سُكتُم بُكتُم    السودان ولبنان وسوريا.. صراعات وأزمات إنسانية مُهملة بسبب الحرب فى غزة    إسرائيل والدعم السريع.. أوجه شبه وقواسم مشتركة    السودان شهد 6 آلاف معركة.. و17 ألف مدني فقدوا حياتهم    شاهد بالفيديو.. مذيعة تلفزيون السودان تبكي أمام والي الخرطوم "الرجل الذي صمد في حرب السودان ودافع عن مواطني ولايته"    مسيرات تابعة للجيش تستهدف محيط سلاح المدرعات    مصر: لا تخرجوا من المنزل إلا لضرورة    الملك سلمان يخضع لفحوصات طبية بسبب ارتفاع درجة الحرارة    واصل برنامجه الإعدادي بالمغرب.. منتخب الشباب يتدرب على فترتين وحماس كبير وسط اللاعبين    عصر اليوم بمدينة الملك فهد ..صقور الجديان وتنزانيا كلاكيت للمرة الثانية    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    عبد الواحد، سافر إلى نيروبي عشان يصرف شيك من مليشيا حميدتي    المريخ يستانف تدريباته بعد راحة سلبية وتألق لافت للجدد    هنري يكشف عن توقعاته لسباق البريميرليج    تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مقتل مواطن بالجيلي أمام أسرته علي ايدي مليشيا الدعم السريع    محمد وداعة يكتب: معركة الفاشر ..قاصمة ظهر المليشيا    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كاتب مصري: السودان.. غزل ومكايدات سياسية.. الخرطوم ستندم من تداعيات سد النهضة، حال اكتماله، قد تكون وبالا على السودان
نشر في النيلين يوم 01 - 12 - 2017

الكتابة عن السودان تشبه المشى فوق حقل مليء بالألغام، عليك أن تمشى بحذر وتتجنب الكثير من القنابل كى لا تنفجر فى وجهك، فإذا انتقدت تصورات وتصرفات النظام فأنت محسوب على المعارضة، وإذا تجرأت على نقد أداء المعارضة فأنت تقبع فى خندق النظام.
منذ فترة واجهتنى هذه المشكلة عندما التقيت سفيرا للسودان فى القاهرة، وعرفنى فقال باستغراب «إنت أبوالفضل بتاع المعارضة» بعدها بأيام قليلة التقيت قياديا كبيرا فى المعارضة، وقال كلاما معكوسا «إنت أبوالفضل بتاع الحكومة». هذه واقعة حقيقية، قصدت من ذكرها التأكيد أن الأشقاء فى السودان رغم سماحتهم المعروفة يؤمنون بالمقولة الشهيرة «من ليس معى فهو ضدي» وأنا بطبعى لا مع هؤلاء ولا ضد هؤلاء، وبحكم متابعتى للشأن السودانى أكتب عنه من حين لآخر، كلما كانت هناك ضرورة.
الغريب أن بعض المسئولين فى السودان، اتهموا وسائل الإعلام فى مصر بشن حملة منظمة ضد الخرطوم، مع أن الأخبار عن السودان تكاد تكون شحيحة، حتى أزمة المفاوضات الفنية بشأن سد النهضة التى جمدتها مصر بسبب عدم تجاوب أديس أبابا والخرطوم، كان تناولها حذرا ومسئولا وانصبت الانتقادات فى بعض الصحف الخاصة على إثيوبيا وليس السودان.
المثير أنه عندما تختفى أخبار السودان يغضب أصدقاؤنا فى جنوب الوادى ويتهموننا بتجاهل هذا البلد المهم، بينما درج الأشقاء على توجيه عبارات لاذعة لمصر، لدرجة تفوق المنطق، وتوجيه اتهامات تتجاوز الخيال، ويتعمد البعض اللجوء إلى التاريخ وتشويه أحداثه وصياغتها بطريقة توحى بوجود عقدة أو مؤامرة على السودان.
لا تزال منطقة مثلث حلايب تمثل جرحا ينكؤه المسئولون وغيرهم فى السودان، للتشويش وصرف الأنظار عن بعض الإجراءات ومحاولة الضغط على مصر فى ملفات أخري، وأخيرا طفا على السطح ملف المياه وكاد يتحول إلى منغص جديد لإبعاد النظر عما يتردد عن تواطؤ لافت من السودان مع إثيوبيا.
