوى أن يعيش بسلام، يوم تنتهي ولايته برفقة زوجته وكلبته مانويلا، وسيارته الفولكس فاجن التي باتت فردا من أفراد العائلة، ولكن ثريا عربيا عرض عليه مليون دولار ثمنا "لخردة تاريخية" والرئيس يفكر جديا بالبيع، ليس لأنه طماع والكرسي غيّره، وليس لأنه يبحث عن ترف الدنيا، ولكن لأنه يُريد المليون كي يتبرع بها لمشروع بناء مساكن للفقراء هو صاحب فكرته، وسبق أن عرض عليه ثري أميركي عشر سيارات دفع رباعي مقابل سيارته "الكحيانة" ولكنه رفض لأنه لا يريد سيارات مقابل سيارته. وللعلم وأي محقق لديه ابتدائية يستطيع التأكد أن الرئيس موخيكا (لا يلعب على شعبه ولا يمثل دور الزاهد ولا يكدس الأموال في حسابات بجزر كيمن وسويسرا وجزر موريشيوس)، بل الرجل ليس لديه حساب بنكي أصلا ويقبض راتبه كاش، وليس لديه ديون وباتت دولته في عهده في المرتبة الثانية للدول الأقل فسادا في أميركا اللاتينية، ولو كنت ثريا لدفعت عشرة أو مئة مليون دولار ثمنا للخنفسة أو البيتل التي يركبها الرئيس، ليقيني أنه سيستخدم المبلغ لما فيه خير شعبه، وأنه سيكون مثالا، ولو لحق به رئيس أو اثنان أو عشرة في هذا العالم لصار عالمنا أكثر جمالا وعدالة. [email protected]