برزت تساؤلات حول قدرة الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، على إبطال أو إلغاء قرار مجلس الأمن الدولي بالأممالمتحدة، الجمعة، (2334) الذي يطالب إسرائيل بوقف فوري لبناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية، بعد بموافقة 14 دولة من أعضاء المجلس الخمسة عشر، وامتناع الولاياتالمتحدة عن التصويت، رغم مناشدة إسرائيل لها باستخدام حق النقض (الفيتو) لمنع تمرير مشروع القرار. والإجابة على ذلك السؤال هي: من الناحية النظرية، نعم، إذ يمكن لإدارة ترامب التي ستبدأ ولايتها في 21 يناير/ كانون الثاني المقبل، إلغاء هذا القرار. سيكون على ترامب طرح مشروع قرار (2334) تماماً. ثم سيحتاج إلى تصويت تسع دول على الأقل لصالح القرار، وضمان عدم اعتراض أي من الدول الأخرى دائمة العضوية في مجلس الأمن، روسيا وبريطانيا وفرنسا والصين، على القرار. واقعياً، من غير المرجح للغاية حدوث ذلك. إذ هناك إجماع دولي واسع النطاق بأن المستوطنات في الضفة الغربية وشرق القدس غير شرعية وأنها تشكل عقبة في طريق عملية السلام. ومن غير المرجح للغاية أن ترامب سيكون قادراً على العثور على 8 دول أخرى في مجلس الأمن على استعداد لدعم إلغاء القرار الجديد. وحتى لو فعل، فمن المرجح استخدام دولة ذات عضوية دائمة حق النقض (الفيتو) ضد القرار. هل ستقوم الولاياتالمتحدة وإسرائيل بمبادرات دبلوماسية ضد الأممالمتحدة؟ هدد السناتور الأمريكي الجمهوري، ليندسي غراهام، بقطع الأموال عن الأممالمتحدة على خلفية هذا القرار. ويُذكر أن أمريكا تساهم حاليا بنسبة 22 في المائة من ميزانية الأممالمتحدة. وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن إسرائيل ستقطع التمويل لخمس منظمات مختلفة تابعة للأمم المتحدة، بلغ مجموع قيمتها ما يقرب من 8 ملايين دولار، وقال نتنياهو إن إسرائيل تعيد تقييم علاقاتها مع ممثلي الأممالمتحدة في إسرائيل. هل هذه هي المرة الأولى التي يمتنع فيها رئيس أميركي عن استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن فيما يتعلق بإسرائيل؟ لا، رفض رؤساء آخرين استخدام حق النقض أو صوتوا لصالح قرارات مجلس الأمن ذات صلة بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ولكن هذه هي المرة الأولى التي رفض فيها الرئيس باراك أوباما استخدام حق النقض. وكان أوباما يستخدم الفيتو في مجلس الأمن ضد كل قرار آخر يتعلق بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني. أبرز تلك المرات كانت اعترضه على قرار مجلس الأمن الذي كان ينتقد المستوطنات في عام 2011. وفي ذلك الوقت، قالت سفيرة الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة، سوزان رايس: “نرفض بأشد العبارات شرعية استمرار النشاط الاستيطاني الإسرائيلي،” ولكنها أضافت: “يخاطر مشروع القرار هذا بتصعيب مواقف الطرفين، ويمكنه تشجيع الأطراف على البقاء خارج المفاوضات.” وحول امتناع أوباما عن التصويت على قرار (2334) والسماح بتمريره، قالت السفيرة الأمريكية الحالية لدى مجلس الأمن، سامانثا باور: “التزامنا بأمن إسرائيل هو بالتحديد ما جعل الولاياتالمتحدة تعتقد بأنه لا يمكننا الوقوف في طريق هذا القرار ونحن نسعى للحفاظ على فرص تحقيق هدفنا طويل الأمد: دولتان تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن.” لماذا إذاً كل الانتقادات الإسرائيلية الموجهة للرئيس باراك أوباما ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري؟ لأن هذا هو أول قرار لمجلس الأمن منذ أكثر من 35 عاماً يتعامل مع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وشرق القدس. وينص القرار على توجيهات وتوصيات للتعامل مع المستوطنات، وهو أمر لم يقم به رئيس أمريكي في مجلس الأمن منذ عام 1980.