بقلم جمال مكاوي على بعد سبعين ميلا إلى الشمال من عطبرة وعند منحنى النيل والشلال الخامس قامت ممالك وحضارات منذ أقدم العصور ولا تزال آثارها باقية في المعابد والكنائس القديمة، وتشمل هذه المنطقة قرى الجول وفتوار والسليمانية، وهي مجموعة القرى التي تمثل القطاع الشمالي لوحدة الباوقة الإدارية بمحلية بربر بولاية نهر النيل وتقع جميعها على الضفة الغربية للنيل تقابلها من الناحية الشرقية قرى البادراب وأم نمل وأرتولي ومبيريكة والكربة لتشكل هذه المجموعة السكانية على ضفتي النيل لوحة رائعة من التداخل والترابط والمصير المشترك وقدمت للسودان كوكبة من العلماء والقادة في كافة المجالات أبرزهم الراحل محمد يوسف محمد أحد مؤسسي الحركة الإسلامية بالبلاد وشهيد متحرك الأهوال البروفيسور جعفر السراج والأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين علي جاويش والمحامي يحيى محمد الحسين والدكتور كرم الله علي عبد الرحمن نائب أمين جهاز المغتربين ومسؤول قطاع الشمال بأمانة الاتصال التنظيمي بالمؤتمر الوطني والمهندس قبيس أحمد المصطفى بأمانة الإعلام بالمؤتمر الوطني ومحمد الخليفة عثمان المدير العام الأسبق لوزارة المالية والاقتصاد بولاية الخرطوم والمهندس حسن خليفة المدير عام الأسبق لهيئة السكة حديد وخبير الإدارة السيد حاج حمد، وقدمت كذلك كوكبة من الصحافيين والإعلاميين أبرزهم فتح الرحمن النحاس نائب رئيس تحرير صحيفة ألوان والكاتب الصحفي صاحب الملذات أبشر الماحي الصائم والناشط الإعلامي الفكي مكي عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصحفيين والقائمة طويلة ومجالات العطاء متعددة لأبناء هذه المنطقة الساحرة والجميلة التي أوفت الوطن حقه كاملا، وظلت نسيا منسيا منذ الاستقلال وحتى الآن بالرغم من تضحياتها وقربها من مركز القرار في بربر والدامر. لكل ما تقدم كانت هذه المنطقة هدفا لزيارة وفد كبير من رئاسة الولاية ومحلية بربر قادها الأستاذ علي أحمد حامد والي الولاية لتفقد الخدمات والزراعة ولتكريم المعتمد السابق الأستاذ حسن سليمان علي واستقبل المعتمد الجديد الأستاذ عثمان أحمد يعقوب، وبدأت الزيارة من الخامسة صباحا من يوم السبت الماضي، وانتهت عند منتصف الليل تفقد خلالها الأخ الوالي القرى الممتدة من الرضي في الشمال وحتى الجول ثم بدأ مرحلة أخرى من الزيارة بمنطقة الباوقة وقراها حتى الحلفا برفقة وفد اتحادي من أبناء المنطقة ضم الدكتور كرم الله علي وعبدالرحمن محمد الأمين (ود العقدة) ممثلا لمنظمة (دربكان) بالعاصمة القومية.. (واقفين طابور عايزين النور) كان هذا هو الهتاف الذي قوبل بها الوفد في كل مناطق الطواف ذلك لأن هذه المنطقة المهددة بالغمر بعد قيام سد الشريك، ولكن الأخ الوالي نفى هذه، مؤكدا قرب وصول الكهرباء، بل أعلن عن تشكيل لجنة من التنفيذين والشعبيين لتباشر عملها فورا في متابعة توصيل الشبكات الداخلية للقرى لتنتهي من مهمتها بنهاية إكمال العمل بالمحطة التحويلية الجديدة بمنطقة الغبش غرب بربر. وفي طوافه على مدارس الأساس أبدى الوالي ملاحظة جديدة بالدراسة والتقصي، وهي ظاهرة التسرب، إذ لاحظ أن الصف الأول يبدأ بستين إلى سبعين تلميذاً ثم يتقلص العدد ليصبح سبعة إلى ثمانية تلاميذ في الصف الثامن وعزى السكان هذه الظاهرة للإقبال الكبير على التعدين الأهلي، خاصة وأن المنطقة هي أول منطقة