للجان الثورية تاريخ معروف.. فهي البديل الموضوعي للاحزاب في الشقيقة ليبيا.. والتي حرمت النظرية العالمية الثالثة في الكتاب الأخضر.. الاحزاب.. بل أكدت ان من «تحزب خان». واللجان الثورية تعظيم ثوري.. يمثل سلطة الشعب ولا سلطة على الشعب.. إلا هذه اللجان ومن فوقها مؤتمر الشعب العربي العام في ليبيا. ومن حسن الصدف أن التقيت بالمفكر الثوري الليبي الراحل محمد المجذوب.. وهو من الثوريين الليبيين الحقيقيين ولعب دوراً كبيراً وضع النظرية العالمية الثالثة على أرض الواقع.والديمقراطية في اللجان الثورية متاحة في المؤتمرات الشعبية بحيث يجوز للعضو في هذه اللجان ان ينتقد اداء الدولة كما يرى وكما يريد محمود عابدين لنقف على رؤية على ما حدث في ليبيا ولماذا حدث.. وما هي رؤية تطور الصراع والقتال في ليبيا الحديثة، ولمن الغلبة في النهاية. لا أحد يشك في أهمية ليبيا.. ولا في امكاناتها التي اصبحت هدفاً للطامعين.. خاصة انها بقيادة احد قلاع الثوار ومعها سوريا الاسد.. بعد اسقاط ثورة تموز في العراق ،، الشهيد صدام حسين.. ..... محمود.. طرحنا عليه اسئلة جريئة وأجاب بوضوح وشفافية وثورية كاملة وهي الصفات التي عرفناها فيه منذ اكثر من ربع قرن من الزمان.. وهذه اللجان تم تدريب عضويتها تدريباً عسكرياً شاملاً.. شمل كافة انواع الاسلحة وكافة فنون القتال وقد لعب الراحل بابكر كرار دوراً مهماً في توضيح ابعاد النظرية العالمية الثالثة.. ومن بعده كان للاستاذ عبد الله زكريا دوراً مهماً. قبل «22» عاماً بالتقريب تكونت اللجان الثورية في السودان.. بقيادة المنسق العام الاستاذ محمود عابدين الذي اسهم كثيراً في تطبيع العلاقات بين حكومة الانقاذ والجماهيرية الليبية.. وكان ساعداً قوياً من سواعد الحكومة.. حيث عمل معتمداً لولاية القضارف ومعتمداً لولاية الجزيرة.. وكان يعمل بماكينة والي وليس معتمداً فالرجل ديناميكي ورجل ميداني ترك أثراً طيباً في كل مكان وتميز الرجل بالصدق الثوري وبالانضباط السلوكي العام والاخلاقي، وهو ما زال صامداً في موقعه النضالي والفكري والتزامه تجاه ثورة الفاتح من سبتمبر.. وقائدها معمر القذافي.. وفي خضم هذه الازمة التي تعيشها ليبيا كان لا بد لنا ان نلتقي بالاستاذ. * استاذ محمود عابدين، باعتبارك قائداً ومناضلاً ومن المهتمين بالفكر الجماهيري ومن الذين قادوا اللجان الثورية في السودان، وضح للقارئ الاسباب التي أدت إلى الانفجار في ليبيا بشكل غير متوقع، ليبيا لا تعاني من جوع ولا ازمة اقتصادية؟! - واضح أن النظام الجماهيري منذ فترات يعاني من تحركات المعارضة الليبية وهناك جولات كثيرة صارع فيها النظام الجماهيري التنظيمات الاسلامية لفترات متعددة، وظهور ليبيا كقلعة نضالية ومثال للتحرر العالمي ووضع بصماتها على الكثير من القضايا الدولية واصبحت رقماً اساسياً في حدوث بعض المشكلات الاقليمية ووجد الغرب انها تعوق البرنامج الاستراتيجي في المنطقة وضرب كل المصالح وتمردهم على الواقع، ومحاربة الاستيطان في فلسطين، كما تعرضت ليبيا من قبل للهجمة الشرسة على العراق من قبل امريكا وحلفائها، فكان لا بد من اثارة الفتن لتقسيم ليبيا وفق توزيعها القبلي والسيطرة على البترول الليبي حتى لا تحقق الحركة الاسلامية انتصاراً في المنطقة وتحدد طموحات مشاريع أسامة بن لادن التي تهدد المصالح الامريكية