*معتمد مروي مبسوط من طعم عصير المانجو.. *قال إنه بداية بشريات إنتاج مصنع كريمة لتعليب الخضر والفاكهة.. *وأنا أواخر الستينيات كنت مبسوطاً مثله للسبب ذاته.. *فقد كنت طفلاً أحتسي عصير المانجو كبداية بشريات إنتاج المصنع نفسه.. *ثم انهمر سيل الإنتاج بعد ذلك إلى حد تصديره.. *الصلصة ، البقوليات ، المربات ، العصائر ، والتمور المحشية بالكريمة.. *فقد كان والدي أول مدير لمصنعي التعليب والبلح.. *وأحد أسباب نجاح المصنع علاقاته الحميمة مع الأهالي والعاملين والمزارعين.. *وما زلت أذكر كيف كان يتداخل معهم ، ويداخلونه.. *وأذكر حضور بعضهم جلسات استضافته أولاد حاج الماحي يوم الجمعة.. *وأذكر الزيارات المتبادلة بينه و بين (الكبير) علي عقيد.. *وأذكر تواصله مع جبريل وكرار والحارث والعمدة كنيش.. *ثم جاءت (ثورة) مايو بعد ذلك بقليل.. *ومن (أولى بشريات) ثوريتها ما أطلقت عليه مصطلح التطهير.. *وصنفت الوالد (رجعياً) رغم نجاحاته.. *وأتت بآخرين (ثوريين) من بعده ليذهب هو إلى حلفا منهياً انتدابه.. *و(ثارت) ثائرة الزرَّاع على جماعة (الثورية) هؤلاء.. *ولم تقم للمصنعين قائمة جراء (العنف الثوري).. *العنف في التعامل والتساوم والتفاهم والعلائق والتسويات المالية.. *ولكن ما يُحمد لنميري تراجعه سريعاً عن (التطهير).. *وعادت للخدمة المدنية عافيتها ولكن لم تعد ثقة المزارعين في المصنع.. *وخسرت البلاد أطناناً من صادراته ذات الجودة العالية.. *بل وصارت تستورد مثلها- عوضاً عن التصدير- إلى يومنا هذا.. *ثم جاءت الإنقاذ بما هو أسوأ من (تطهير) مايو.. *جاءت بما سمته (الصالح العام) وأحلت مواليها مكان الكفاءات.. *أما (ثوريتها) فكانت (ثوراً) في مستودع الخزف.. *فقضت على الصناعة والزراعة والتعليم والناقل البري والبحري والجوي.. *ثم لم تراجع أخطاءها سريعاً كما فعلت مايو.. *بل ما زال التمكين سارياً ، و(التهميش والتكويش والتطفيش والتفنيش).. *وقضت هذه السياسة على البقية الباقية من المصنع.. *ولم يبق به سوى آثار الماضي، وأطلال المباني، وماضي (ذكرياتي).. *والآن نجح (متمكنون)- بمال خليجي- في إنتاج العصير.. *وفرح معتمد مروي بهذا الإنجاز وأعلن (انبساطه) من طعم المانجو.. *وهو طعم بسطني أنا (قبل خمسين عاماً !!!). الصيحة