*هل نحن صادقون مع أنفسنا؟.. *هل نحن صادقون مع بعضنا البعض؟.. *هل نحن- وهذا هو الأهم- صادقون مع الله؟.. *أم نحن نمارس الكذب والنفاق والرياء والخداع في أسوأ تجلياته؟.. *أنظر إلى ما تنشره الصحف من لقاءات في شهر رمضان هذا.. *رمضان تحديداً لما له من مكانة دينية في نفوس السودانيين.. *فهم يجتهدون في الوفاء بالتزاماته الأخلاقية وفقاً لتمييزهم له عن بقية الشهور.. *أو بالأحرى المبالغة في تمييزه أكثر من تميزه الديني.. *فما يجوز في غيره من الأشهر- حسب ظنهم- لا يحتمله رمضان.. *ثم يسقطون حتى في امتحان الشهر الواحد هذا.. *نعود إلى المقابلات الرمضانية للصحف مع بعض رموز بلادنا.. *رموز فنية ورياضية وسياسية واقتصادية وإعلامية.. *فكلهم يجمعون على أنهم ينقطعون للعبادة.. *وأنهم يتلون كتاب الله آناء الليل وأطراف النهار.. *وأنهم يقرأون- ويصح أن نقول يقرؤون أيضاً- السيرة النبوية الكريمة.. *وأنهم يتفكرون في عظمة الله تعالى.. *والذين يزكون أنفسهم هؤلاء يمكن أن نعدهم نموذجاً للآخرين.. *هو شيء مثل استقراءات الرأي في مناهج البحث العلمي.. *استقراءات تشمل التاجر والعامل والموظف.. *وهو مؤشر لخلل في الشخصية ما بين ما هي عليه وما تحب أن تكون.. *ويجوز أن نقرأ هذا الواقع على خلفية تصريحات المسؤولين.. *على خلفية نفاقنا السياسي المبتذل.. *على خلفية اجتراحنا خطيئة الكذب دون أن يطرف لنا جفن.. *على خلفية الغش والرياء والخداع.. *يعني ممكن أن يكون مزكي نفسه هذا أحد المستغلين لشهر رمضان تجارياً.. *أحد الذين يخفون سلعة ما بغرض رفع سعرها تحت ذريعة الندرة.. *أو أحد الذين يشطحون بأسعار الخُضر إلى أرقام خرافية.. *أو أحد الضالعين في ظاهرة الأدوية المغشوشة المتفشية هذه الأيام.. *أو أحد المتسببين في إنقاص عبوة السكر زنة (10) كيلو بمقدار كيلو.. *أو أحد المستبدلين لديباجات الأغذية المحفوظة منتهية الصلاحية بأخرى جديدة.. *أو أحد المتبرعين في النفرات الولائية (على الورق).. *وبائع فواكه – البارحة- يضيف أمامي لسعر البطيخة ثلاثين جنيهاً خلال دقائق.. *عقب شرائي واحدة منه وأنا لم أغادر بعد.. *فلما أنبهه إلى أنه صائم يغمغم بضيق (دا براه ودا براه).. *ثم يشيح بيد تتدلى منها سبحة في طول لحيته.. *وفي اليد الأخرى مسواك (يعافر) به فماً يردد مفردة (يا لطيف).. *وراقصة (هز وسط) عربية تجئ من العمرة.. *فيسألها الإعلامي محمود سعد عن هذا التناقض في حياتها.. *فتجيب بغضب (دا لوحده ودا لوحده !!!).