*طردني من الفصل أستاذ (الأدب) العربي ل(قلة الأدب) .. *فأنا لم أطق صبراً – لحين انتهاء الحصة – كي أقول لزميلي صديق (نعيماً).. *فقد كان قصد الحلاق – عوضاً عن الفوال – أثناء فترة الفطور .. *فيممت وجهي شطر إحدى الداخليات وفي ظني أن الحصة ستكون بلا طعم.. *اعتقدت أن (الحياة) ستتوقف – داخل الفصل – بعد أن نُزعت عنها (روح) وجودي .. *وكي أُقنع نفسي بصدق اعتقادي هذا اقتربت من الفصل لأرى مقدار (الكآبة) بالداخل.. *وحين اختلست النظر عبر النافذة فوجئت ب(الحياة) تسير سيرها الطبيعي في فصل (غزالي).. *بل إن صديقي الذي طُردت بسببه كان واقفاً يشارك بمداخلةٍ ما وهو يضحك.. *ويضحك لضحكه الأستاذ والزملاء أجمعون .. *بل كدت أرى مقعدي الخالي يضحك بدوره.. *فتقهقرت إلى الداخلية وانا أحس بإحباط شديد.. *كيف لا يندم الأستاذ ، ويثور الزملاء ، وتسقط السبورة، ويتمرد (الأدب) ؟!.. *وأدركت – منذ تلكم اللحظة – أن ما من طالب يمكن أن يكون (محور) الفصل.. *تماماً كما اكتشف علماء الفلك – قديماً – أن الأرض ليست (محور) الكون.. *وأن الإنسان ليس هو (محور) الوجود.. *فثمة نجوم عملاقة تختفي – دعك من ذرة في أطراف درب التبانة هي أرضنا – والمجرات تواصل دورانها.. *وثمة أناس – ذوو شأن – يموتون والحياة تسير سيرها.. *وثمة أنظمة – ذات سطوة – تتهاوى والشعوب تظل واقفة.. *ولكن ما أدركته أنا الطالب (الصغير) – آنذاك – لا يدركه مسؤولون (كبار) في زماننا هذا.. *فمنهم من يظن أنه (محور) الوزارة فإن ذهب هو ذهب ريحها.. *ومنهم من يظن أنه (محور) الهيئة فإن فُصل انفصلت هي عن أسباب النجاح.. *ومنهم من يظن أنه (محور) المصرف – كحال مدير بنك فيصل – فإن هوى من منصبه تهاوت أركانه .. *بل إن منهم من يظن أن النظام كله هو (محور) البلاد فإن ترجل هو (بركت) هي.. *ومن هؤلاء من لم يقدر على مغالبة دموعه عند تسلمه خطاب إقالته .. *ووثقت الكاميرات لحظات انهمار دمع كالمطر ، وبكاء كجلجلة الرعد.. *ومثل التوهم هذا من تلقاء (الكبار) هو الذي شجعني على ذكر توهمي ذاك وأنا (صغير).. *ثم لا استشعر أدنى قدر من الحياء .. *فقد كان توهماً (على أدي) لا يستدعي (تجرُّساً).. *فما من شيء (أخسره) كيما أبكي عليه.. *فقط (وهمة صغيرة !!).