* هل طاف من أعدوا مشروع الموارنة المعدلة في الأسواق، ودخلوا المتاجر ليعلموا ما يكابده شعبهم للحصول على قوته وخبز أسره وحليب أبنائه؟. * هل يعلمون شيئاً عن المعاناة التي تطحن عظام الناس، والغلاء الذي أحال حياة المسحوقين إلى جحيم؟ * نشك في ذلك، بل نكاد نجزم أن الساعين إلى تغطية عجز موازنتهم على حساب المفلسين في الأرض لا يعلمون شيئاً عن الغلاء المتفشي في الأسواق، لذلك سنتطوع بإخبارهم بأسعار بعض السلع الأساسية، علَّهم يدركون هول ما يرغبون بفعله. * كيلو اللحمة الضأن بسبعمائة وخمسين جنيهاً، ثمن رطل اللبن الحليب خمسون جنيهاً.. كيلو لبن البذرة بثمانمائة جنيه.. كيلو العدس بمائتي جنيه، كيلو الأرز بمائة وخمسين.. كيلو الجِبنة 580 جنيهاً، عبوة الزيت (4.5 لتر) بتسعمائة وخمسين جنيهاً، طبق البيض (350)، جردل الطحنية عبوة 2 كيلو 650، علبة الصلصة (400 جرام) بمائة وعشرين، كيلو الدقيق بخمسة وثمانين. * عن الخضروات حدِّث ولا حرج. * كيلو الطماطم بمائتين، كيلو البطاطس بمائة، كيلو الليمون بمائتين وخمسين، رَبطة الرِجَلة بثلاثين، كيلو الباذنجان بمائة، كيلو البامية بمائتين، كيلو القَرَع بمائة وعشرين، ولن نكتب أسعار الفواكه، لأن الوصول إليها بات حلماً بعيد المنال لغالب أهل السودان. * نشير فقط إلى أن كيلو الموز (فاكهة المسحوقين) بلغ مائة جنيه. * وفِي المواصلات تضاعفت أسعار تذاكر وسائل النقل العام أربع مرات، بل إنها تزداد كل صباح، ذلك إن وُجدت بالطبع. * إذا تم تطبيق ميزانية رفع الدعم بروشتة البنك الدولي المثقوبة فسيتعين على كل أهل السودان أن يضربوا الأسعار المذكورة أعلاه في اثنين أو ثلاثة.. وأن يضربوا رؤوسهم قبل ذلك في أقرب حيطة. * تغير النظام ولم يتغير بعده أي شيء في مظاهر الفخامة والفخفخة التي تحيط بحكامنا، فالسيارات المستخدمة ما زالت من فصيلة (الأوباما والإنفنيتي واللكزس)، ذات القيمة المليارية، وهم يرغبون في المزيد. * وعن مكتب رئيس الوزراء لا تسألن عن عدد الموظفين والمستشارين، ويكفي أن تعلموا أن كبير موظفي المكتب المزدحم طلب من المالية سداد فاتورة صيانة لمنزل رئيس الوزراء بالأمر المباشر، وكانت قيمتها ثلاثة ملايين جنيه بالجديد، مع أن المنزل المذكور بالغ الفخامة، ومع أنه خضع إلى الصيانة قبل فترةٍ وجيزة. * كالعادة استجابت المالية وسددت الفاتورة بلا نقاش، بوجود إدارة للعقارات الحكومية في مجلس الوزراء، وبالطبع لم يكن هناك عطاء ولا يحزنون. * المبلغ ليس كبيراً، ومن حق رئيس الوزراء أن يقيم في منزل يليق به وبمنصبه، لكن العبرة في الممارسة الخاطئة، وفي الإجراء غير القانوني، وفِي الإصرار الغريب على تجاوز قانون الشراء والتعاقد في إنفاق المال العام. * لم تغير الثورة شيئاً في النهج الذي يُحكَم به السودان، وأسوأ من ذلك أن من قادتهم هبَّة الشباب إلى قمة هرم السلطة بدوا مفتونين بتجربة من سبقوهم، بدليل أنهم يرغبون في اقتفاء أثر (صدمة معتز موسى)، ويريدون تقليد سياسة الفريق الركابي، وزير مالية الإنقاذ الذي رمى سفينتها في (الخور)، عندما أقدم على مضاعفة قيمة الدولار الجمركي بنسبة مائتين في المائة، وتسبب قراره الأرعن في غلاءٍ فاحشٍ، وانهيارٍ اقتصاديٍ شامل، عجَّل باندلاع الثورة التي قذفت بالإنقاذ إلى مزبلة التاريخ. * مشروع الموازنة المعدلة يمثل إعلان حرب على المواطن المسكين، وعلى حكومة حمدوك أن لا تستخف بمعاناة الناس، وأن تنظر حولها وخلفها لتتعظ بمن سبقوها، قبل أن تلحقهم في (الكُونِيكا).. فرع كوبر!!. بقلم مزمل أبو القاسم أغسطس 12, 20200