تونس - قرّبت الثورة التكنولوجية المسافات بل محتها نهائياً، فبضغطة زر تستطيع أن تتحدث مع أبعد شخص فى العالم فى التو والحال، ويمكنك أن تتفاعل معه ومع ثقافته الخاصة به وثقافته الإقليمية وثقافته العامة. وأصبحت التكنولوجيا الرقمية ومجتمع المعلومات من مميزات العولمة التى جعلت الكون قرية واحدة من خلال الأجهزة الرقمية ووسائل الاتصال المتعددة. وقد فتحت الانترنيت الباب أمام الجميع "فقراء وأغنياء" للنفاذ إليها بسهولةومجانا، إذ لدينا القدرة اليوم على استعمال الانترنيت واستخدامها بطريقة عادلة فى كافة دول العالم، وقد فتحت أمامنا أبوابا عريضة للتثقيف والتعليم. ففى أى مكان من العالم "من الجنوب أو الشمال" يمكن الاطلاع على موقع الكترونى أو موقع جامعة افتراضية والتعلم عن بعد بنفس الطريقة والوسيلة وبين كل فئات المجتمع فى كامل دول العالم، فالانترنيت تتيح بطريقة عادلة استخدامها والاطلاع على المواقع المختلفة. الخبير التونسى فى التكنولوجيا الطاهر الجبّارى يشير إلى أن الانترنيت هى اليوم ضرورة تربوية، والكتاب الالكترونى أصبح فى المتناول ويمكن قراءته بسهولة، فى أيّ زمان ومكان على عكس الكتاب الورقي، وهو يلائم متطلبات المتصفح سواء بتخزين المعلومات التى يحتاجها فى ما بعد أو إلغاء ما لا يحتاجه، كما يمكن للقارئ أن يحمّل كتابا بآلاف الأوراق فى شفرة صغيرة يحملها معه فى تنقله ويتصفحها متى شاء. ويضيف "أن المؤسسات التربوية فى العالم أو المكتبات خصوصا فى أمريكا استغنت عن كل ماهو مرجع ورقى وتم تجميعها فى كمبيوترات حيث يسهل البحث عن هذه المراجع والكتب". ويشير الجبارى فى هذا الصدد إلى ضرورة التوعية بأهمية التربية الرقمية التى أصبحت لغة العصر، حيث تم تأسيس جامعات افتراضية تقدم خدمة التعليم عن بعد دون الحاجة إلى التنقل أو الذهاب إلى الجامعات، بل تتيح هذه الخدمة التسجيل فى أى جامعة فى العالم ومتابعة الدراسة فيها دون التنقل إليها. لقد بات ضروريا أن يتم نشر الثقافة الرقمية التربوية، لأن الانترنيت اليوم أصبحت أساسية فى كل دول العالم، وقد أنشأت آلافا بل ملايين المواقع الرقمية، وتم الاستغناء عن الورق ليحلّ محله العالم الافتراضي. أن تواكب الحداثة والتطور الإعلامى الذى تشهده شعوب العالم اليوم، وأن تبث ثقافة رقمية تكون فى متناول جميع الفئات العمرية ذلك هو رهان العولمة الذى فرضته الوسائط المتعددة والتفتح التكنولوجي. حيث أضحت الانترنيت لغة العصر التى ألقت بظلالها على المعاملات اليومية، فأصبح التخاطب والتواصل بالانترنيت والحاسوب المحمول والإبحار على الشبكة العنكبوتية رهان تطور الشعوب ومواكبتها الحداثة "التكنولوجية"، والاستعمال الهائل للتكنولوجيا جعل المستخدمين يعتبرون الانترنيت ضرورة ملحة فى عالم أصبحت فيه التكنولوجيا مقياسا للتقدم. ونظرا لما تقدمه الانترنيت من خدمات مثل: تقنيات التخاطب، والبريد الالكتروني، وبروتوكولات نقل المعلومات أضحت اليوم ظاهرة لها تأثيرها الاجتماعى والثقافى على المستوى العالمي، واستطاعت أن تغير المفاهيم التقليدية، الاقتصادية والمعرفية من عمل وتعليم وتجارة، لتصبح سيدة الموقف سواء تعلق الأمر بالجانب الترفيهى أو الجانب التثقيفي. غير أن هذا التوجه الكلى إلى التكنولوجيا والوسائط المتعددة وإن تميز بمحاسنه فهو لا شك له جانب قاتم يتمثل فى الهوة الرقمية التى بدأت تتسع بين بلدان الشمال والجنوب، والتى تعكس حقيقة وجود هوة معرفية، إذ أن الفجوة فى النفاذ إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تنتج عنها اختلافات عديدة. لا جدال فى أن الانترنيت قد أتاحت فرصا تعليمية عديدة لكن يبقى الانتباه إلى سلبياتها ضرورة حتمية للمستخدم الذى لا يجب أن ينساق فى تيارها دون الاستفادة منها بما يتماشى ومتطلباته، فالانترنيت اليوم هى من منتجات العولمة التى قربت المسافات بين دول العالم، لكن الاحتياط والحذر واجب لأن أى تطور جديد له مآخذ وإيجابيات. وحسب احصائيات دولية فقد تزايد عدد مستخدمى الكمبيوتر فى العالم حيث نمت الانترنيت منذ عام 1995 إلى 2005، من 400 مليون مستخدم إلى مليار مستخدم لأغراض مختلفة لا تقتصر على التثقيف أو التعليم فحسب بل تعدتها إلى الجانب الترفيهى مثل الألعاب الالكترونية والمحادثات عبر أنظمة "التشات"، والموسيقى ومشاهدة الأفلام. وهذه الاستعمالات المتعددة تجعل المستخدم قريبا من سلبياتها مما يفرض عليه وعيا بضرورة الأمن الرقمى الذى يقيه من أشكال القرصنة الرقمية أو التعرض إلى الفيروسات. معز الصوابنى "مدير الجمعية التونسية للأنترنيت والوسائط المتعددة" يرى أن أمن المعلومات والتوعية الأمنية والرقمية ضرورية للمستخدم حتى لا يسقط فى فك الاستغلال الشبكي، لأن الانترنيت ولئن تعددت إيجابياتها لا تخلو من وجود نقاط سلبية فيها وهو ما يستوجب الاطلاع على أنظمة الأمن التقنى وكل ما له علاقة بالأمن المعلوماتي. ويضيف معز " الثقافة الرقمية أصبحت نواة لكل أعمالنا واستخداماتنا فى شتى أنواع الحياة المعرفية والحياتية. فالثقافة الرقمية تعتمد اعتماداً كلياً على المعرفة بالعمل الإلكترونى وأدواته العديدة وباتت من ركائز العمل اليومى المعيش. ولذلك فالمؤسسات والهياكل المختصة فى الانترنيت وجب عليها العمل لنشر الثقافة الرقمية والأمن التقنى لكل فئات المجتمع خصوصا فى الدول النامية التى عليها أن تتجاوز الهوة الرقمية وأن تلحق بركب الدول المتقدمة". الأكيد أن النفاذ إلى الانترنيت أمر سهل ومتاح لكل شعوب العالم، لكن الأمر الذى يجب التفطن إليه هو مدى الاستفادة منها وعدم الوقوع فريسة لسلبياتها، بل الأخذ منها بما يخدم متطلباته وطموحاته.