"الأورطة الشرقية" بديلة للقوة المشتركة.. خبراء: البرهان يدفع بورقة الميليشيات لإطالة الحرب    الخطوط العريضة لمؤامرة الكيزان على ولاية الجزيرة    الهلال السوداني ضمن قائمة الأندية العشرة الأفضل في افريقيا    موسيالا: أفكر بتمديد عقدي مع البايرن    مسرطنة وتهدد الخصوبة.. تحذير من مستحضرات التجميل    هل حرب السودان، علامة لآخر الزمان؟! (1)    حركات الكفاح المسلّح تعلن إيقاف هجوم خطير    تظاهرة سودانية في لندن ضد حمدوك    السودان..عملية نوعية لقوة من اللواء43 تسفر عن ضبط أخطر 5 متهمين    الصديق النعيم موسى يكتب: إلى عبد الماجد عبد الحميد!!    متى أدخر ومتى أستثمر؟.. 7 نصائح في عالم المال والأعمال    كأس الرابطة.. تأهل أرسنال وليفربول ووداع مفاجئ لمان سيتي    شاهد بالفيديو.. ملكة جمال السودان ترد على "مراهقة" سودانية وقعت في حب رجل يكبرها ب 13 عام    ياسر العطا وسط المشتركة وكتائب الإسناد: هذه الحرب تقودها الأمة السودانية بكل أطيافها ضد ( شيطان ) السودان المسمى بالجنجويد    "قد يقدم إجابات غير صحيحة".. كيف يتفاعل الطلاب مع "الذكاء الاصطناعي"؟    شاهد بالفيديو: ترامب يفاجئ أنصاره بمؤتمر صحفي من شاحنة قمامة في ولاية ويسكونسن    ياسر الكاسر    حركة مناوي: قواتنا المشتركة لم ولن تنسحب من الدبة    رحيل الموسيقار السوداني عبد الله عربي    أنبذوا التعصب ياهولاء؟؟)    مجلس المريخ يهنئ الأهلي المصري    وفاة الممثل مصطفى فهمي عن عمر ناهز ال82    عناوين الصحف السودانية الصادرة اليوم"الأربعاء" 30 أكتوبر 2024    أول إجراء قانوني ضد ماسك بسبب جائزة المليون دولار    الهلال السوداني يتربع على صدارة الدوري الموريتاني    تورط جبريل إبراهيم في عملية إرهابية بتشاد    5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد    وضعيات النوم.. تعرف على المزايا والعيوب وحدد ما يناسبك    صحفي سوداني في قبضة السلطات    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تجري جولة بأقدامها من "الحلفايا" وفي طريقها إلى "الأزيرقاب" وتطمئن المواطنين    شاهد بالفيديو.. نساء موريتانيا يتظاهرن بأحد شوارع نواكشوط ويهتفن باسم السودان ومتابعون: (شكرا من القلب لأجمل وأروع وأنبل نساء بالوطن العربي)    وفاة حسن يوسف.. تعرف إلى أبرز محطات مشوار الفنان المصري الراحل    السودان يقرّ ضوابط جديدة لتنظيم التجارة الخارجية    شاهد بالصور.. توقيف شبكة إجرامية تنشط فى إستلام المال المسروق بواسطة مباحث كررى    عمرو دياب يثير الجدل على مواقع التواصل بعد حذفه جميع صوره    صندوق النقد الدولي يتوقع انكماش غير مسبوق للاقتصاد السوداني    الحرب في الميزان "الخضري"    قوات الدعم السريع – العلاج الكيماوي لسرطان الإخوان    شاهد بالصورة والفيديو.. التيكتوكر السوداني المثير للجدل "ميشو": (أتمتع بأنوثة أكثر من حنان حسن وسأقود متحرك للدعامة مع صلاح سندالة فاقد الرجالة وحمدوك أب كريشة الغليت العيشة)    الثروة الحيوانية ودورها في التنمية الإقتصادية في ولاية جنوب دارفور    السودان..