انفض اجتماع الآلية الثلاثية (الحكومة، الأممالمتحدة، الاتحاد الأفريقي) فيما يتعلق بخروج قوات (يوناميد) من إقليم دارفور، دون التوصل إلى اتفاق بالخصوص وذلك بعد خلافات شديدة. ووضح من خلال تمسك الأممالمتحدة بأن تكون آلية التنسيق لخروج هذه القوات مكونة منها والاتحاد الأفريقي و(يوناميد)، وأن لا تكون الحكومة جزءاً من هذه الآلية، وضح أنها لا تريد لهذه القوات أن تخرج رغم انتفاء ظروف بقائها. تخيلوا أن يكون شرط دخول هذه القوات إلى البلاد هو موافقة الحكومة وبرضائهم، وعند خروجها تبعد الحكومة من مسرح القرار، أي تشريع دولي هذا الذي تكون فيه موازين العدالة بمكيالين. مؤشر هذا الاجتماع لا ينبئ بخروج قريب لهذه القوات من دارفور رغم أن الأوضاع على الأرض باتت مستقرة، وهو واحدة من الدواعي التي يتوجب معها هذا الخروج، ولكن الأممالمتحدة لا تريد للاتفاقيات التي وقعت بهذا الخصوص أن تتنزل، فقط يتنزل قرارها. هذا الوضع يترتب عليه ترتيب جديد بأن ترفع هذه النقاط الخلافية إلى مجلسي الأمن الدولي والأفريقي للبت في الخلافات، ولكن السؤال ما هي النتيجة التي سيتم التوصل إليها؟. الغريب في الأمر أن الأممالمتحدة وقوات (يوناميد) كانوا على قناعة بأن يتم خروجها من إقليم دارفور وفقاً للتطورات اللاحقة، ولكن فجأة تبدل الحال وأخذت الأممالمتحدة تجرجر رجليها. مطلوب من الحكومة أن لا تركن لهذه المحاولة وتستسلم، الأممالمتحدة ومؤسساتها دائماً ما تكون طريقتها في الوصول إلى ما تصبو إليه من أهداف، هو رفع سقوفات الضغط حتى إذا ما أحست الحكومة بالخطر تنازلت إلى نقاط وسطية قد تكون مكسباً أكثر مما تتوقع، لذلك ينبغي أن تعيد الحكومة ترتيباتها للتعامل مع هذا الملف. بالفعل أتوقع أن تشرع الأممالمتحدة في تصعيد الموقف والبحث عن أصدقاء بغية تمرير قرارات ضد الحكومة، هذا الملف يحتاج إلى قدر كبير من الصمود والقوى وإحكام التنسيق، يحتاج لجهد دبلوماسي واضح مع الأصدقاء من الدول العظمى كالصين وروسيا حتى تقف حائط صد ضد محاولة تمرير المؤامرات. على الحكومة أيضاً أن تعول على الاتحاد الأفريقي كضلع مشارك في الآلية التنسيقية، وبذا يمكن أن يشكل خط دفاع قوى يعينها في كسب معركة خروج قوات اليوناميد، لأن المنظمة الدولية تعي جيداً عدم قانونية ما تقدم عليه، ولكنها تريد أن تجس النبض فلا تردعوها والله المستعان.