في حوار من موقع الحدث وزير الخارجية بروف إبراهيم غندور ل(السوداني): (1-2) (…)* هذا هو التقدم الحقيقي الذي حدث بيننا والجانب الأمريكي *كثير من التصريحات تصدر من أشخاص غير معنيِّين بالملف..! (…)* في هذه الحالة تخرج الإدارة الأمريكية للحديث عن السودان *المشكلة أن البعض يحاول أن يعرف كل شيء *ليس من السهولة رفع عقوبات عمرها أكثر من (23) عاماً ولكن..! — من الصعوبة أن يحصل الصحافي على معلومات من مصادر واضحة في موضع المسؤولية، عن ما يدور داخل الغرف المغلقة بين الخرطوموواشنطن. تصريحات مُقتضبةٌ من الجانبين، وتكتُّمٌ واضحٌ على الدرجة التي وصل إليها الحوار. تفاؤلٌ حذرٌ، نتائجُ ملموسة، الاستمرار في الحوار، هي الملامح البارزة في حوار (السوداني) مع وزير الخارجية إبراهيم غندور قبيل عودته إلى الخرطوم. في ظرف ثمانية أيام فقط، أصدر الجانب الأمريكي بيانَيْن حول السودان، يتعلق الأول بمدى تعاون السودان في قضايا الإرهاب، والثاني يتعلق بالعقوبات الاقتصادية وتشجيع البنوك الأجنبية على التعامل مع الخرطوم. ورغم أن تصريحات تصدر من جهات مختلفة في السودان، إما متفائلة برفع العقوبات، أو متشائمة من إمكانية حدوث تقدم؛ إلا أن وزير الخارجية وضع النقاط على الحروف، وأجاب عن كثير من التساؤلات، ورفض الإدلاء بأي إجابات في البعض الآخر. حاورته في نيويورك: لينا يعقوب *قبل الدخول في لقائك الرفيع الذي أجريته في نيويورك مع الجانب الأمريكي.. لماذا لم يتم الحديث أو الإفصاح عن اللجنة رفيعة المستوى التي شكَّلها رئيس الجمهورية للحوار مع الولاياتالمتحدة والتي ترأسها أنت؟ وهل هي سرية؟ لا ليست سرية، كل ما في الأمر أن هناك اتفاقاً بيننا، على أن هذه القضايا ليست للإعلام، حتى تصل إلى نهاياتها، وهي ليست جديدة، كما أن عمر الحوار عبر الآلية أشهر، وعبر وزارة الخارجية مع الآليات المختلفة في الولاياتالمتحدة سواء كانت مع الخارجية أو غيرها عمره أكثر من عام ونصف العام، بالتالي الأمر ليس جديداً لكنَّ هناك اتفاقاً على أن لا تخرج أي تفاصيل إلا بعد أن تكتمل نقاط الحوار، وخرج ما خرج مصادفةً لأنكِ كنتِ هنا في نيويورك أثناء انعقاد الاجتماعات.
*متى شكَّلَ الرئيس الآلية؟ بداية يوليو الماضي. *جديدة جداً؟ نعم، لكنَّ الخارجية ظلَّت تعمل في الملف منذ وقت طويل، وأنا شخصياً علاقتي بالملف بدأت منذ أن كنت مساعداً للرئيس وبتكليف مباشر منه.
*من أي طرف جاء طلب أن لا يخرج حواركم إلى الإعلام؟.. هل أنتم من طالبتم الجانب الأمريكي بأن تكون اجتماعاتكم ونتائجها سرية، أم العكس؟ حقيقة هو اتفاق بين الطرفين، طالما أننا لم نصل إلى النهايات حتى الآن، وعلينا أن لا نُعلن نتائج غير مكتملة.
*الولاياتالمتحدة تُجري حوارات مع عدد من الدول، لا تحيطها بهذه السرية التي تتم مع السودان.. هل تخجل أمريكا من الحوار مع الحكومة القائمة؟ الحوار بين الولاياتالمتحدة وكوبا، استمرَّ سنوات ولم يخرج للعلن، إلا بعد أن أوشك الاتفاق على الحدوث، كذلك الحوار بين الولاياتالمتحدة وإيران، رغم أن الآلية المعلنة (5+1) كانت تتحدث في أحيانٍ، لكنَّ ما يصدر على لسانها ويخرج للعلن لم يكن الحقيقة التي تخرج من أضابير الغرف المغلقة. هكذا هو الحوار دائماً، إذا أريد له النجاح فيجب أن يبعد عن القضايا التي يراد بها إحداث اختراق أو نجاح إعلامي أو حتى تضخيم أو تصغير أمر، لذلك حرصنا أن يكون في هذا الإطار.
