كشف تقرير استقصائي حول آثار بناء سدي أعالي عطبرة وستيت، عن حجم الأضرار التي لحقت بالمواطنين جراءه، مؤكداً تسببه في تهجير ما يزيد عن 155 الف مواطن دون الإلتزام بالضوابط المحلية والعالمية المتعلقة بتهجير السكان المتأثرين من السدود، في حالة اعتبرها الأسوأ في تاريخ السودان. وقال التقرير إن جميع اجراءات تخطيط وتنفيذ المشروع تمت دون اشراك المواطنين المتأثرين بقيامه، ودون الأخذ في الإعتبار لمصالحهم خاصة فيما يتعلق بالأراضي التي قامت عليها منشآت المشروع ، أو تلك التي غمرتها مياه البحيرة، أو الأراضي الزراعية التي خصصت للإستثمار الزراعي برأس المال الأجنبي. وتضمن التقرير الذي أصدرته “المجموعة السودانية للديمقراطية أولآ”، وأطلعت عليه (سودان تربيون) توصيات ومقترحات عملية لحل مشاكل المواطنين التي تسبب فيها بناء السد. وأكد أن المشروع أدى لتهجير ما يزيد عن 155 الف مواطن من مساكنهم وقراهم وأراضيهم الزراعية، بعد أن غمرت المياه مساحة واسعة تجاوزت 310 كلم، “دون الإلتزام بالضوابط المحلية والعالمية المتعلقة بتهجير السكان المتأثرين من السدود، في حالة هي الأسوأ في تاريخ السودان”. ويقع مشروع سدي أعالي عطبرة وستيت، على بعد 460 كلم شرق العاصمة السودانية الخرطوم، وهو عبارة عن سدين علي أعالي نهر عطبرة ونهر ستيت ببحيرة واحدة. ويشير التقرير إلى أن بحيرة المشروع تغطي مساحات واسعة من محلية ودالحليو بولاية كسلا ومحليتي الفشقة والقريشة بولاية القضارف، وتقدر سعتها التخزينية ب (3.6) مليار متر مكعب، ويبلغ إرتفاع سد أعالي عطبرة (58) متراً، بينما يبلغ ارتفاع سد ستيت (55) متراً. وأوضح التقرير أن الحكومة السودانية نفذت مشروع سدي أعالي عطبرة وستيت بتمويل من صناديق الإستثمار الخليجية والحكومة الصينية والبنك الإسلامي للتنمية بجدة بتكلفة كلية بلغت (1,150 ) مليون دولار. وأكد أن تنفيذ المشروع تولته عدد من الشركات الصينية، بينما تولت الأعمال الإستشارية شركة (لامير) الألمانية والتي سبق أن تمت ادانتها بقضايا متعلقة بالفساد مما قاد البنك الدولي إلى وقف التعامل معها لمدة سبع سنوات، طبقاً للتقرير. وأضاف “هي ذات الشركة التي تولت المسؤولية الأستشارية لبناء سد مروي على الشلال الرابع لنهر النيل بشمال السودان والذي صاحب قيامه أضرار بيئية وإجتماعية كبيرة”. وذكر التقرير أن دعم دول الخليج لإنشاء السدود مرتبط بتحقيق إستراتيجية الإستحواذ على الأراضي من قبل الدول والشركات التي تستثمر في إنتاج وتصدير المنتجات الغذائية والسلع غير الغذائية مثل الأعلاف وما يصاحب ذلك من مضار بيئية وإجتماعية وإقتصادية، فيما تقدم الصين القروض مقابل بناء المشاريع عن طريق الشركات التابعة للحكومة الصينية. ويشار إلى أن الاتفاقية الاطارية الخاصة بتمويل مشروع سدي أعالي عطبرة وستيت التي أجازها البرلمان السوداني في يونيو من العام 2016 ، منحت الشركات السعودية الحق في الإستفادة من كل الأراضي الزراعية التي يوفرها المشروع والتي تبلغ مساحتها مليون فدان لمدة 99 عاما. وأفاد التقرير أن تلك الفترة ينتهي خلالها عمر السعة التخزينية للسد، مقارنة بتجربة خزان خشم القربة الذي فقد حوالي 70% من قدرته التخزينية في 50 سنة بسبب تراكم الاطماء، وأضاف “بذلك تحولت كل الفوائد الزراعية الناتجة عن بناء سدي عطبرة وستيت لمصلحة المملكة العربية السعودية”.