*وللفلسفة يوم يحتفل العالم فيه بها.. *يعني إيه؟!… *يعني هو شيء مثل الاحتفال بيوم المرأة، أو الطفل، أو البيئة.. *يعني إيه برضو؟!… *يعني هو اليوم الذي يتذكّر العالم فيه أشخاصاً مثل هيجل وسارتر وابن رشد.. *أها وبعدين؟!… *و(لا قبلين)، وهذه هي المشكلة.. *فالتفلسف يتوقف بك عند مفترق طرق عليك أن تختار واحداً منها.. *ثم تكتشف أنك تسير في طريق مهجور.. *وهو- فوق ذلك – (مسكون) بالهواجس والظنون والأشباح.. *والذين ساروا في طرق أخرى سيكتشفون الشيء ذاته.. *ومن لم يفعل ذلك منهم يضحى في عداد المفقودين.. *أو في عداد المفارقين للواقع… *أو في عداد الذين (ضلوا) … *وبعد يوم حافل بالتحليق الفلسفي وجدت نفسي (مخبوطاً) على أرض الواقع.. *كنت أتباهى – والعياذ بالله – بتساؤل فحواه (هل الذات الإلهية متناهية أم لا؟).. *فإن قيل إنها لا متناهية ألقيت بتساؤل آخر (وفي أي حيز يكون الوجود إذن؟).. * فإما أن الذات الإلهية تفرد من (ذاتها) مكاناً للوجود فتكون – من ثم – (غير موجودة) فيه مما يتنافى والكمال المطلق.. *وإما أنها لا متناهية (كمالاً) فيكون الوجود – في الحالة هذه- (خارج) المساحة التي تشغلها الذات الإلهية.. * وواحد منا يُقسم ب(شرفه) مساء يوم أنه لن يقول: (إن شاء الله) حين يُطلب منه ذلك.. *كان يُكثر من ترديد مفردات من قبيل (سوف أفعل) و(سأعمل) و(سأسوي) في سياق الاستعداد لرحلة ما صباح اليوم التالي.. *ويُفاجأ أفراد الشلة بأن صاحبهم هذا لم ينفِّذ أياً مما وعد به.. *فقد نام نومةً – ذاك المساء- لا قيام بعدها.. *مات في (عز) شبابه رغم (عافيته).. *وكنت أكثر أفراد الشلة رعباً من الذي حدث.. * ثم استعرضت في ذهني دروساً من أرض (الواقع) لا علاقة لها باسبينوزا وكيركيجارد ونيتشة.. *ومن بين الدروس هذه ما هو (عالمي) وليس (خاصاً).. *غرق التايتانك – مثلاً- عقب أن قال ممثل الشركة المنفذة (الرب نفسه لا يستطيع إغراق هذه السفينة).. *وانفجار مكوك الفضاء تشالينجر(المتحدي) بعد أن سرى في نفوس البعض معنى التحدي المقصود.. *وزوال نظام مايو بُعيد أن قال رئيسه النميري (مافي قوة تقدر تشيلني).. *ولم يعد اليوم المذكور – بالنسبة لي- هو اليوم العالمي للفلسفة.. *بل إنه اليوم الذي أستعيذ فيه بالله من (شطحاتها).. *بمثل استعاذتي من ويلات (حكم الفرد).. *ثم لا أحد يقول لي: (يعني إيه ؟!!).