*وهل الجانب الأمريكي ملتزم؟ نعم، حتى عندما تخرج منه بعض التصريحات تكون نتيجة لتسريب حدث في صحفنا، فيخرجون للإعلام للإشارة لما حدث من وجهة نظرهم. *عادة ما تكون التصريحات سالبةً باستثناء البيان الأمريكي الأخير.. ألا يُثيركم ذلك في الإفصاح قليلاً عن ما يجري؟ لا أتفق مع أن التصريحات سالبة، أنا أشير إلى أن التغيير واضح في التعامل بين البلدين، سواء كان في الاجتماعات الدولية أو حتى على مستوى الإعلام، هناك تقدم واضح في التعامل بين البلدين في مختلف المجالات، لكن ما أستطيع قوله أننا لم نصل حتى الآن إلى اتفاق نُعلن فيه حل المشكلات. نحن نسير في الطريق الصحيح الذي يُمكِّننا من الوصول إلى نهاية المطاف، لكن لا ندري ماذا يمكن أن يحدث في منتصف الطريق..!
*ما هو الطريق الذي تريدون الوصول إليه؟ الوصول إلى علاقات طبيعية بين السودان والولاياتالمتحدةالأمريكية، مثل علاقات السودان مع بقية الدول.
*وهل لديكم أمل أن يحدث هذا مع الحكومة الحالية في السودان؟ نحن على الطريق الصحيح، لا أستطيع القول أنه سيحدث، لكنني أكثر تفاؤلاً مما مضى.
*إذاً، أنت متفائل؟ تقريباً نعم. *هناك متشائمون من إمكانية العودة لعلاقة طبيعية بين البلدين؟ أن نتفاءل أو نتشاءم سيان، لكن ليس أمامنا خيار إلا خيار الحديث إلى الآخر والحوار معه، وفي كل الحالات إما أننا وصلنا إلى نتيجة إيجابية كما نريد، أو وصلنا إلى منتصف الطريق أو في حال لم نصل إلى شيء لن نخسر كثيراً.
*منذ أن كُنتَ مساعداً للرئيس إلى أن أصبحتَ وزيراً للخارجية، ما هو التقدم العملي الذي حدث بين البلدين؟ لم يكن هناك حوار رسمي، حتى عندما زرت الولاياتالمتحدة وأنا مساعد رئيس كانت تلك أول زيارة رسمية وبدعوة رسمية ولمسؤول في ذلك الوقت لإجراء حوار مباشر، لم يكن وفقاً لأمر متفق عليه إنما لتوضيح وجهات نظر الطرفين، ذلك الحوار انتهى في حينه، لكنه كشف الكثير من القضايا بالنسبة للطرفين وكيفية التعامل معها. في الفترة الأخيرة بعد أن تم تعييني وزيراً للخارجية، تمت لقاءات على مستويات مختلفة، اتفقنا فيها على حوار جاد يهم الطرفين، كما أننا نتحاور بصورة شبه راتبة، واتفقنا أن لا نتحدَّث عن القضايا إلا بعد الوصول إلى نهاياتها. *حتى القليل الذي يخرج، يأتي الجانب الأمريكي وينفيه إن كان حديثاً إيجابياً.. ألا يدل ذلك على عدم نية الإدارة الأمريكية التقارب مع السودان؟ مثل؟
*الخارجية الأمريكية أصدرت بياناً وعادت بعد يوم عبر ذات المتحدث الرسمي لتنشر تصريحاً سالباً، يؤكد عدم وجود تقارب أو حتى بشريات في الطريق؟ أولاً، أنا أقول إنه من جانبنا لن نُدلي بأيِّ تصريح، فكثيرٌ من التصريحات تصدر من أشخاص ليسوا معنيِّين بالملف، وهي اجتهادات شخصية بمعلومات أو غيرها. بالنسبة للجانب الأمريكي التصريحات التي تخرج متفق عليها، وحتى التصريح الذي وصَفْتِهِ بالسالب كان كذلك، وهو ما ذكرناه في حينه، لكن الردود على الصحافيين وأنا رأيت لها تلخيصاً من صحافيٍّ معروف بمعارضته للحكومة وخدمة أجندة محددة، حاول أن يجمع تصريحات في تواريخ وتوقيتات مختلفة بل وفي قضايا مختلفة، ليصنع منها خبراً سالباً، لكنها لم تُؤدِّ الغرض إلا عند الذين لا يتابعون أو لا يعرفون.