يتم فيها اكتشاف الذهب. ووجه الوالي الأستاذ فيصل موسى عبد المحمود وزير الشؤون الاجتماعية بإرسال فرق مسح اجتماعي من رئاسة الوزارة للوحدة الإدارية الباوقة والوحدة الإدارية والوحدة الإدارية العبيدية/ مبيريكة/ الكربة لدراسة الأسباب الحقيقية وراء هذه الظاهرة واقتراح الحلول المناسبة باعتبار أن التعليم من أوليات هموم الولاية، وأكد أنهم بصدد إصدار قانون إلزامية التعليم لمعاقبة أولياء الأمور في حالة تشجيعهم للأبناء على ترك الدراسة والاتجاه لمناطق التعدين، ورغم هذه الظاهرة فإن اكتشاف الذهب أحدث نقلة كبيرة في كل المنطقة تمثلت في تطوير الزراعة وقيام البساتين على الضفاف والجزر لتصبح المنطقة من أكبر مناطق إنتاج الفاكهة بالإضافة لتميزها في مجال صيد الأسماك، وهي المورد الرئيسي لمدينة عطبرة والدامر وبربر، ويظهر أثر الذهب واضحا في المباني الراقية لمنازل المواطنين في قرى الرضي وأبو مريخ وأم دريقا والشيخ الفضل وأبو حراز والضيقة. وتواصلت رحلة الوفد إلى فتوار التي خرجت في مشهد تاريخي لتودع المعتمد السابق حسن سليمان وتستقبل المعتمد الجديد عثمان يعقوب وعلى أنغام فنان المنطقة عبد الواحد مديني ودعت فتوار فارسها حسن سليمان، وبالمناسبة لا يزال عبدالواحد يتربع على عرش الغناء، وهو الذي ظل لسنوات طويلة يحمل ملامح أهله ويتغنى بأمجادهم ويتمسك بالبقاء بينهم بعيدا عن الإعلام والأضواء، وقدم للحفل الأنيق الزميل الفكي مكي بأسلوبه الجميل، وأشاد ابن المنطقة والمتحدث باسمها أسامة عبد الرحيم الياس بعطاء حسن سليمان وعدد جهوده في مجالي التنمية والخدمات، وأطلق على منطقه الجول/ فتوار/ السلمانية (بالثلاثي المرن). دلالة على صبر أهل المنطقة والرضا المجتمعي التام رغم غياب الخدمات وأشاد عثمان يعقوب بعطاء سلفه، مؤكدا أنه تسلم الراية وسيمضي بها من حيث انتهى حسن سليمان وفجر الوالي مفاجآت جديدة عندما أعلن أمام المواطنين أنا أمثال حسن سليمان لا يمكن الاستغناء عنهم، وهو موعود بموقع جديد ليواصل خدمة أهله بولاية نهر النيل، ووجه في كلمته الدكتور عمر أحمد الشيخ وزير الزراعة بتجميع الحيازات الصغيرة في مشاريع كبيرة ملتزما بتوفير ماكينات ري المشاريع التجميع لتقليل التكلفة وري أكبر مساحات من الأراضي الزراعية، ووجه كذلك بمد مشروعي السادة وجميع الجول الزراعية بمياه الري من مشروع الباوقة إلى حيث وصول كهرباء المنطقة، وأعلن عن اتجاه حكومته لتنظيم عمليات التعدين الأهلي وإنشاء أسواق جديدة للذهب بالمنطقة الغربية وتوالت المفاجآت السارة في اللقاء النوعي الذي انعقد بدار المؤتمر الوطني بالباوقة عندما أعلن الوالي عن رفع الباوقة والعبيدية وأريافها إلى مدن في إطار مشروع نهضة الولاية، ووجه وزارة التخطيط وتحديد الأحياء وتطوير الأسواق، وأعلن في ختام الزيارة عن تبرعه بمستلزمات الزواج الجماعي لمحلية بربر، وأعلن كذلك عن امتداد طريق النيل الغربي من أم درمان وحتى حدود محلية بربر الشمالية ليشمل منطقة الجول/ فتوار/ السليمانية.. وهكذا انتهت أطول وأنجح زيارات رئاسة الولاية للريف محققة آمال وتطلعات الجماهير في حياة كريمة حافلة بالعطاء والإنتاج، ولتكون مساهمتها أكبر في دعم الاقتصاد القومي، كما دعمت الوطن من قبل الشهداء والعلماء والقادة في كل مجالات العطاء. أبشر الماحي الصائم ملاذات آمنه - صحيفة اليوم التالي [email protected]