{ في هذا الزمان الذي غابت فيه الكثير من القيم النبيلة والفضائل الجميلة التي كان ينفرد بها مجتمعنا السوداني وللأسف الشديد ظللنا في كل يوم نفاجأ بالظواهر الصادمة التي ظلت تتفشى بقبحها في كل مكان انتشرت في المدن وانتقلت إلى الأرياف. { الأسرة السودانية لم تعد تلك الأسرة المترابطة على امتداد البيوتات الكبيرة بجذورها وتفرعاتها المتعددة (الأعمام وأبناء العمومة والخيلان ). { ومن ضمن ما تفشى بين أبناء هذا الزمان (صبيان وفتيات) انفصالهم عن الأسرة الممتدة وخروجهم حتى عن طوع الأسرة الصغيرة (الأب والأم) وصار ارتباطهم وتواصلهم واندماجهم العميق مع مجتمع وهمي، ألا وهو مجتمع مواقع التواصل الاجتماعي الذي أوقع الكثير منهم فريسة إلى شياطين الإنس الذين ظلوا يقودونهم إلى دروب الرذيلة. { آخر الظواهر السالبة وارد الخارج تمرد الأبناء على الأسرة وعدم انصياعهم للموجهات والتوجيهات التي تصدر من كبار الأسرة. بل إن كثيراً من أمهات وآباء هذا الزمان ظلوا يرفضون بشدة تدخل (الجد والعم والخال) في تربية أبنائهم حتى ولو عن طريق التوجيه والإرشاد والكثير من الأسر تعرضت للخلافات والانشقاقات بسبب التدخلات التربوية الخارجية. { والطامة الكبرى هي الثورات والوقفات الاحتجاجية التي ظلت تعلنها الزوجة السودانية ضد زوجها إذا حاول فرض عقوبات تربوية قاسية على ابنته أو ابنه الذي انحرف عن المسار. { قبل ايام قلائل دخلت في نوبة من الحزن وصدمت حينما قرأت خبر فتاة من إحدى مدن الولايات السودانية الوسطية قامت بتحريك إجراءات قانونية في مواجهة جدها الذي ضربها بسبب تأخرها ليلاً في الحضور إلى المنزل. { ماذا كانت ستفعل هذه الفتاة إذا عاقبها جارهم على هذا التأخير الليلي والجار في السودان حتى وقت قريب كان شريكاً أساسياً في التربية. { حقاً ماذا حدث لنا وأية مصيبة حلت بمجتمعنا السوداني الذي كان يعيش فوق كنز من القيم والمثل ومكارم الأخلاق.