شهدت إحدى أحياء أم درمان العريقة حادثة وصفت بالغريبة، إذ أقدم أربعيني على ضرب زوجته ب(البونيه) بسبب مناداتها له أثناء نقاش حاد دار بينهما بكلمة (يا بيبي)، وبالرغم من تدخل شقيقته وإيضاح تفسير تلك الكلمة له على أنها تقال ل(تدليل) الزوج، إلا أنه رفض الإنصات لها وأصر على أن زوجته قامت بنطق تلك الكلمة للتقليل من شأنه والاستهتار به وهو لا يدري أن الكلمة باتت متداولة بين كل الفئات العمرية المختلفة وأن لا غرابة في الأمر. (1) الرومانسية في وقت ما كانت محرمة بأمر الحياء الذي كان مسيطراً على البيوت السودانية للدرجة التي تمنع الزوجة من مناداة زوجها باسمه، فكانت تنادي ب(يا حاج أو أبو فلان) احتراماً وتقديراً وتماشياً مع الأعراف والتقاليد، لكن مع تغيُّر الأوضاع أُزيح الستار وكثرت ألقاب الزوج أو الحبيب دون حياء يحول بينها وبين مناداته وتغيرت العبارات حسب الأجيال. (2) التعبير عن الإحساس ليس بالشيء المخجل لكن في بعض المجتمعات يعتبر جراءة غير محببة لدى كثير من الأسر التي كانت تفرض سياجاً من الرقابة التي تُحتِّم عليك كبت أي إحساس، إلا أن التغييرات التي طرأت على المجتمعات مؤخراً أزالت شيئاً من تلك الحساسية المفرطة وبتنا نسمع على الملأ، ونرى كيف تتغزل المحبوبة علناً في نصفها الآخر، التغيير بدأ من مناداة النصف الآخر حبيباً كان أم زوجاً ودخلت علينا مصطلحات من بينها (يا بيبي) (قلبوشي) وغيرها من الكلمات التي ربما كان القصد منها الدلال! (3) سلمى ناصر تدرس بكلية خاصة قالت إن المفاهيم تغيرت وزال الفهم العقيم الذي كان يمارس على المرأة سابقاً وأصبح من حقها أن تعيش حياتها دون قيد أو شرط مستنكرة ما كان يحدث سابقاً وسلب حرية المرأة حتى من أبسط حقوقها، ووافقت سلمى الرأي زميلتها أمل الهادي التي قالت: (ما الحكمة أن لا أنادي زوجي باسمه هل هذا دليل الأدب أم ماذا)؟… وواصلت: (كل عصر وله مفاهيمه الخاصة، تزوجت منذ عامين وأحرص على تدليل زوجي ومناداته باسم الدلع أكثر من اسمه الحقيقي). (4) من جانبها أبدت الحاجة عائشة صاحبة ال70 عاماً التي تقطن بمنطقة الفتيحاب أم درمان غضبها من ما يحدث حالياً من قبل الشباب، لافتة إلى أن احترام الرجل يبدأ من طريقة مناداته متسائلة كيف لرجل أن ينادي عليه ب(بيبي) وكيف يقبل على نفسه هذه المناداة؟… مواصلة: (تزوجت حينما بلغت الحادية عشر من العمر وإلى أن رحل زوجي عن الدنيا قبل عامين لم أجرؤ على مناداته سوى ب(أبو محمد) وعملت على تحذير بناتي من الانسياق خلف الموضة)، أما جمال الطاهر فقد أبدى حنقه على أبناء جيله الذين يظنون أن الرومانسية تكمن في المناداة قائلاً: (وجود الأزمات الاقتصادية والاجتماعية خلقت فراغاً جعل البعض يختلق أشياء لا معنى لها كملء للفراغ الذي نعيشه، مؤكداً أنه لم يجاري الموضة ولم يسمح لأحد بمناداته بالكلمات التي ظهرت على السطح مؤخراً)، مشيراً إلى مدى إعجابه بعهد والده ووالدته اللذان وصفهما بالزوجين المثاليين وأن والدته ظلت تنادي على والده ب(حاج) حتى رحيلها من الدنيا. تقرير: تفاؤل العامري