الفرقة الثالثة تلقي القبض على متهم خطير    وزير المالية البنك الدولي إعادة إعمار ما دمرته الحرب بالسودان    منظمة دولية تدشن ورشة لتحسين اقتصاديات المجتمعات المحلية بالبحر الأحمر    إعجاز الحوار القرآني    الجيش الإيراني يقول إن ضربات إسرائيلية استهدفت قواعد عسكرية في محافظات إيلام وخوزستان وطهران    كهرباء السودان تعلن عن برمجة مفاجئة    المخرج السوداني كردفاني يكشف أسرار نجاح وداعًا جوليا    اغتيال محمد صباحي    عبقرية العسكري متوسط الذكاء    الدفاع المدني والشركة السودانية للكهرباء بالقضارف يحتويان حريق في المحطة التحويلية    رجل أعمال يتعرض لسرقة اكثر من (70) مليون جنيه من حسابه عبر تطبيق بنك شهير    السلطات المصرية تنفذ حملة أمنية جديدة على المدارس السودانية    ماذا نعرف عن تفشي بكتيريا قاتلة في وجبات من "ماكدونالدز"؟    محكمة جنايات عطبرة تصدر حكماً بالإعدام شنقاً حتى الموت في مواجهة متهم بتقويض النظام الدستوري وإثارة الحرب ضد الدولة ومعاونة القوات المتمردة    بالصورة مسيّرة "حزب الله" أصابت بدقة نافذة غرفة نوم نتنياهو    حيوية العقيدة    حسين خوجلي: ود مدني بين السواك والارتباك    الحياة الصحية.. حماية للقلب والشرايين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رمزيات الثورة السودانية.. أغان وقطارات وسيدات مناضلات
نشر في النيلين يوم 29 - 04 - 2019

إحدى الفتيات المشاركات في اعتصام المحتجين أمام مقر القيادة العامة بالخرطوم (الأناضول)
أمين حبلا
حجزت رموز متعددة نفسها في ذاكرة الثورة السودانية التي أطاحت بالرئيس عمر حسن البشير. وتوزعت هذه الرموز بين أيقونات سياسية وشعارات ورموز وطنية، إضافة إلى وسائل مادية تركت هي أيضا بصمتها في الذاكرة.
مدينة الحديد والنار
لم تنطلق الثورة السودانية من الريف مثل نظيرتها التونسية، ولكنها أيضا لم تتكون في العاصمة مثل نظيرتها المصرية، بل اندلعت شرارتها الأولى من المدرسة الصناعية في مدينة عطبرة احتجاجا على زيادة كبيرة في أسعار الخبز.
ولعل الثورة السودانية تشبه في ذلك نظيرتها الليبية التي انطلقت بعيدا عن العاصمة وتحديدا من مدينة بنغازي شرقي البلاد.
وبينما بقيت الثورة الليبية -على الأقل في مظاهرها وتجلياتها- خارج العاصمة بعيدة عنها بحكم قوة البطش والقمع، وكان دخولها إلى طرابلس بمثابة المشهد الأخير المؤذن بسقوط النظام وانهياره بشكل شبه كامل، سرعان ما انتقل الحراك السوداني إلى العاصمة واستقر بها واشتد عوده فيها تأطيرا وتحشيدا.
وتعد عطبرة التي انطلق منها الحراك مدينة ثورية بامتياز، حيث شكلت نقابة السكة الحديدية هويتها طيلة الحقب السياسية الماضية، وأصبحت تعرف بمدينة الحديد والنار نظرا لاحتضانها رئاسة سكك الحديد في السودان، ونسبة لحجم الورش الملحقة بالرئاسة فيها.
الثورة السودانية انطلقت من مدينة عطبرة قبل أن يتصاعد زخمها في العاصمة الخرطوم (الأناضول)
رمزية التاريخ
رغم أن إرهاصات عديدة هيأت ومهدت لانطلاق الثورة السودانية، فإن تاريخ انطلاقتها الفعلية كان يوم 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وهو تاريخ ذو مكانة هامة في الذاكرة السودانية، فهو يوم الاستقلال الحقيقي للسوان عن الإنجليز، مما أضاف بعدا وطنيا رمزيا على الحراك السوداني.
6 أبريل
يحظى تاريخ السادس من أبريل/نيسان الجاري هو أيضا بجانب كبير من الاهتمام والرمزية في السودان، ففي هذا اليوم قبل عدة عقود انحاز جيش البلاد بقيادة المشير عبد الرحمن سوار الذهب ضد الرئيس محمد جعفر نميري عام 1985. وعاد التاريخ ليكرر نفسه مرة أخرى، حيث انحاز الجيش إلى الشعب الثائر ضد الرئيس عمر حسن البشير، رغم الفارق بين الزمانين وقيادة الجيش في الفترتين.
وفي الحراك السوداني الحالي كان السادس من أبريل/نيسان الجاري أحد أهم المنعفطات البارزة فيه، بعدما احتضن إحدى أهم المسيرات والاحتجاجات التي عرفتها البلاد طيلة الأسابيع السابقة على الإطاحة بالنظام.
