لا يضاهي الصينيين شعب آخر في ابتداع فنون الرياضات الجسدية والروحية. ومن يقوم بزيارة إلى أي مدينة صينية، فسوف يرى الحدائق الخضراء الشاسعة وهي تمتلئ بممارسي الرياضات الصباحية من النساء والرجال قبيل فترة الذهاب إلى العمل. وفي هذه الحركات التي يقومون بها، تتكامل الإيحاءات الروحية والنفسية التي تهدف إلى ترييض وترويض الدماغ، بالحركات الجسدية التي تنظم تدفق الدم في الشرايين وتزيل التوتر العضلي وتحرق بعض الزوائد من الشحوم والدهون العالقة في الجسم. وقد تقع الأعين أيضاً على رجال تجاوزوا عقدهم السابع وهم يمارسون رياضة «حركة الدب» أو «دبيب الطفل» بحيث يكون الجسم أفقياً، قائماً على اليدين والساقين. ويبدأ ممارس هذه الرياضة بالدبيب بحيث تتواقت حركة الذراع اليمنى مع الساق اليسرى، ثم الذراع اليسرى مع الساق اليمنى في حركة مطابقة تماماً لحركة الدواب. ويقول أحد ممارسي هذه الرياضة ويدعى هان شوسيو ويبلغ من العمر 72 عاماً والذي يواظب على رياضة الدبيب في حديقة بايهاي الشهيرة في بكين: «من حركة الدبيب تأتي الصحّة». وينطلق شوسيو في حكمه هذا من اعتقاد شخصي يتبنّاه بقوّة ويفيد بأن البشر ما ورثوا الأمراض والعاهات الجسدية إلا بعد أن تعوّدوا على مشية الجسم المنتصب قبل آلاف السنين. وخلال الأربع عشرة سنة الماضية، نجح شوسيو في تطوير مجموعة من التمارين المستقاة من حركات قرود الشمبانزي والأفيال والكانجرو وغيرها من الحيوان التي تسير على القوائم الأربع. وهو يرى أن لكل مشية من مشيات تلك الحيوانات يكون لها أثرها الصحّي على أعضاء الجسم المهمة كالعضلات، وخاصة منها عضلة القلب، والجهاز العصبي والهيكل العظمي. وعند شوسيو دليل وبرهان على صحّة نظريته هذه؛ فهو يروي كيف أنه أحيل إلى التقاعد بعد أن ورث من سنوات عمله المديدة مشاكل في الحبل الشوكي والقلب بالإضافة لضغط الدم وآلام العضلات. ولم يتسرّب اليأس إلى نفسه، بل قرر البحث عما يمكن أن يمثّل «علاجاً جماعياً» لكل هذه الأمراض. وبدأ بممارسة رياضة الكونج فو إلا أنه لم يشعر بالتحسّن الذي ينشده؛ وما لبث أن قرر بعد ذلك محاكاة حركات الحيوانات فقصد حديقة الحيوانات الرئيسية في بكين للوقوف بكل تفصيل على أساليبها في المشي والركض. وبعد دراسات تجريبية مفصلة توصل إلى نتيجة تفيد بأن هناك 5 حركات مشي لحيوانات مختلفة يمكن لممارستها أن تقضي على مشاكل الدورة الدموية والحبل الشوكي، وأن توقف آلام العمود الفقري. وقال شوسيو بكل ثقة: «بعد أسبوع واحد من ممارسة الدبيب بنفس الأساليب التي تتبعها هذه الحيوانات، سوف تشعر بالحاجة الأكيدة للتخفيف من ركام الأدوية الذي تتناوله».