المقدمة السابقة ليست لتهدئة خواطر الأشقاء وتبرير الكتابة، لكنها مهمة لتفسير المعطيات التى صاحبت زيارة الرئيس عمر البشير لروسيا أخيرا، وأهمها الكلام عن صفقات أسلحة متطورة وصفقات تجارية سخية وتلويح ببناء قاعدة عسكرية لموسكو فى السودان على البحر الأحمر، والاستعانة بالرئيس فلاديمير بوتين لمضايقة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، أو بمعنى أدق هنا مكايدات وهناك مكايدات. للاقتراب من أسباب الربط، من الضرورى معرفة أن الرئيس البشير يجيد المناورة للاحتفاظ بأوراق مهمة معه، تفيده فى تحقيق أغراضه السياسية، فقبل أيام قليلة من زيارته لموسكو بذلت الخرطوم جهدا مضنيا لإقناع واشنطن برفع اسمها من على اللائحة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، وهى تضم إلى جانب السودان، إيران وسوريا وكوريا الشمالية، مستفيدة من قيام الولايات المتحدة برفع العقوبات الاقتصادية عن الخرطوم والتى استمرت نحو 25 عاما. الطريق السياسى بين واشنطن والخرطوم بدا ممهدا خلال الأسابيع الماضية، إلا من مطبات صغيرة، من الممكن إزالتها بسهولة، لكن لعدم وجود ثقة تامة قدمت الولايات المتحدة لائحة مطالب صعبة لرفع اسم السودان من القائمة السوداء، مثل عدم استيراد أسلحة من كوريا واتخاذ المزيد من الخطوات فى مجال مكافحة الإرهاب، بمعنى آخر دفعه للاقتراب كثيرا من التوجهات الأمريكية، ولم تبد الخرطوم ممانعة حول غالبيتها، اقتناعا أو أملا فى فتور موقف ترامب.
زيارة موسكو وجد فيها الرئيس البشير فرصة لتوصيل رسالة غاضبة إلى واشنطن، تشى بالاستقواء وأن هناك حليفا ينتظر على الأبواب، وما لم تواصل الولايات المتحدة خطواتها الإيجابية باتجاه الخرطوم بلا تحفظات، فقد تخسرها للأبد.
هى لعبة تقليدية تجيدها بعض الأنظمة التى تتصور أن «عدو عدوى صديقي» وهذا غير صحيح، فلا موسكو عدو لواشنطن، ولن تكون الخرطوم صديقة لموسكو على حساب واشنطن، فالمسألة معقدة جدا، وهناك مواءمات ومساومات وصفقات تجبر موسكو على التفاهم مع واشنطن والعكس، والدليل ما يجرى فى سوريا من تغير واضح فى التحالفات.
السودان يعتمد فى اقترابه الظاهر من روسيا على رغبة موسكو التاريخية من الاقتراب من المياه الدافئة التى بالفعل دخلتها من بوابة طرطوس فى سوريا، قبل أن تصبح الدول المطلة على البحر الأحمر والقريبة منه مجالا لتنافس بعض القوى الإقليمية والدولية لتشييد القواعد العسكرية، وتزداد المشكلات والأزمات حدة.
لدى موسكو طموحات كبيرة، ونجحت فى تحقيق تقدم فى الأزمة السورية التى اقتربت منها، ما يجعلها لاعبا نشيطا، يريد تكتيل الحلفاء لاستمرار صعوده، لكن من المؤكد أن موسكو التى أبدت تجاوبا مع فكرة التعاون العسكرى مع السودان لديها حسابات عميقة مع واشنطن، وأكثر أهمية مما تريده الخرطوم من وراء الحديث عن صفقات أسلحة وقاعدة عسكرية.
السودان الذى يحتفظ بعلاقات جيدة مع كل من قطر والسعودية حتى الآن، سوف يكون مضطرا للاختيار بين الوقوف فى خندق الدول التى تدعم الإرهاب (قطر) والتى تحاربه (السعودية)، وإذا كانت الخرطوم مالت ناحية الوقوف إلى جانب أديس أبابا فى ملف سد النهضة بزعم أنها تجنى مكاسب، فقد يأتى اليوم الذى تندم فيه لأن تداعيات السد، حال اكتماله، قد تكون وبالا على السودان.
التقدير يبدو قريبا فى حالة روسيا والولايات المتحدة، فإذا كانت الخرطوم تعتقد أن موسكو تقف معها فى مواجهة واشنطن فهى مخطئة، لأن هناك توازنات دولية تفرض طقوسها، ومن حيث لا يدرى الرئيس البشير أجبر الولايات المتحدة على التشبث ببقاء اسم بلاده على قائمة الدول الراعية للإرهاب، فرفعه من اللائحة ربما يزيده تضخما وشرودا، فى وقت تبدى فيه واشنطن استعدادا لإعادة تأهيل نظامه وطى صفحاته القاتمة، والبحث عن مخرج لعدم مثوله أمام المحكمة الجنائية، وتهيئة المجال أمام سودان جديد يتعايش مع المعادلة التى ترفع من أولوية محاربة الجماعات الإسلامية المتشددة، وملف الحريات وحقوق الانسان.
مغازلة دولة لمكايدة دولة أخرى انتهت تقريبا من قاموس العلاقات الدولية، لأن كل طرف قوى لديه ما يمكنه من الضغط على الطرف الآخر، فما بالنا إذا كان الطرفان هما الولايات المتحدة والسودان ؟
محمد أبوالفضل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.