من بعيد جداً، دخل وزير الخارجية السابق، علي كرتي، بورصة المرشحين للخارجية، بعد ابتعاثه برسالة خطية من الرئيس عمر البشير إلى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وتعد تلك المرة الأولى التي يظهر فيها كرتي في مهمة رسمية بعد أن توارى عن الأنظار عقب اعفائه من منصبه العام 2015م. بيد أن حلول كرتي في الدوحة، لا يراه كثيرون أمراً ذو صلة باختيار خليفة لبروفيسور إبراهيم غندور، وإن كان من مغزى فهو يعود بالكامل إلى استعادة الحرس القديم في حزب المؤتمر الوطني بعد ظهور عدد من الثغرات التي ظهرت في غيابهم. إذاً وحول تكليف كرتي بمهمة رسمية خارجية مذْ اعفائه جاءت رؤية المحللين والمراقبين السياسيين مرحجة كفة عودته لمنصبه أسوة بمدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني، الفريق أول صلاح عبد الله (قوش) لا سيما وان تكليفه بهذه المهمة يجئ في ظل حالة من الترقب لإعلان الوزارة الجديدة. نقاط قوة شهد ملف الخارجية في نهاية عهد كرتي، اختراق في العلاقات السودانية – الامريكية، بجانب نجاحه في تحسين صورة السودان خارجياً خاصة فيما يتعلق بالخليج، علاوة على موقفه المساند للمرأة وتوليتها عدد من البعثات الدبلوماسية. يقول الاستاذ بالمركز الدبلوماسي بوزارة الخارجية د.عبد الرحمن أبوخريس إنه من الطبيعي ان تتم الاستعانة بوزراء الخاجية عقب تقاعدهم لتولي ملفات ذات صلة بالقضايا الخارجية تنتهي بانتهاء التكليف. واضاف ابوخريس في حديثه ل (الصيحة) ان رؤوساء الدول يستعينون بوزراء الخارجية السابقين في اطار الدبلوماسية الشعبية في بعض القضايا مشيراً إلى ذلك عرف دولي معمول به لكونهم ملمين بالملفات الخارجية، زدْ على ذلك الاستفادة من علاقاتهم مع بعض الدول بارسالهم كمبعوثين خاصين. مبيناً أن السودان يبحث حالياً عن معالجات للأزمة التي يمر بها في محيطه الأقليمي، ولذا تجئ الاستعانة بكرتي في هذا الظرف بصفته وزير خارجية سابق وسياسي له علاقة جيد مع القطريين فضلاً عن كونه رجل أعمال وقائلاً (في تقديري كرتي له مقدرة في دفع وإحياء العلاقة بين السودان من واقع انه وزير خارجية سابق وعمال له علاقاته التي تساعد في كلا الوضعين. العودة يرى ابوخريس إن عودة كرتي لتولي حقيبة الخارجية للمرة الثانية، أمراً صعباً خاصة وأنه واجه إبان وجوده في وزارة الخارجية اشكالات شبيهة بما وجده بروفيسير ابراهيم غندور. كذلك –والكلام لأبوخريس- فكرتي لديه تصريحات قوية كاحتجاجه على رسو بوارج ايرانية في المواني السودانية دون اخطار الخارجية، وهو تصريح لا يقل قوة عن تصريحات غندور، وفي كلتا الحالتين فإن المنصب كان يقتضي إعمال الدبلوماسية التي تحتاج إلى كتمان، مخافة المساس بسيادة الدولة حيث كشف كرتي انعدام التنسيق بين مؤسسات الدولة في الامور الخارجية بينما لام غندور بنك السودان لعدم ايفاءه بمستحقات البعثات الدبلوماسية. وختم ابوخريس إن تصريحات كرتي السابقة تبعده عن تولية منصب وزير الخارجية الذي يحتاج لشخص يتسم بالهدوء وله مقدرة فائقة في التعامل مع القضايا بدبلوماسية وحنكة. وجه جديد يقول السفير والخبير الدبلوماسي الرشيد ابو شامة ل (الصيحة) إن تكليف كرتي بمهمة المبعوث الخاص لرئيس الجمهورية بحمل رسالة لامير قطر تأتي باعتباره وزير خارجية سابق وله المام بعلاقات السودان الدبلوماسية مع دول الخليج خاصة قطر الوسيطة في حل قضية إقليم دارفور ما يجعله اكثر شخص مناسب لحمل رسالة الرئيس البشير لامير قطر في ظل غياب غندور لا سيما وأن هناك بعض الاسرار ربما لا يوجد شخص ملم بها بخلاف الوزراء الذين تولوا ملف وزارة الخارجية وكرتي واحد منهم. واستبعد ابوشامة في حديثه مع (الصيحة) أن تتم إعادة تعيين كرتي أو مصطفي عثمان اسماعيل مبينا ان التعديل الوزاري المنتظر إجراؤه يجب ان يحمل نوع من التجديد في حقيبة الخارجية. مشدداً على ضرورة وصول شخص جديد لمنصب وزير الخارجية ليصل مع الحافز والمبادرة والإندفاع الذي يجعله يعمل بنشاط وطاقة أكبر من الشخص الذي سبق له وأن تولى هذا المنصب واستنفد كل ما لديه من افكار ومقدرات لابتكار الجديد خاصة وهنالك شخصيات مطروحة لتولي المنصب مثل الفريق جمال عدوي والسفير د. الدرديري ووزير الموارد المائية معتز موسى .