بعد رفع الحظر الاقتصادي الأمريكي عن السودان، ستقوم شركات البرمجيات الكبرى مثل مايكروسوفت وأوراكل، ومزودات خدمات الشبكات الكبرى مثل سيسكو وغيرها، بتسجيل أفرع لشركاتها بالسودان، أو تحديد وكلاء رسميين لها بالسودان. وتبعاً لذلك سوف يصبح من حقها قانوناً أن تطلب من السلطات السودانية منع الاتجار في برامجها المنسوخة، وأن ترفع الدعاوى القضائية على كل جهة تستخدم برنامجاً أو تطبيقاً منسوخاً (غير أصلي). فكيف السبيل لمواجهة هذه المشكلة التي سوف تواجه عدد كبير جداً من المؤسسات والشركات والأشخاص الذين استخدموا ويستخدمون برمجيات منسوخة؟ بالطبع فإن استخدام السودانيين للبرمجيات المنسوخة لم يكن سرقة أو إحتيالاً، بل كان وضعاً استدعاه الحصار الاقتصادي الجائر الذي فرض، ليس على الحكومة فحسب، بل طال المواطنين العاديين، الذين لم يكونوا يتمكنون من انزال برمجيات، أو تحديثها، الا بوسائل وطرق ملتوية، وبعد كسر وسائل الحماية التي تضعها تلك الشركات على برمجياتها. السودان ليس الدولة الأولى التي تواجه مثل هذه المشكلة، ففي الصين وبعد الانفتاح في بداية التسعينات كان هناك المليارات من أسطوانات البرامج المنسوخة تباع على قارعة الطريق، لأن الشركات المنتجة لها لم تكن مسجلة في الصين، وبالتالي لا يحق لها المطالبة بسحبها من الأسواق. بعد أن قامت هذه الشركات بتسجيل أفرع لها بالصين بدأت في معالجة المشكلة بطريقة عقلانية، لأنه لم يكن منطقياً مطالبة كل من استخدم برمجية منسوخة (وهم مئآت الملايين من الصينيين) دفع قيمة البرنامج الأصلي. تم الاتفاق على قيمة رمزية مقدارها دولار واحد يدفعها المستخدم للبرمجية المنسوخة، وتستبدل له بأخرى أصلية. بالطبع في بال الشركات أنها ستكسب فيما بعد من خلال التحديثات، ومن خلال البرمجيات الأخرى المرتبطة بالبرنامج الأساسي. وعلى هذا، نقترح أن يتولى المركز القومي للمعلومات مهمة التنسيق لتفاوض جماعي مع الشركات الكبرى، التي بدأت في الوصول للسودان، للوصول لتسوية جماعية على غرار ما تم في الصين. على أن تقوم السلطات بعد التسوية بإبادة كل البرمجيات المنسوخة، ومتابعة من يستخدمها متابعة قانونية. من جانب آخر يرى بعض المتخصصين الاتجاه للبرمجيات مفتوحة المصدر، وفي هذا يقول الأستاذ محمد الصائم محمد: أتمنى أن تكون هذه بادرة طيبة لتقوم الجهات المعنية بالتقاط قفاز التحدي، وتحديد الأولويات العاجلة من البرمجيات الرئيسية، مثل أنظمة التشغيل، وقواعد البيانات، والبرامج المكتبية والمتصفحات. ويدخل في الأولويات أيضا التوافق على بيئات متكاملة للتطوير البرامجي. والمطلوب في هذا المجال هو استغلال المعروض من المصادر المفتوحة بأوسع ما يمكن، لأن البرمجيات المفتوحة تتيح خدمات وخصائص ومميزات تشغيلية بأرخص الأثمان او هي مجاناً تماماً . من تحديات استخدام البرمجيات مفتوحة المصدر كثرة المنتجات وعدم وجود سلطة أو مرجعية تكون لها الكلمة الفاصلة، ثم يجيء عدم التحديث المستمر وغياب الرعاية المعتمدة لاصلاح العيوب ومجابهة المستجدات. وهذه معظمها يمكن تلافيها بتحديد المركز القومي للمعلومات كجهة مرجعية وحيدة يكون لها القول الفصل في استخدام البرمجيات المفتوحة لأي وحدة حكومية. والله الموفق. د/ عادل عبد العزيز الفكي