وجاءت مظاهرات هذا اليوم بعد قرابة أربعة أشهر من انقداح شرارة الحراك، وبعدما بدأ الضعف يدب في أوصاله ويحوله إلى احتجاجات بسيطة اعتاد السودانيون -حكاما وشعبا- على إيقاعها البطيء ونتائجها المحدودة.
مشاركة الفتيات في المظاهرات والاعتصامات كانت لافتة وبارزة (رويترز)
كنداكات الثورة
كنداكة -السلطانة النوبية الأثيرة في الذاكرة السودانية- عادت إلى الواجهة مع تصدر النساء السودانيات واجهة الحراك السياسي في السودان وقد أشعلت خطابات الفتيات السودانيات الحماس في آلاف المواطنين الذين رفعوا شعارات إسقاط البشير ونظامه السياسي.
الفتيات السودانيات جمعن بين التقاليد السودانية في الزي والثوب مع الحراك والإقامة الدائمة في مخيمات وساحات الثورة إلى حين سقوط نظام البشير.
ولم تكن مشاركتهن في المظاهرات والاعتصامات أكثر من مشاركة الرجال، ولكنها كانت أكثر زخما، وكان صوتهن أعلى مقارنة بالاحتجاجات السابقة.
ومن أبرز الكنداكات الشابة آلاء صالح التي تحولت إلى أيقونة الاحتجاجات بعدما اعتلت سطح إحدى السيارات ووقفت بين الجموع بثوبها الأبيض وصوتها الجهوري تردد دون خوف أبياتا ثورية، ليرد المحتجون بعد كل بيت بكلمة ثورة، وسط هتاف وتصفيق وحماس غير منقطع.
قطار عطبرة
كانت صور قطار عطبرة الأسبوع الماضي وهو يصل ساحة الاعتصام مثقلا بآلاف المحتجين ومستقبلا من طرف عشرات آلاف المعتصمين، إحدى أهم صور الحراك التي ستبقى عالقة في أذهان الجماهير السودانية.
قطع القطار مسافة 310 كلم من عطبرة شمالا إلى الخرطوم جنوبا في نحو ثماني ساعات وعلى متنه المئات من عمال سكة الحديد وأهالي مدينة عطبرة، وكان مضطرا للسير ببطء بسبب المستقبلين في المحطات التي مر بها.
وعندما وصل القطار إلى محطة الخرطوم بحري غيّر السائق السرعة وخففها فيما يعرف في أدبيات القطارات بسرعة القدم، حتى يتمكن الثوار من محطة بحري والمناطق المحيطة بها من الوصول إلى ساحة الاعتصام.
تحول القطار إلى إحدى أيقونات الثورة وأعاد إلى الاعتصام ألقه ورمزيته، كما أعاد إلى الأذهان قولا منسوبا للنميري عندما رفض إنشاء شارع يربط عطبرة بالخرطوم، متخوفا من وصول أهالي عطبرة إلى العاصمة على دراجاتهم الهوائية للتظاهر ضده، حيث عرف أهاليها بولعهم بالدراجات.
وبعد نحو خمسة عقود من حديث النميري، وصل أهالي عطبرة للتظاهر في الخرطوم ولكن على متن قطارهم.
قطار عطبرة تحول إلى إحدى أيقونات الثورة وأعاد إلى الاعتصام ألقه ورمزيته (رويترز)
الأغاني والأهازيج
لم تغب الأغاني والأهازيج والطرب عن الحراك الثوري في السودان، إذ دخل الفن السياسي بقوة عبر مقاطع ووصلات غنائية أضافت بعدا فنيا رائعا للثورة التي تهتف ضد نظام الإنقاذ الذي حكم السودان على مدى ثلاثين سنة.
وقد عزف الفنانون على جراح الشعب المنتفض، وعلى آلامه المتراكمة منذ ثلاثة عقود من الزمن.
ومن الفنانين الذين ألهبت أغانيهم حماس الشباب طيلة أسابيع الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش، أيمن ماو المقيم في الولايات المتحدة، وكانت أغانيه تلهبهم سماعا إلى أن حل بينهم في ساحة الاعتصام بالخرطوم.
وماو الذي يغني على نسق أغاني الريقي والراب الغربية، ظاهرة ثورية في طريقة غنائه التي قد لا تتوافق مع الشرائح التقليدية في السودان، غير أنها تحظى بإعجاب الشباب الذي شكّل وقود الحراك منذ أيامه الأولى.
ومع نغمات الثورة وصرخات الثائرين كانت أسوار نظام البشير تهتز من غير طرب، إلى أن تهاوت في تاريخها الرامز للاستقلال وتحت صيحات الكنداكات وأزيز قطارات عطبرة الثائرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.