قام ضباط جهاز التحقيقات الفيدرالي مطلع هذا الشهر بتفتيش الشقة التي يسكن بها روبرت ماكفارلين بمبنى ووترقيت الشهير بالعاصمة واشنطون بحثاً عن ادلة تربطه بالتعامل مع الحكومة السودانية. ماكفارلين, واسمه الكامل روبرت كارل بد, ولد في الثاني عشر من يوليو 1937, وتخرج في الأكاديمية البحرية بأنابوليس في 1955. ومن ثم عمل جل حياته المهنية بالبحرية الأمريكية. في عام 1983 عينهُ الرئيس ريغان مبعوثاً خاصاً له في الشرق الأوسط, ومسؤولاً عن ملف المفاوضات العربية الإسرائيلية. وقد تعرَّض ماكفارلين لإنتقادات شديدة بسبب إتهامه بتوريط للجيش الأمريكي في الحرب الاهلية بلبنان عندما قامت البارجات الامريكية بقصف قوات المعارضة اللبنانية, وهو الأمر الذي يعتقد أن يكون قد ادَّى لتفجير معسكر الجنود الأمريكيين في بيروت عام 1983 و الذي راح ضحيته 241 جندياً امريكياً. بعد عودته من مهمته في الشرق الأوسط إختاره الرئيس ريغان لملء منصب مستشار الامن القومي حيث شغله في الفترة من 1983 وحتى 1985. و خلال تقلده منصب مستشار الأمن القومي أصبح فارلين المهندس الأول لما عرف ب "مبادرة الإستراتيجية الدفاعية" الهادفة للدفاع عن الولاياتالمتحدة حال تعرضها لهجوم صاروخي, ومن ثم ظهر تورطهُ فيما عُرف بفضيحة السلاح الإيرانية الشهيرة " إيران قيت" التي تم فيها بيع أسلحة امريكية للحكومة الإيرانية رغم وجود حظر أمريكي عليها, حيث أمَّل جهاز المخابرات الأمريكي حينها في إستخدام أموال الصفقة على لدعم متمردي "الكونترا" الذين كانوا يحاربون الحكومة الشيوعية في نيكاراجوا. وجاءت مداهمة شقته السكنية للشكوك في أنهُ قد تجاوز القوانين الأمريكية للعمل إنابة عن الحكومة السودانية التي فرضت عليها الحكومة الامريكية عقوبات إقتصادية منذ العام 1997. و بحسب محامي ماكفارلين فإنّ مكتب التحقيقات الفيدرالي لم يوجه حتى الآن تهماً جنائية ضد موكله. ونسب للمتحدث بإسم المدعى العام بيتر كار القول إنَّ ( ماك فارلين يتعاون مع التحقيقات الجارية, وقد عبَّر بواسطة مستشاريه القانونيين عن براءته من تهمة تمثيل الحكومة السودانية). وقال محامي ماكفارلين, باري ليفين أنَّ موكله " رجلٌ وطني, وصاحب حس إنساني رفيع, وأنه يتعاطف بشدة مع قضية دارفور, وبالتأكيد هو لم يخرق أى قوانين". وتقوم أدِّلة مكتب التحقيقات الفيدرالي على النظر في تاريخ طويل من علاقة ماك فارلين المزعومة مع مسؤولين سودانيين, حيث إستمرت تحقيقاتهم لأكثر من عامين, بعد ان جمَّع عملاء مكتب التحقيقات أدلة حصلوا عليها داخل "سلة للقمامة" في فرجينيا أثناء بحثهم عن شىء يقودهم للكشف عن علاقة ماك فارلين بمسؤولين سودانيين. وقال مكتب التحقيقات الفيدرالي أنهم عثروا على مجموعة من الرسائل الإلكترونية "إيميل" يعتقدون انها ارسلت لماكفارلين من شخص ينتمي للمخابرات السودانية. وقال ضابط مكتب التحقيقات الفيدرالي جرايدن ريد في وثيقته المقدمة للمحكمة, أنه بعد مراجعة الرسائل الإلكترونية التي يرجع تاريخها للعام 2009 "يعتقد أنًّ هذه الرسائل تشكل دليلاً على توصل ماكفارلين لإتفاق مع الحكومة السودانية للضغط لصالحها عند المسئولين الامريكيين, ولتقديم المشورة لها خلال تفاوضها مع حكومة الولاياتالمتحدة". وأضاف الضابط " يبدو أنَّ ماكفارلين ومسؤول الإتصال السوداني عمدا إلى ترتيب الصفقة بحيث يظهر الأول وكأنه يمثل دولة قطر التي تعتبر حليفاً لأمريكا". وبحسب مكتب التحقيقات الفيدرالي فإن مسؤول الإتصال السوداني مع ماك فارلين, كان دبلوماسياً إسمه حسن بابكر يعمل بالمخابرات السودانية. ويقول مكتب التحقيقات أنَّ بابكر أبلغ ماكفارلين أنَّ القضايا الثلاث التي يرغب في مناقشتها مع الحكومة الامريكية تشمل قضية السلام في إقليم دارفور بغرب السودان, والعقوبات الامريكية المفروضة حالياً على السودان بما فيها وضع السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب في العالم, ودور اولايات المتحدة في تعزيز السلام والوحدة في السودان. و لم يقدم الادعاء أي معلومات عن إجراءات قانونية في القضية، لكنه اعترف أنها ستجري في المقاطعة الشرقية من ولاية فرجينيا.