عندما تأكد الإسلاميون من عزم نميري التنكيل بهم والتخلص منهم بتوصية وتوجيهات أمريكية حملها إليه جورج بوش الأب في مارس1985، يومها رتب الإسلاميون صفوفهم وقرروا التخلص من جعفر نميري الذي نكص عن تحالفه معهم .. تجرأت القوي السياسية علي نميري عندما أيقنت أن الرجل صار مكشوف الظهر بعد ازاحته الإسلاميين .. عقب سقوط نميري رتب الإسلاميون صفوفهم وأداروا الفترة الانتقالية بذكاء ودهاء لم يسبقهم إليه أحد ..بتوازن بين المجلس العسكري الانتقالي ورئاسة مجلس الوزراء أو قل بين ثنائية المشير سوار الذهب والدكتور الجزولي دفع الله .. الفترة الانتقالية كانت قصيرة ومحددة المهام والواجبات والآجال ..طالبت قوي اليسار والعلمانيين من سوار الذهب إلغاء قوانين الشريعة الإسلامية..قال لهم : لن ألغي الشريعة ولتأتي حكومة منتخبة وتفعل لكم ماتطلبون !! في إنتخابات 1986 حلّت الجبهة القومية الإسلامية في المرتبة الثالثة وبرزت كقوة سياسية حية أحدثت زلزالاً في أرض الواقع السياسي السوداني حيث كانت الحزب الأكثر تنظيماً وتأثيراً ..وكانت المرشح للجلوس علي عرش الديمقراطية السودانية خلال سنوات . لم يحتمل الطائفيون والعلمانيون ومن لفّ لفهم صعود وبزوع نجم الإسلاميين فحرضوا علي إقصائهم عبر مذكرة الجيش الشهيرة .. عندما أيقن الإسلاميون من اكتمال المؤامرة عليهم مجدداً ذهبوا إلي خيار الإنقاذ 1989وجلسوا علي سدة الحكم 30 عاماً . صدق أولاتصدق ..الانقلاب علي البشير كان بمؤامرة داخلية وتمت الاستعانة بالثورة لصناعة المشهد الذي نعيشه الآن .. صدق أولا تصدق حكومة حمدوك أطاحت بها قوة المعارضة التي وقف خلف كواليس مشهدها المعارض الإسلاميون الذين باتوا علي قناعة راسخة لايتخلل إليها الشك أن حمدوك وجماعته مرتبطون بدوائر وأجهزة مخابرات عالمية تريد بالإسلام والسودان الوطن شراً .. الأحزاب التي كانت تساند حمدوك ليست لديها قناعة بالذهاب إلي الخيار الديمقراطي ولذلك كانت تدعو لفترة إنتقالية مدتها عشر سنوات بينما كانت الفترة الإنتقالية التي ساندها الإسلاميون في عهد سوار الذهب عاماً واحداً فقط !! ماتعلمه قوي اليسار أن التيار الإسلامي ستكون له الغلبة في أول إنتخابات قادمة .. التاريخ لايمكن تجاوزه ..ولكن يمكن التذكير به .. ها نحن نذكر بقايا الثورة المصنوعة بتاريخ 6أبريل التي لايعرفون تاريخها القديم ولا كواليس أسرار تاريخها الحديث !! عبد الماجد عبد الحميد عبدالماجد عبدالحميد