*ألا تعتقد أنه من حق الناس والمواطنين أن يعرفوا ما يدور في هذا الحوار؟ من حقِّ الناس أن يعرفوا، ولكن المعرفة والمصلحة الوطنية العليا تتطلب أن يعرفوا في الوقت المناسب، والذي لا يتضرَّر منه الحوار ولا تتضرَّر منه البلد، المشكلة أن البعض يحاول أن يعرف كل شيء في الوقت الذي يريده هو، وليس في الوقت الذي تريده مصلحة الحوار والقضية، لذلك عندما يكون الوقت مناسباً سنخرج بكل التفاصيل، وليس لدينا ما نُخفيه ولا نتفاوض حول قضايا سرية، لكن الحوار بين أي بلدين يجب أن يخضع لما يتم الاتفاق عليه.
*ألا تعتقد أن التكتم بطلب من الجانب السوداني لأنه عادة يرفع سقف التوقعات في الوقت الذي لا يوجد فيه تقدم ملحوظ بين البلدين؟ من قال إنه لا يوجد تقدم.
إذاً، أخبرنا عنه؟ إننا نمضي في الاتجاه الصحيح للوصول إلى النهايات التي نبحث عنها.
*نحن نسأل عن التقدم.. هل مثلاً سيُرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب؟ هذا هو نهاية المطاف الذي نتمنى أن نصل إليه.
*هل ستُرفع العقوبات الاقتصادية؟ هناك تقدم ملحوظ في درجة الإعفاءات، كنت في يناير 2015، وفي نفس الأسبوع الذي كنت فيه، اُتُّخِذَ قراراً برفع إعفاء التقانة والبرمجيات والآلات الزراعية، ثم جاءت الأدوية والمُعدَّات الطبية بعد ذلك التعليم العالي، والآن نتناقش حول التحويلات البنكية، ونحن في انتظار تطبيق نتائج مؤتمر عقد قبل ثلاثة أشهر. *وبماذا خرج الوفد الاقتصادي الذي شارك في الندوة الاقتصادية؟ قبل نحو عشرة أيام، كان هناك وفد اقتصادي لمناقشة بعض المواضيع، وهذا كل تقدم، بالتالي إن قلنا إنه لا يوجد تقدم فهذا خطأ كبير، لكن في التحاور مع دولة كالولاياتالمتحدة ليس من السهولة لعقوبات عمرها أكثر من (23) عاماً أن تُرفع في حوار أسبوع أو أسبوعين أو شهر أو اثنين، الأمر يحتاج لحوار مُطوَّل وإلى بناء ثقة وبعد ذلك الوصول إلى قواسم مشتركة في الحوار وأجندته وكيفية تأكد كل طرف من أن الطرف الآخر يلتزم بما تم الاتفاق عليه، السودان ظل يقول إن الولاياتالمتحدة لا تفي بما تتعهد به بالتالي هذه هي القضايا التي ظللنا نعالجها خلال الفترة الماضية.
*فيما يتعلق بالتحويلات المالية.. وصلتنا معلومة أنه تم إعفاء التحويلات المالية من السودان إلى البعثة في نيويورك والسفارة السودانية أيضاً؟ المعلومة صحيحة، وهناك محاولة غيرها لإكمال ذلك بمخاطبة البنوك أن هذا هو الحد المسموح به وهذا غير مسموح به، لأن البنوك اعتبرت أن كل التحويلات إلى السودان ممنوعة، وكان هذا هو الغرض من الورشة في الوقت الحالي، قبل رفع العقوبات النهائية. هي معالجة في منتصف الطريق، كما أننا اتفقنا كذلك على الإسراع في معالجة الأمور التي تحتاج إلى النظر بواسطة الإدارات المعنية في الولاياتالمتحدة، هذا تقدم، وهو ليس ما نريد لكنه المتاح الآن، ونحن نمضي في الاتجاه الصحيح.
*لكن حتى الاستثناءات التي منحتها الولاياتالمتحدة للسودان علناً، غير مُفعَّلة، بل إن واشنطن توقع العقوبات على البنوك التي تتعامل مع السودان في التحويلات التي تتعلق بالدواء وغيرها؟ هذا ما تم الاتفاق عليه ويجب أن يُطبَّق، ولعل البيان الأخير أشار إلى أن المُعاملات التي تتم عبر بنوك أمريكية وفيها شراء سلع أو دولار سيسمح بها إن كان لها بعد إنساني، أما البنوك غير الأمريكية فيُسمح لها بالسلع والدولار دون حظر. البنوك التي كانت حاضرة سمعت ذلك بصورة مباشرة، ولكن للأسف لأن الدعوة جاءت متأخرة لم تتمكَّن عدة بنوك من الحضور، وربما يتم نقاش الأمر في لقاء قريب في نيويورك.
*هل هذه البنوك أمريكية أم أوروبية؟ أمريكية وأوروبية وعربية وغيرها.