والاسرائيلية في الوطن العربي. أحداث مصر وتونس أثرت معنوياً في الرأي العام العربي ووجدت بعض القوى المضادة امكانية نقل هذه التجارب إلى ليبيا، مصر وتونس لهما تجربة سلمية في الأساس للتغيير، إلا أن ما حدث في ليبيا هو عمل عنيف بالاستيلاء على مراكز الشرطة ومواقع القوات المسلحة والسلاح والقيام بعمليات تدميرية. ولما كانت ليبيا لديها مشروع جماهيري ولا بد من المحافظة عليه، فكان لا بد من مواجهة العنف بالعنف من أجل إسكات هذه الأصوات وما زال الأمر مستمراً والصراع دائراً.. هو تمرد مسلح تقوده تنظيم القاعدة وتحرض الجماهير الليبية على القتال والغرض الثاني اعادة الاستعمار على أفريقيا والسيطرة على البترول. لكن الشاهد ان النظام الليبي لم يسقط بالطريقة السهلة كما حدث في نظام مصر وتونس، القتال مستمر والعنف يقابل العنف، في فترة وجيزة استطاعت الثورة ان تسيطر على بعض المواقف ولكن نحن على قناعة ان النظام الجماهيري سينتصر ويسيطر على الموقف أخيراً. * كيف ترى مستقبل النظام الجماهيري؟ - عامل آخر يدخل في الصراع.. عامل الاعلام.. الاعلام المعادي للنظام الجماهيري - ولا اتحدث عن اسماء- .. يقود جولة عالمية كاذبة ضد الثورة يعمل على تأجيج الصراع باعلان التمرد وانتصار الثورة. هناك شماتة في كثير من الدول العربية وخصوصاً في السودان، هم يريدون سقوط نظام القذافي.. * السودان عانى كثيراً من نظام قذافي، في فترات سابقة وحالياً، مرة صديق وأخرى عدواً؟ - أعتقد ان الاثنين وعشرين سنة التي حكمتها الانقاذ تدين كثيراً للنظام الليبي وأنا على صلة وثيقة بذلك. و على العلاقة بين الدولتين. * طيب، دعمهم لحركات دارفور؟ بصور مباشرة وغير مباشرة، لو قلنا انها انطلقت من ليبيا واردنا ان تقول ذلك نكون قد حجمنا المشكلة.. علاقة المشكلة ان ليبيا هي السبب وهي التي أججت الصراع في دارفور يقولون ذلك. لكن هذا لا ينفي ان القذافي دعم الحركات بالسلاح والمال، وشاركت ليبيا بصورة فاعلة في الغزو على أمدرمان بواسطة قوات خليل! - هذا كلام كاذب.. وتناولناه مع قيادات المؤتمر الوطني وكانت المسألة مختلفة تماماً عما تقول، الأدلة نفت الأتهام. * من أين لهم المال إذاً؟ - أوروبا كلها تدفع لحركات التحرير في دارفور.. أين يسكن علي الحاج؟ أين خليل ووين محبوب والناس الموجودين في لندن، العالم كله يدفع لتقسيم السودان وهذا السيناريو الموضوع الآن لتقسيم ليبيا لشرق وغرب.. أما تنفيس المشكلة بأن نظام القذافي دعم حركات دارفور أنا أتحدى من يثبت ذلك وحتى بذهاب القذافي أنا اتحدى له حل المشكلة في دارفور. * كيف تفسر التقلبات في السياسة الليبية، مثلاً مع امريكا الآن، ودعم ايران لضرب العراق بالصواريخ وأنا كنت شاهداً لذلك، وإتهامه بتمويل الحوثيين حسب افادات قيادات يمنية لي مباشرة لما كنت في اليمن، وعدم الثبات في السياسة كيف تفسر ذلك؟ - ليس هكذا، لكن استغرب كيف يدير وينظم المعاديين للنظام الليبي اشاعات وفي الآخر يصل إلى الحديث الذي قلته؟ مثلاً دعم الحوثيين أخرجته مخابرات دولة معينة عندها عداء مع ليبيا، والحديث عن العراق من وقف معهم وقوف الرجال والأحرار هم الليبيون، عندما ضرب الامريكان بيت العقيد سنة 1986 في ليبيا يؤكد انه سيكون واقفاً ضد امريكا حينها، بعدها تحولت العلاقة بشكل آخر مع ليبيا، العلاقات الدولية في أي مكان متقلبة وفق موازنات معينة، السودان مثلاً علاقته مع تشاد متقلبة وشهدت عداء مباشراً والآن في أحسن حالاتها.. العلاقة الدولية مبنية على مصالح وطالما المصالح (ماشة) وفق سياسة الدولة من حق أية دولة ان تبني علاقاتها بالشكل الذي تراه. لكن هنا تتدخل المخابرات، من زمن بعيد تعادي نظام القذافي وتنسب إليه مواضيع لا أساس لها من الصحة. * أستاذ محمود.. أنا زرت ليبيا كثيراً، الشعب الليبي يعيش في وضع اقتصادي جيد، لا أسباب تجعله يثور من مدخل الفقر، وأنت عزوت ما يحدث للقاعدة، هل هناك منافذ تدخل منها القاعدة لليبيا؟ - المنطقة الشرقية التي تشهد التوترات الآن، أصلها هي منطقة توترات منذ زمن طويل، حقيقة هناك عناصر كانت في السودان وافغانستان تابعين للقاعدة والنظام الليبي أعلن اسماء القائمين للعمل في «درنة» الآن ووضح انهم عناصر للقاعدة مطلوبين دولياً. * هل كانت هناك امكانية لمعالجة الأزمة في بدايتها قبل ان تتفاقم؟ - كان ممكن.. لكن هناك فتنة وفي إصرار من الغرب لتقسيم ليبيا في هذه السانحة، مصر مشغولة باحداثها وتونس كذلك والجزائر والسودان بالانفصال، المخابرات ترى أن هذا هو الوقت المناسب لتقسيم ليبيا والأخطر ان ليبيا الآن في طريقها للاستعمار. * تُستعمر؟ - أيوه- كل ليبيا تحت التهديد الآن.. الاطلنطي وامريكا وغيره. * هل هو تهديد جاد؟ - إذا لم يكن جاداً.. لماذا اتخذ مجلس الأمن قراره «1970»؟ * المتابعون يرون انه قرار للضغط؟ - يعني أوباما بعد قوله يجب ان يغادر القذافي هل تسمي هذا ضغطاً فقط؟ * لا،.. اوباما لا يستطيع بكلمة ان يجعل العقيد القذافي يسافر! والقذافي يدعو للقتال. - القذافي يقود مشروعاً جماهيرياً.. وللحفاظ عليه دعى للقتال وأنا متأكد ان اوباما ممكن يمشي من السلطة وغيره لكن معمر باقٍ لقيادة الثورة. * أعداء القذافي لماذا انضموا للقاعدة؟ - الهجمة الاعلامية تضلل.. تركز على الثورة وتتغافل على أنصار القذافي ويعتبرونهم غائبين لهذا لا أصدقهم. هم عندهم هدف - كانوا يرون ان نظام القذافي يمكن ان يرحل في يوم أو يومين.. لكنهم لا يعرفون.. الآن بدأوا يستنجدون بالغرب وامريكا بعد ان صدموا بقوة نظام القذافي. مثلاً قرار مجلس الأمن- حتى أريك مدى الأصرار الدولي على اسقاط النظام الجماهيري-، ممثل ليبيا في مجلس الأمن اعلن استقالته وبعد ذلك خاطب مجلس الأمن واستمع إليه، كيف تكون ممثلاً لدولتك وانت مستقيل؟! ومجلس الأمن اتخذ قراراً دون ان يرى أرض الواقع ويرسل لجان تحقيق، اعتمد على التصعيد الإعلامي والفبركة. المناظر التي رأيناها فيها مناظر من حرب البوسنة ومن حرب العراق ومجازر في أيران.. هي مدبلجة.. ما ممكن بتقنية حديثة ان تدبلج مجزرة في السودان دون ان تكون على أرض الواقع ويعتمد مجلس الأمن عليها كدليل للأدانة. فكيف يوافق العرب على ذلك القرار، الجامعة العربية نفسها قرارها كان ضعيفاً فيما يتعلق بأحداث ليبيا لا رأي عندهم لوساطة أو حوار إنما هي دعوة مبطنة يقصد به استفزاز النظام في ليبيا، أصدقاء ليبيا في العالم وافريقيا أبدوا مواقف شجاعة لدعم نظام القذافي أما الباقون فكما وصفهم القذافي انهم -خونة-. * إستقالة السفير عبد الرحمن شلقم ووزير الداخلية ورجال السلك الدبلوماسي في العديد من السفارات الليبية في العالم ومسئولون كبار.. هل انهار النظام؟ - .. ليس انهياراً للنظام.. أنما تطور ووقفة جيدة لإعادة النظر في الحكم، إذا حدثت فوضى، فلا بد من مزيد في الديمقراطية ولا بد من فرز الصفوف حتى لا تكون عرضة للاختراق المخابراتي مثل ما حدث لهؤلاء الذين تسيدوا على وظائف مرموقة وقيادية في الدولة. وصدمنا نحن بما بدر منهم. * هل كنت تتوقع هذه الاستقالات؟ - لا.. *....؟ يواصل- العداء أصلاً لسلطة الشعب، لماذا الشعب يحكم ويناقش ويشاور كل أموره هذا النظام متفرد في الأنظمة الدولية لهذا تآمروا عليه حتى لا يتمدد وحتى لا يخلد لانه يمثل هزة لأنظمة أخرى، الأصل في النظام وليس لسبب آخر ما يحدث في ليبيا الآن، الغرب تعودوا على القادة وليس المشاريع لهذا نحارب. * أستاذ محمود انتم كفصيل ثوري في السودان ماذا رتبتم لدعم مشروعكم في ليبيا؟ - المشروع في ليبيا قادر على ان يحمي نفسه، كثيرون يرون ان حركة اللجان الثورية في العالم هي امتداد للنظام الليبي، والحقيقة مش كده.. الارتباط بفكر القذافي وليس سلطته هو يرى أنها يمكن ان تنجح في أي مكان في العالم.. أنصار النظرية الجماهيرية هم المنتصرون، أما إذا دخلت اقدام اجنبية، سيكون لنا كلام آخر ليس دفاعاً عن ليبيا ولكن عن الفكرة الثورية.. الآن كحركة لجان ثورية نعبر عن آمالنا وحماسنا، ولكل مقام فعل.. * بعض المحسوبين على النظام الجماهيري في السودان، تحدث حديثاً لا يليق حول النظام الجماهيري واللجان الثورية، رغم أنه كان أحد المنظرين؟ - هو طبعاً، الحديث المخالف جزء من عملية الفرز للمنضوين للجان الثورية الذين تربطهم المصلحة فقط بالفكرة، لو انا عديت ليك خلال الاثنين وعشرين عاماً من نظام الانقاذ معمر القذافي بصفة شخصية، لعناصر شخصية في السودان ما قدمه لهم امر لا يصدق، لا يصدق، معني هذا انه صرف وقته وماله في من لا يستحق. * قادة احزاب كثير قدموا ولاءات لنظام معمر وصلت إلى حد تطبيق نظريته الثورية في السودان، أين هم الآن؟ - يبدو أن اخذتهم صدمة، من هول ما حدث، لكن علينا ان نذكرهم بالدين العالق في اعناقهم إن كانوا رجالا شرفاء، حقيقة هناك رموز اجتماعية وسياسية رفيعة في السودان لهم علاقة مميزة مع القذافي ويتعامل معهم على المستوى الشخصي ولكنهم صامتون.. نطالبهم ان يتكلموا. * الناطق الرسمي باسم اللجان الثورية في السودان، قال ان الازمة سببها أولاد القذافي، كيف ترى ذلك؟ - في تقديري ان اولاد معمر القذافي فرسان بوقفتهم البطولية مع مشروعهم، حتى لو عليهم ملاحظات، فهم دافعوا عن النظام والمشروع وأي حديث للتشكيك فيهم غير مقبول. * وأكامبو مرة أخرى؟ - يضحك- وضحت المؤامرة بظهوره، فليبيا والسودان في سرج واحد، واكامبو بصورة عاجلة قال جمعت الاذوانات، مفروض الاعلام السوداني يستفيد من ما يحدث الآن في حراك أوكامبو وأدعائه ومقارنته بما حدث في السودان من حيث عدم الدقة، وليبيا مناصرة للسودان والبشير ضد الجنائية، علينا اعادة قراءة احداث ليبيا من خلال المباشرة وليس بما تنقله آلات الاعلام المغرضة والتي تريد ان تهزم النظام الجماهيري بأى ثمن وليس النظر ان مصلحة السودان ببقاء القذافي أو ذهابه. * هل من أضافة؟ - في لوم للنظام السياسي هنا.. منعنا كلجان ثورية من الخروج لتأييد النظام الجماهيري، وليس هناك رأي حكومي واضح يدعو للهدوء والاستقرار في داخل ليبيا ومعارضة التدخل الأجنبي ورفض المحكمة الجنائية .. هذا لم يحدث.
