الكاتبة: المظاهرات الشعبية المتواصلة منذ عدة أشهر في السودان جددت الآمال في التحول (الجزيرة) علقت الباحثة ماريانا أوتاوي على ما أسمته "الورطة الثورية في الجزائر والسودان"، وقالت إن محاولات إحداث المزيد من التغييرات الجذرية بمعاقبة وإقصاء النخبة القديمة غير ممكنة بالوسائل الديمقراطية، لأن مثل هذه الجهود تستدعي رد فعل قويا وثورة مضادة تؤدي إلى عنف وقمع. وقالت أوتاوي -وهي باحثة في شؤون الشرق الأوسط بمركز وودرو ويلسون في واشنطن- إن المظاهرات الشعبية المتواصلة منذ عدة أشهر في الجزائر والسودان، جددت الآمال في التحول الديمقراطي في أعقاب ثورات 2011. وأضافت في مقالها بموقع ميدل إيست آي أن التغيير سيحدث لا محالة في جميع البلدان الأخرى التي شهدت احتجاجات ممتدة، ولكن يظل الأمر المثير لتساؤل متزايد: أي من البلدين سيشهد انتقالا ديمقراطيا؟ موضحة أن ذلك إذا ما حدث فسيكون العديد من المتظاهرين غير راضين عنه تماما. وبحسب أوتاوي فإن التحولات الديمقراطية لا تؤدي إلى تغيير جذري سريع، ولكن الإصلاحات التي عادة ما تكون بطيئة تصاغ من خلال التسوية، والتغيير الجذري يحدث فقط عندما يتمكن فصيل من فرض إرادته على البقية، وغالبا ما يكون ذلك من خلال العنف، كما أن الثورات العميقة ليست سلمية أبدا، وهي عادة لا تؤدي إلى الديمقراطية ولكن إلى أشكال جديدة من الاستبداد. وأوضحت الباحثة أن من الصعب استقراء ما يريده المحتجون في الجزائر والسودان أو أي من الانتفاضات العربية السابقة، لأن المتظاهرين ليسوا كتلة متجانسة، وقوة الانتفاضات العربية تكمن في أنها كانت ولا تزال حركات شعبية حقيقية؛ ولكن هذا هو أيضا نقطة ضعفها لأنه في مرحلة ما يجب أن تتحول الاحتجاجات في الشوارع إلى خطة عمل تتطلب قيادة وتنظيما. المتظاهرون في الجزائر متمسكون بمطالبهم (الجزيرة) وواضح من الشعارات المرفوعة أن المحتجين -على أقل تقدير- يريدون إزالة القيادة القديمة المتمثلة في النظام -وليس مجرد شرذمة قليلة في القمة- وتشكيل حكومة مدنية، ويريدون أيضا جبر المظالم الاجتماعية والاقتصادية، وفق الكاتبة. ونبهت أوتاوي إلى أن الإصلاحات الجذرية والثورية لا بد أن تؤدي إلى مقاومة قوية من أولئك الذين تهددهم التغييرات، وأن والنخب القوية -ولا سيما في الأجهزة الأمنية والعسكرية- لا تستسلم دون قتال. وأضافت أن التحولات التي تتبع مسارا ديمقراطيا من خلال الحوار بين جميع الأطراف، والانتخابات في نهاية المطاف ممكنة، لكن لها تكاليفها الخاصة، حيث إنها لا تؤدي إلا إلى تغيير محدود كما حدث في تونس. وذكرت الباحثة أن قانون المصالحة الذي أعاد تأهيل الأعضاء الفاسدين في النظام القديم في تونس، كان يمكن أن يكون أقل تساهلا. لكن التطهير العميق لأولئك المرتبطين بالنظام القديم كان سيتطلب إجراءات قوية لا تتوافق مع العملية الديمقراطية، مما قد يؤدي إلى زرع بذور استبداد جديد. وختمت الكاتبة مقالها بالقول إن الدرس الصعب من نتائج انتفاضات 2011 لدول مثل الجزائر والسودان، هو أن التغيير يمكن أن يحدث من خلال وسائل سلمية وديمقراطية لكنه يتطلب الكثير من التوافق، وبالتالي سيكون غير مكتمل وقاصرا عما كان يأمله كثيرون. والسؤال للذين يسعون إلى التغيير هو ما إذا كانوا يريدون التغيير الديمقراطي أم التغيير الجذري؟ لأن الاثنين غير متوافقين.